يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "فارس نطحة أو نطحتان ثم لا فارس بعد هذا أما الروم ذات القرون كلما هلك قرن خلفه قرن أهل صبر وأهله أهل لآخر الدهر هم أصحابكم مادام في العيش خير" كنز العمال جـ2 حديث رقم 2351
إن الناظر في هذا التوجيه النبوي يتبين له أن المواجهة مع الغرب تتسم بالاستمرار، وهو يشير إلى الغرب بلفظ الروم فالغرب هو التحدي الأكبر لدار الإسلام وهو تحد عنيد مستمر كلما هلك جيل من الغرب خلفه جيل آخر ذو صبر على متطلبات المواجهة وتكاليفها والأمثلة لهذا تمثلت مظاهرها في الأندلس وصقلية وشرق أوروبا وفي الكرات والهجمات المتوالية على دار الإسلام عبر ثغور بلاد الشام ومصر والمغرب العربي وفي معابر البحر الأحمر والمحيط الهندي.
ولقد بدأت معالم هذا التحدي الأكبر منذ حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وغزواته في الشام لتمهيد الأرضية للمواجهة مع الدولة البيزنطية ومن أبرزها غزوتي مؤتة وتبوك.
وظهرت المواجهة الكبرى مع الدولة البيزنطية في أيام الخلفاء الراشديين والخلافة الأموية ومن بعدها العباسية مرورا بالمواجهة في الأندلس التي فتحت جبهة جديدة للمواجهة مع الغرب في الأندلس وفرنسا وكان آخرها المواجهة مع شارل مارتن في موقعة بلاط الشهداء التي هزم فيها المسلمون فكانت المواجهة سجالا بين المسلمين والغرب سواء في شرق أوروبا أو غربها.
ولكن المنعطف الخطير في هذا الصراع الطويل كان مع الحروب الصليبية التي قام فيها الغرب بمهاجمة المسلمين في عقر دارهم يوما ما لأول مرة منذ بداية الصراع والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وبيت المقدس في الحملة الصليبية الأولى التي لم تكن دوافعها دينية بحتة كما يظهر في ذلك من مراجعة خطبة البابا أوربان الخامس التي وجهها إلى مقاتلي الحملة حيث أن الدوافع كانت دينية اقتصادية وهنا نتذكر قول المؤرخ البريطاني هيربيرت فيشر حيث قال "منذ متى والدين هو الدافع الوحيد لنا" هذه الحملة نقلت الصراع إلى أراضي المسلمين وهو مايمثل تحديا خطيرا للقوى الإسلامية فكان عليها أن توجه تجاهه الاستجابة المناسبة والمجدية لرد هذا التحدي وهنا وقبل سرد بقية مراحل الصراع لابد من التوقف لإبداء ملاحظتين.
الأولى:
لابد لفهم عملية الصراع أن نفهم ما قدمه توينبي صاحب نظرية التفسير الحضاري عن مفهوم التحدي والاستجابة حيث أن الحضارات تواجه مجموعة من التحديات (مواقف وظروف ومشكلات صعبة) يتم التعامل معها إما باستجابات ناجحة تؤدي إلى التغلب عليها والوصول إلى تحقيق الهدف المنشود وإلى استجابات فاشلة لاتؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود.
ويرى أرنولد توينبي أن الفئة ذات الرؤية والتصور والتي تطرح رؤية للمستقبل لمواجهة التحديات هم المعول عليهم في عملية المواجهة وتحقيق الاستجابة الناجحة بشرط أن تنقاد لها الأغلبية وحينها يقودوا المجتمعات للتغلب على ما يواجههم من عقبات.
الثانية:
أن من كتبوا في هذه المرحلة التاريخية في الصراع بين المسلمين والغرب (الحروب الصليبية) قد اتخذوا أسلوبا معينا وهو يبدأ باستعراض الحملات الصليبية والمجازر والأهوال التي رافقت هذه الحملة ثم يقفزون مدة نصف قرن من الزمان ليتحدثوا عن حركة الجهاد العسكري التي قادها آل زنكي ثم صلاح الدين وقد انتهت بتحرير البلاد وتطهير المقدسات وهذا تصور مخالف تماما لما ذكرته المصادر التاريخية الأصلية التي أرخت للأحداث والآثار التي تركها الذين عاصروا تلك الوقائع وشاركوا فيها كما سنبين إن شاء الله.
ومن خلال فهمنا للملاحظتين السابقتين يتضح لنا ما حدث في هذه المرحلة من الصراع وما تلتها من مراحل.
لقد قامت خلال هذه المرحلة مدارس تغييرية – سواء مدرسة الغزالي أو مدرسة عبد القادر الجيلاني – لتغيير الوضع القائم في المجتمعات الإسلامية وتحقيق الاستجابة الناجحة للتحدي الصليبي وخلصوا إلى أن العلاج يتلخص في:
ولقد أدركت هذه القيادات أن (مركز الثقل) في الصراع الاستراتيجي مع القوى الغربية هو توحيد مصر والشام، حيث أنهما معا هما الهلال الأمني لبلاد المسلمين حيث أن عملية التوحيد للشام ومصر هي التي مكنت صلاح الدين بعد ذلك من محاصرة المشروع الصليبي وإعادة القدس وتمهيد الطريق للقضاء التام على هذا المشروع في بلاد المسلمين في مراحل لاحقة ولكن لايفوتنا هنا أن ننبه على تغيير حدث في العقلية الغربية في المواجهة مع المسلمين ظهر في الحملتين الخامسة والسابعة حيث تبين لهم أن مركز القوة الحقيقي للمسلمين هو في مصر ولهذا وجهوا حملاتهم إليها ولكن فشلت محاولات غزو مصر.
واستمرت المواجهة حتى استطاع المسلمون في عهد الأشرف خليل إخراج الصليبين تماما في بلاد المسلمين ثم استكمل من بعده من سلاطين المماليك تطهير البحر المتوسط من الوجود الصليبي تماما فنجد أنها كانت استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع التحدي الصليبي امتدت لعدة أجيال ومراحل بداية من حركات التغيير في المجتمع المسلم ومن أبرزها مدرستي الغزالي والجيلاني، مرورا بالدولة الزنكية ثم صلاح الدين والدولة الأيوبية ثم دولة المماليك صراع طويل وكفاح وجهاد ومثابرة لكن برؤية واضحة واستجابة ناجحة.
ولكن المشاريع الصليبية استمرت في هذه المرحلة الفارقة بين مرحلتين (القرن الرابع عشر الميلادي) فقد ظهرت تقارير واستراتيجيات الهدف منها العودة إلى أراضي فلسطين مرة أخرى، وضعها رجال دين وبتشجيع من البابوية وما احتوته تلك التقارير من خطط كاملة وضعها منظروها لمواجهة كافة الاحتمالات التي تؤدي إلى نجاح المشروع أو الجملة المقترحة مثل كيفية الإعداد للحملة واستراتيجية حربها وتمويلها و قيادتها والطرق المتوقع السير فيها والأماكن المنتظر الاستيلاء عليها وكيفية حكمها والنتائج المتوقع الحصول عليها في تلك المشاريع ولكن لم يتعد الأمر في تلك المشاريع على الخروج من خطط الأوراق إلى الواقع العملي ولكنها في الحقيقة كانت تمهيدا لرؤية استراتيجية جديدة للتعامل مع الصراع مع المسلمين ظهرت في مرحلة لاحقة.
ظهرت على المسرح الأوروبي شخصية جديدة وهي "هنري الملاح" الابن الثالث لملك البرتغال والذي شارك وهو في سن الخامسة عشر في الاستيلاء على مدينة سبتة المغربية 1415م ولكنه قدم رؤية جديدة حيث أنه آثر أن ينعزل في جزيرة من جزر البحر المتوسط مع مجموعة من البحارة والجغرافيين والفلكيين وذلك للتفاعل استراتيجيا مع القوى الإسلامية وكانت الرؤية الجديدة ترتكز على أن القوة العسكرية ترتكز على القوة الاقتصادية لتجارة التوابل القادمة من الهند فكان الحل هو الوصول إلى الهند لضرب هذه التجارة وبالتالي ضرب القوة الاقتصادية لقوة المماليك الإسلامية وبالتالي انهيار القوة العسكرية.
ولقد استمر العمل على هذا المشروع سنوات طويلة ومحاولات دؤوبة لتجاوز المحيط الأطلنطي والدوران حول قارة أفريقيا ومن الجدير بالذكر أن هنري الملاح صاحب المشروع توفي 1460م في حين أن بارثلميودياز لم يصل إلى رأس الرجاء الصالح إلا في 1498م ووصل بعدها فاسكو داجاما إلى الهند بعد ذلك تحالف مع الهندوس ضد المسلمين وحصلت المواجهة الكبرى مع المماليك في موقعة ديو البحرية 1509م أو التي كانت قاصمة الظهر لقوة المماليك العسكرية وسيطرتها البحرية على البحر الأحمر وبحر العرب وارتفع نجم الغرب في المواجهة مع المسلمين.
في هذه الفترة ظهرت السلطنة العثمانية كقوة عسكرية إسلامية جديدة في الصراع مع الغرب ولكنها مع جهدها الهائل في الجهاد ضد الغرب سواء في القتال في أوروبا الشرقية حتى الوصول إلى أسوار فيينا 1529م أو الجهود في البحر المتوسط (خيرالدين بربروسا وعروج بربروسا) كان مشروع الدولة العثمانية لاستعادة الأندلس وإخراج الغرب من المدن التي استولى عليها في سواحل الجزائر والمغرب ولكن في الحقيقة فإن الدولة العثمانية على جهدها الكبير في الصراع مع الغرب وماقدمته من حماية بلاد المسلمين والحفاظ على وحدتها ولكن لم تقدم رؤية استراتيجية متكاملة كاستجابة ناجحة للتعامل مع التحدي الغربي وذلك مقارنة بالاستجابة الناجمة من الغرب كما ظهر في رؤية هنري الملاح.
كانت الرؤية التي قدمت أيام هنري الملاح تهدف إلى هدفين:
الأول: تحطيم القوة الاقتصادية لقوة المماليك وبالتالي انهيار القوة العسكرية.
الثاني: تطويق المسلمين من الأطراف بعد إدراك استحالة اختراق العمق الإسلامي (خبرة الحروب الصليبية) ومن هنا بدأت المرحلة الأولى للاحتلال الغربي لأراضي المسلمين.
وبدأت أولا من خلال احتلال غير مباشر ثم انتقلت إلى احتلال مباشر وبدأ العمل بعد ذلك للوصول إلى الاستيلاء على العمق الإسلامي من خلال تهيئة الأرض لذلك من خلال إيجاد نخب مناصرة للغرب داخل بلاد المسلمين وكان هذا دور البعثات التبشيرية في الشام ومصر وأيضا من خلال إضعاف الدولة العثمانية والسيطرة الفعلية على القرار السياسي فيها ثم من خلال مناهج التعليم في فترة الاحتلال المباشر وتم وضع هذه النخبة العلمانية في أماكن القيادة السياسية والتوجه الثقافي والفكري للجماهير وما سعد زغلول وطه حسين منا ببعيد.
كان للصعود الحضاري للغرب وصعود القوة المسلحة للغرب في الوقت الذي كان فيه الانهيار الحضاري للمسلمين والضعف السياسي والاقتصادي والعسكري كل هذا كان له أثر في عدم وجود مشروع استراتيجي لإعادة نهضة المسلمين أو تقديم استجابة ناجحة للتعامل مع التحدي الغربي الذي اخترق بلاد المسلمين ووصل إلى أقصاه في الحملة الفرنسية لمصر والتي كانت البداية الحقيقية لاختراق العمق الإسلامي بعد ما كان الاحتلال لأطراف العالم الإسلامي في المرحلة الأولى.
كان الهدف من احتلال العمق الإسلامي هو الوصول إلى إيجاد نخبة سياسية وثقافية وعسكرية موالية للغرب في بلاد المسلمين، نخبة متغربة في ثقافتها وسلوكها علمانية في أفكارها وتصورها للحياة والدولة والمجتمع بالإضافة لذلك استغلال بلاد المسلمين اقتصاديا لصالح الغرب من خلال نهب ثروات المسلمين وتحويلها إلى الغرب مع السيطرة على الممرات المائية الرئيسية في العالم والتي هي في معظمها في أراضي المسلمين وفي مرحلة لاحقة زرعت القوى الغربية الكيان الصهيوني في بلاد المسلمين بدوافع دينية ولضمان السيطرة الغربية على بلاد المسلمين من خلال هذا الحليف الاستراتيجي للعالم الغربي في عمق بلاد المسلمين.
وعلى ذلك لابد أن نفهم أن الانعطاف التاريخي (للصراع مع الغرب) أنه عندما دخل الاستعمار الغربي في قلب العالم الإسلامي أعاد تشكيل المنطقة وفرض منظومة الهيمنة وبالرغم من ذهاب الاستعمار المباشر من العالم الإسلامي إلا أن منظومة الهيمنة تعمل آلياتها وتساهم في وضع المنطقة في (أسر) جماعي وسقف لا يمكن تجاوزه، فالولايات المتحدة "زعيمة العالم العربي الآن" لها خطوط حمراء لا تسمح لأحد أن يتجاوزها وهي (علمانية الدولة – أمن إسرائيل – تأمين المصالح الاقتصادية للغرب – وقف المد الجهادي) ولو أردنا أن نلخص ما لا تسمح به الولايات المتحدة فنقول (إسلامية الدولة – استقلالية الدولة(.
وهذا ما حدث في الجزائر عام 1992م مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ من إيقاف الاستحقاق الانتخابي والدخول بالدولة في نفق الحرب الأهلية وذلك لأن هذا يهدد علمانية الدولة وهذا ماحدث في مصر مع الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي حيث أنه حدث ثلاثة أمور:
الأول: المادة 219 في الدستور وهي تهدد علمانية الدولة والتي هددت السفارة الامريكية في اتصال لها مع قيادات حزب الوسط أنكم ستعاقبون على ذلك "وهذا ما ورد على لسان نائب رئيس حزب الوسط"،
الثاني: كشف الرئيس مرسي لرؤيته لتحقيق استقلالية الدولة وخروجها من التبعية (إنتاج الغذاء – الدواء – السلاح)
الثالث: موقفه من حرب غزة 2012 وتأييده لحماس وإنهائه لاتفاق هدنة ينهي حصار غزة.
فهو قد هدد علمانية الدولة – التبعية الغربية – وأمن إسرائيل فحرك الغرب من خلال أدواته في مصر النخبة العلمانية والجيش "العلماني" لإجهاض والقضاء على هذه التجربة.
وإن من الأحداث الفاصلة في الصراع مع الغرب غزوتي نيويورك وواشنطن 2001م فكان لهما أثر واضح في إظهار من العدو وأنه لابد من استجابة ناجحة لتحدي هذا العدو مما جعل الكثير من الإسلاميين ينتبهون لحقيقة الواقع ويعيدون حساباتهم في التعامل معه وهذا لاينفي أن كثيرًا من الإسلاميين أيضا يغفلون عن هذا الأمر.
الحقائق التي لابد أن نفهمها أننا في حالة احتلال للعالم العربي والإسلامي وأن عدونا هو الغرب العلماني وأذنابه من النخبة العلمانية في بلاد المسلمين بتنوعاتها (السياسية – الثقافية – الاقتصادية – العسكرية) وبتوجهاتها الفكرية (ليبرالية – قومية – ناصرية – ماركسية) فهذا هو (فقه الواقع) فالحكم على الشيء فرع عن تصوره لابد من معرفة هذه الخلفيات التاريخية والحاضرة لمعرفة التحدي وتقديم الاستجابة ولعودة الخلافة الإسلامية التي تعيد العزة والقوة للمسلمين في العالم.
إن قراءة دروس التاريخ – كما أسلفنا في بعض حوادثه – تبين بوضوح أنه لابد أولا من إيجاد نخبة "إسلامية" تتصف بأنها قادرة على وضع وتنفيذ خطة نهضوية للعالم الإسلامي وقادرة على إدارة الصراع مع الغرب وأذنابه وقادرة على إدارة الدول، هذه النخبة ليست كيانا ثقافيا منعزلا في برجه العاجي وإنما هي نخبة تعيش قسوة الأحداث وتتجرع مرارة التجارب والأخطاء وتذوق حلاوة الإصابة.
إنها نخبة حققت الإخلاص وباعت كل دنياها من أجل دينها، نخبة جادة لا تتهاون في تحقيق أهدافها أو تحقيق إعدادها للمواجهة، نخبة تظل تدرس وتدرس وتدرس حتى تحقق الفهم المتكامل، تدرس السياسة والاجتماع والتربية والإدارة والتاريخ والإعلام وغيرها من العلوم الإنسانية حتى يتسنى لها أن تكون مؤهلة للقيادة والتوجيه، نخبة تحمل في طياتها فريقين، فريق يتسلم القيادة الفكرية ويتجمع في مراكز الدراسات والبحوث ليتفكروا في مشكلات العالم الإسلامي ويبصروا قوانين الله في بناء المجتمعات وفريق يتسلم القيادة السياسية ويحول هذه القوانين إلى خطط واستراتيجيات والخطوة التالية لإعداد هذه النخبة هي قيام هذه النخبة بتحصيل مفاصل القوة في المجتمعات وهي (الإعلام – الاقتصاد – العسكر) هذا التحصيل للقوة هو الذي يؤهل لمرحلة المواجهة في الصراع المشتد مع الغرب وأدواته في الداخل.
ولابد هنا أن نبين أمرين:
الأول: أن إدارة أي صراع هي فن وعلم له قواعد وضوابط :-
تتحصل من خلال القراءات والدراسات في التاريخ العام والتاريخ العسكري وعلوم الاستراتيجية وكتب الممارسة السياسية ولا مجال فيه للاجتهاد الشخصي ولا للخبرة الشخصية ولا لحسن الظن ولا للدروشة ولكن هناك مجال للإبداع في إدارة الصراع في ظل العلم.
الثاني: أن مركز الثقل فيه هو (الجماهير) :-
)الرأي العام) (الناس) (الشعب) : فكما قال المفكر الاستراتيجي كلوز فيتزفان "مركز الثقل في الصراع الأهلي هو (الجماهير) "
إن الاستراتيجية المتبعة دائما لأعدائنا – كما رأينا في هذا الانقلاب على الرئيس مرسي – هو عزل الحركة الإسلامية عن الجماهير ووضعها في فضاء من عداوة الجماهير لها وهذا أمر واضح ويجعلنا نخسر المعركة في كل مرة، ولذلك لابد لنا من فهم هذه الحقيقة وإعطائها قدرها من الاهتمام البالغ ووضع آليات ووسائل ومؤسسات – نبتكرها نحن – لكسب الرأي العام لصفنا وكسر حالة العزلة المفروضة علينا في إطار علوم الدعاية والإعلام والرأي العام، وإدراك مركز الثقل في أي صراع والتعامل معه بنجاح يضمن النصر بإذن الله.
إن حسم الصراع مع الغرب العلماني وأذنابه من النخب العلمانية في بلاد المسلمين لايكون إلا بالمواجهة الفكرية والسياسية والاستراتيجية من خلال إعداد طويل وجاد للوصول لحالة التفوق الاستراتيجي على الخصم.
ولنكن واضحين في أن الرهان في مواجهة مشروع الهيمنة الغربية يقع على "الأمة" ككل وليس فقط مجموعات أو جماعات محددة يمكن أن تقوم بدورها في قيادة المدافعة والمقاومة وهي عملية متعددة الجوانب الاقتصادية والسياسية والفكرية والاستراتيجية وهي تراكمية النتائج وسوف تستمر إلى أجل معروف وتحقق فيها النقلات الفرعية فقط عندما نكون مؤهلين لذلك وعلى قدر الأمانة والمسؤولية، إن الأمر جد خطير وهو واجب في أعناقنا لا خلوص لنا عنه إلا بتحقيقه على الوجه الذي يرضي ربنا.
وهنا أتذكر تصريحا لأحد قيادات النصيرية في جبل محسن في لبنان وهم في مواجهة دائمة مع أهل السنة في طرابلس الشام حينما قال "القتال عندنا مثل الخبز بل أهم من الخبز" فهل نحن القتال عندنا أهم من الخبز!؟ ألم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الوهن تحذيرًا منه "حب الدنيا وكراهية الموت" وأتذكر هنا أيضا قول ذلك العلماني بعد مذبحة الحرس الجمهوري حينما قال "نزلت دماء وستنزل دمااااء" يومها علقت على الفيسبوك قائلا: كم من أبناء الحركة الإسلامية عنده هذه الرؤية الواضحة يعرف من عدوه وكيف يواجهه المواجهة الصحيحة!! لابد من رؤية واضحة وطريق مستقيم ونصيحة خالصة حتى نعرف وجهتنا وواجبنا وكي لا نستغرق في الحدث.
تعليقات
مقال طيب فجزاك الله خيرا، ولكن لابد من التذكير بأن الحديث الذي افتتح به المقال هو حديث ضعيف (راجع سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني برقم 3999 ، وضعيف الجامع الصغير برقم 3954 ) فهو حديث مرسل.