وقت القراءة: 18 دقائق/دقيقة (3583 كلمات/كلمة)

الدعوة السلفية وخيانة الفكر الإسلامي !! (1)

-6

بسم الله الرحمن الرحيم

الدعوة السلفية وخيانة الفكر الإسلامي !! (1)

******

كنت قد أعددت كتاباً قبل ثورة يناير 2011م وبعدها بنحو السنتين تقريباً، في مباحث الفكر الإسلامي، وكان من أواخر مباحثه باب في الخيانة المعاصرة للفكر الإسلامي، من قِبَل ما يسمى بـ"الدعوة السلفية"، بفصيليها المعروفَيْن في الواقع بـ"السلفية الحركية أو التنظيمية" التي تعتمد التنظيم والعمل الجماعي في هيكلها وحركتها نوعاً ما، هذا من جهة ومن جهةٍ أخرى "السلفية الفردية العلمية"، التي تعنى بالعلم فقط درساً وتدريساً دونما اكتراث بالحركة والتنظيم والعمل الجماعي، بل ربما نابذت ذلك ووصمته بالبدعية، والتي عرفت أيضاً بسلفية الشيخ والتلميذ !!

ثم تبدى لي ألا أنشر ذاك الكتاب لعدم أهلية مثلي للتأليف والتصنيف من جهة، مكتفياً بنشره على سبيل الرأي والنصيحة في صورة المقالات والمحاضرات ونحوها، ولما قامت الثورة شُغِلت مع غيري بما هو أعظم من ذلك من جهة أخرى، وهو تفنيد مواقف المدعو "ياسر برهامي" الآنية من الثورة وأحداثها، إلى جانب مواقفه من الدعوة وشخصنتها، ورصد تحركاته مع الأجهزة وموالاته لها على حساب الدين والحق والأوطان، وعلى حساب كل قيمة وكل مبدأ !

فلما كان الإنقلاب، وكان ما كان من برهامي وحزبه ودعوته السكندرية، بما ظهر عوارُه وفساده للكافة، ذهب عني تلقائياً موضوع نشر الكتاب ذاك إلى مسافة بعيدة، وكنت قد سطرت قبل ست سنوات خلاصة الموقف من الدعوة السلفية تلك بفصيليْها :

* الجماعي المتمثل في برهامي وحزبه وسكندريته ومن شايعها من محافظات البحيرة وكفر الشيخ ومطروح خصوصاً .

* والفردي المتمثل في الحويني وحسان والعدوي والبدوي وهلم جرا !!

وذلك ضمن مباحث الكتاب الذي كنت قد أزمعت إصداره لإخواني وطلبتي في مادة الفكر الإسلامي، ثم هممت أن أنشره مرة أخرى لظني أنه ربما أفاد أحداً أو يكون على الأقل حقبقة على الطريق يأخذها من يريدها ويطرحها من يأباها، وقد طرقت به باب المطابع فعلاً، فزهدوا فيه لما سيثيره من زوابع مع الأجهزة من جهة، وكذا ما يثيره مع أصنام السلفية وسدنتها من المنتفعين بها والمخدوعين فيها من جهةٍ أخرى .

ثم بعد سقوط السلفية السعودية المخابراتية المُدوِّي رُزِقت فهم العودة إلى روضات مذاهب الأئمة الأربعة في فهم الدين، والتلقي المباشر منهم بلا واسطة سلفيات مدَّعاة، وعرفت حينئذٍ قدري كطفل يحاول أن يحبو نحو الروضة الشافعية (كى جى 1)، رغم إشرافي على الخامسة والستين، فقررت أن أبدأ من جديد تلميذاً صغيراً في مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وأعرضت عن نشر كتاب الفكر الإسلامي كمُصَنَّف خصوصاً، وعن مرض التشبع بما لم نعط وعيش دور المشايخ بشكلٍ عام، وإن نشرت فحواه ومضمونه في صورة الرأي والمقالات والمحاضرات، نصحاً وبياناً لمن يهمه الأمرُ ويقبل المضمون !!

فقررت أن أشرع في ذلك على الفور مستعيناً بالله تعالى راغباً في مرضاته، محتسباً أجري عليه تعالى، ذابَّاً عن الحق أدعياءه، كاشفاً وجه الخيانة، متوقعاً ما يأتيني من الأذي عادة بإذاء ذلك، صابراً محتسباً غير تاركٍ لواجبي خشية الناس !!

وأستأذنكم في أن أبدأ من النهاية، مما سطرته منذ نحو ست سنوات في آخر فصول الفكر الإسلامي تحت عنوان : (خيانة الفكر الإسلامي) من بيان خيانة دعاة ما يسمى بالسلفية - بنوعيها - للفكر الإسلامي المعاصر !!

*******

ليس من العسير القولُ بإن تطور بل تغير الخطاب السياسي والفكري للحركات والجماعات والتنظيمات عموماً هو أمر شائع في كل الأيديولوجيات، سواءً اليسارية أم القومية أم الليبرالية وصولا إلى الإسلامية بكل فصائلها، ذلك أن المسافة بين النظرية والتطبيق ليست بسيطة بحال، ومن الطبيعي أن يحدث التطور والتغير في الخطاب تبعا لمواجهة الحقائق الموضوعية على الأرض .

في الحالة الإسلامية لم يخرج أي تنظيم عن هذا الإطار، فقد غيّرت أكثر الجماعات خطابها بين مرحلة وأخرى، بدءاً بجماعة الإخوان المسلمين - أمّ الحركات الإسلامية كما تسمى - التي انتقلت من رفض العمل الحزبي في البدايات إلى المطالبة به، ومن التردد حيال الانخراط في العملية الديمقراطية إلى القبول بكثير من شروطها، وليس انتهاء بالمجموعات الإسلامية المسلحة التي نظّرت لفكرة الخروج على الدولة وتكفيرها، ثم انتقلت إلى مربع التصالح معها، وصولا إلى القبول بالانخراط في العملية الديمقراطية مع بقاء مجموعات أخرى على ذات الطرح القديم .

لكن الذي ينبغي الإشارة إليه هو أن ما كان يجري لتلك الجماعات من تغير في الخطاب لم يكن يحدث بين عشية وضحاها، بل كان نتاج ظروف موضوعية كثيرة، فضلا عن وقوعه ضمن جدل طويل في أوساطها الداخلية وصولا إلى بث القناعة بالتحولات الجديدة، وحدث أن أدى ذلك إلى انشقاقات أو استقالات بمستويات شتى، حدث ذلك عبر عقود مع الإخوان، وحدث ذلك أيضا فيما يتصل بمراجعات عدد من الجماعات المسلحة في مصر وليبيا وغيرهما .

لكن ظاهرة التحول في "حزب النور" السلفي المصري وقاعدته المسماة بـ"الدعوة السلفية" تبقى هي الأكثر إثارة للدهشة، والأعظم انقلاباً على المباديء ونكوصاً على الأعقاب، إذ إن الأمر تم في غضون زمن قياسي لا يمكن أن يُصنف معه ما جرى في إطار التحولات الطبيعية، بقدر ما ينطوي على مسلك الإنتكاس والإنقلاب على الأعقاب، وينطوي كذلك على النفاق الظاهر في قضايا عقدية كبرى، خصوصاً قضايا "الولاء والبراء" و"الحاكمية" ونحوها، واختلاف المواقف تجاهها من النقيض إلى النقيض، حسب النفعية الذاتية فضلاً عن الانتهازية السياسية الصارخة، مما يجعل تساؤل الكثيرين عن أسباب هذا التحول الهائل والإنقلاب الصارخ مشروعاً، سواءً ذهب السائل في اتجاه مصادر التمويل الخارجية والمال الحرام، والخيارات السياسية التي يفرضها هذا الإتجاه !!

أم في اتجاه العلاقة بالمؤسسات الأمنية الداخلية والخارجية بشكلٍ أو بآخر، أم في اتجاه الكبر والتعالي على رفقاء الدرب من الإسلاميين عموماً، والبطش والعسف والعصف برفقاء الفصيل السلفي خصوصاً، والذي بلغ حد البلطجة كثيراً في طرد الدعاة من مساجدهم، ومنعهم من منابرهم ألا يوافقوهم على آرائهم، بل واستعداء الأجهزة عليهم لتخلوا لهم الساحة الدعوية - بزعمهم - بلا تنغيص على مشروعهم البرهامي المشخصن، ولا يخفى عاقبة هذه المظالم خصوصاً مع كثرتها، وعدم اكتراثهم بها ولا بأصحابها، فلا يرقبون فيهم ولا في ذويهم إلَّاً ولا ذمَّة !!

أم في اتجاه خطف الدعوة وشخصنتها في شيخهم وحده لا شريك له، والغلو فيه قريباً من غلو الشيعة والصوفية في شيوخهم وأئمتهم، مع الإزراء بسائر الشيوخ من دونه كلما جاءت المناسبة، حتى من كان في منزلة شيوخه ومعلميه، ومن سبقه في مجالات الدعوة المختلفة بمراحل واسعة، ولو جمع السائل هذه الإتجاهات كلها فيهم فما أظنه قد أبعد النجعة !!

وحين يصل الحال بأحد قيادات العمل الحزبي في التيار السلفي في مصر وهو رئيس حزب الأصالة، إذ يُسأل - في أحد المداخلات المتلفزة - عن سر تحولات حزب النور وقائده ياسر برهامي بالقول : "معرفش المخابرات ماسكة عليه إيه علشان يقول هذا الكلام" بصرف النظر عن الكلام المقصود، لأن تصريحات برهامي الإشكالية لا تعد ولا تحصى، وإن كان المقصود هنا تبرير برهامي لقتل الأبرياء في رابعة، بدعوى أنه "لحقن دماء أكثر كانت ستسفك" !!

وحين يشبِّهُ الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، العالم السلفي المعروف ياسر برهامي ببلعام بن باعوراء، أحد علماء بني إسرائيل الذي انسلخ من آيات الله وارتد عن دينه، بل يرى أن برهامي أسوأ وأشد إفسادا، ويصفه بـ "شيخ الضلال"، ويقول : "لكن ياسر برهامي قام بخيانة الأمة المصرية كلها التي تعبت وثارت وجاهدت من أجل أن تقيم هذا النظام الديمقراطي الحر وتنعتق من حكم الجيش والعسكر، وجاء ياسر برهامي ليتآمر عليها ويضع خارطة الطريق متآمرًا مع العسكر لإرجاع الأمة المصرية مرة ثانية إلى الحكم الفردي الاستبدادي"، ويقول عبد الخالق أيضاً مخاطباً برهامي : "وقلت لي : إن الداخلية أمروك أن تخرج في يوم 30/6- فحذرتك .. لقد كنت الرأس المدبر والمفكر لهذا الانقلاب، ثم أصدرت الفتاوى في شرعية حكم الإمام المتغلب، وأنت تعلم أنه ليس متغلبًا، فإنه لم يقاتل أحدًا حتى يتغلب عليه، وإنما هو خائن للأمة المصرية التي انتخبت رئيسًا وبايعته، ثم أفتيت بأن الخارجين عليه يستحقون ما يقع عليهم من قتل وسجن !!"

[من بيان الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق على صفحته الرسمية تحت عنوان :"ياسر برهامي وجنايته على الشعب المصري وأمة الإسلام''] .

ويقول عبد الخالق على صفحته كذلك تحت عنوان : "ياسر برهامي والقاعدة الجهنمية" : إن من أسوأ ما اقترحه ياسر برهامي في تعديل المادة 219 أن يكون الحكم في النهاية للنصوص قطعية الدلالة قطعية الثبوت، وهذا القيد للنصوص الشرعية يمنع من الاستدلال في أي حكم شرعي بنص من القرآن والسنة".

وحين يقول الدكتور محمد عبد المقصود الشيخ السلفي المعروف، في حواره على الجزيرة مباشر : "برهامي ثبت أنه خان التيار الإسلامي كله، ووضع يده في يد الأمن قديما قبل الثورة ثم بعد الثورة أيضا، كما وقع للأسف بعض كبار مشايخ السلفية في فخ العمالة لأمن الدولة " .

ويقول أيضاً : " كنت أعرف أن أعدى أعدائهم - يعني برهامي وأتباعه - "الإخوان المسلمون"، وأنتم تتذكرون كلام طارق حجي المفكر الليبرالي المصري بأن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي أخبره أنه جهز للإخوان من يدمرهم، وهم جحافل السلفيين" .

ويقول أيضاً : " ياسر برهامي انخدع لما فاز في الانتخابات وظن أن هذه هي شعبيته الحقيقية، وقلنا هذه شعبية السلفيين وليست شعبية "ياسر برهامي" فلما انسحب السلفيون حصل "ياسر برهامي" على صفر، ولم يأخذ شيئا في هذه الانتخابات فأين ذهب السلفيون ؟! .

وحين يأتي بيان موقع "المسلم" بإشراف الشيخ ناصر العمر الصادر في 11 / 3 / 1435هـ، والممهور بتوقيع أكثر من ثلاثين عالماً و داعية، في شجب مواقف حزب النور ومسالكه، وجاء في البيان مايلي : "في حين ما نشهده من نمو للمنهج السلفي وانتشار له في أرجاء العالم ليؤلمنا أن يُنسب إلى المنهج السلفي ما يقدح فيه بفعلٍ من بعض أبنائه، ومن ذلك المواقف السياسية التي اتخذها حزب النور السلفي في مصر على مدار العام المنصرم والتي ألحقت الضرر بمصالح الإسلام والمسلمين داخل مصر وخارجها، وذلك حين شارك الحزب مع العسكر والنصارى والعلمانيين في الانقلاب العسكري، وظهر ممثله جنبًا إلى جنب مع بابا الكنيسة وممثلي القوى العلمانية الرافضة للشريعة، ليكون ذلك الانقلاب بداية مرحلة تُحارب فيها الشريعة ويقصى فيها دين الله عز وجل، وصاحب ذلك ما اتخذه الحزب من مواقف تجاه التيارات الإسلامية المخالفة له في توجهاته السياسية، تتناقض مع الأمر بالوحدة والولاء للمؤمنين والتعاون على البر والتقوى، في مقابل تقاربه مع القوى العلمانية بمختلف تصنيفاتها، واصطفافه معها رغم ما تظهره من عداء للإسلام وأهله ...

أولاً: التأكيد على الخطأ الفادح العظيم لحزب النور في اصطفافه مع الانقلاب، وما ترتب عليه من تعطيل لأحكام الشريعة، وإسهامه في التسويق للدستور الجديد باسم الإسلام، وهذا التأكيد لا يعني بأي حال التزكية المطلقة للوضع السابق للانقلاب ولا للدستور الذي كتب إبان تلك الفترة، وأن وقوف علماء المسلمين في صف تأييد ما تم في ذلك العهد - حكم الإخوان - كان دافعه إعمال قاعدة الموازنات الشرعية التي تبيح ارتكاب بعض المحظورات أو ترك بعض المأمورات لدفع المفاسد الكبرى أو للعجز، وكل ذي بصيرة يعلم أن وضع مصر قبل الانقلاب خير من وضعها بعده في شؤون الدين والدنيا، وهذا كافٍ للحكم بتحريم هذا الانقلاب والإعانة عليه أو الإسهام فيه .

وحين يشتهر عنهم - أي الدعوة السلفية وحزب النور - الكذب لدى العامة فضلاً عن الخاصة، وهو من أهم ما يجب أن يتنزه عنه المؤمن، حتى عدَّ عليهم البعض عشرين كذبة مشتهرة في خمس سنوات، فقال : ونستعرض هنا أبرز عشرين كذبة أطلقها قيادات الحزب السلفى ومشايخ الدعوة السلفية منذ "25 يناير"، وحتى انتخابات مجلس النواب 2015، التى يظهر فيها التناقض الشديد فى المواقف، فما بين دعم الإخوان ودعم المعارضة ودعم الإنقلاب وقائده تتضارب تصريحاتهم، وتتناقض أقوالهم لمجرد الحصول على أكبر قدر من المكاسب .

الكذبة الأولى : شاركنا فى لجنة الخمسين للحفاظ على المادة 219 . حزب النور أعلن أن مشاركته فى لجنة وضع الدستور للحفاظ على مواد الهوية خاصة المادة 219، لكن عندما وجد اعتراضًا من ممثلى لجنة الخمسين على هذه المادة، التزم الهدوء، مكتفيا بأن تكون أهمية مشاركته فى الحفاظ على كيان الدعوة والحزب السلفى .

الكذبة الثانية : شرعية مرسى خط أحمر . حزب النور الذى يزايد بمشاركته فى خارطة الطريق، رأى أنه لا يجوز التظاهر ضد الإخوان ورفض المشاركة فى أى فاعلية لإسقاط حكم الجماعة، وكان يونس مخيون رئيس الحزب على موعد فى يوم 5 يوليو من عام 2013 مع قناة "الحافظ" وقال نصا : "إن شرعية مرسى خط أحمر، وأن حزبه يدعمه، ولا يقبل المساس بشرعيته، ولا بد أن يُكمل مدته، ومن أراد أن يغيره فالسبيل الوحيد هو طريق الانتخابات»، بل إنه استمر فى توضيح وجهة نظره قائلا : «إن علاقة حزب النور بالرئيس محمد مرسى طيبة، ونعتقد أنه إنسان متدين وعلى خلق، ووقفنا معه بكل ما نملك فى الجولة الثانية من الانتخابات، وعندما كانت شرعيته على المحك وكان البعض ينادى بإسقاطه حشدنا السلفيين فى مليونية ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة»، ورغم ذلك شارك "النور" فى جلسة الحوار الوطنى 3 يوليو وأعطى دروسًا فى أسباب المشاركة فى 30 يونيو .

الكذبة الثالثة : 30 يونيو ثورة حقيقية .

دافع قيادات حزب النور ومشايخ الدعوة السلفية عن الإخوان فى أكثر من مناسبة وأعلنوا الدعم الكامل للجماعة وعدم الموافقة على أى ثورة ضد حكمها حتى انتهاء الفترة الانتخابية، لكن بعد نجاح 30 يونيو تراجعت الدعوة معتبرين أن ما حدث ثورة حقيقية .

الكذبة الرابعة : ندعم المشاركة النسائية فى العمل السياسى .

بدأت الدعوة السلفية وذراعها السياسية بوضع حاجز فولاذى يفصل نساء الدعوة والحزب عن المجتمع والعمل السياسى، لكن بعد الصدمة التى تلقاها فى 30 يونيو، وانسحاب عدد كبير من شباب الحزب بدأ المشايخ بزحزحة هذا الحاجز والاعتماد على النساء فى عملية الحشد سواء فى عملية الاستفتاء على الدستور أو انتخابات مجلس النواب 2015، ورغم أن قيادات الحزب تعلن تأييدها لمشاركة المرأة فى الحياة السياسية بشكل طبيعى، لكن دعونا نتذكر فتاوى مشايخ الدعوة السلفية بأن مشاركة المرأة فى العمل السياسى غير جائز شرعًا، ويبدو أن الحزب السلفى لديه الوسيلة التى تخرجه من هذا المأزق متكئا على القاعدة الشرعية "أخف الضررين".

الكذبة الخامسة : النور أكبر حزب سياسى .

يرفض السلفيون الاستسلام للواقع ولم يعترف أحدهم أن حزب النور كيان مزقته الخلافات بداية من الانشقاقات التى حدثت نتيجة عدم دعم حازم أبو إسماعيل أو مساندته، مرورًا بانسحاب عدد كبير من قياداته وشبابه لتأسيس حزب آخر يحمل اسم "الوطن"، نهاية بهجر معظم شباب الدعوة والحزب للسياسة بعد أحداث 30 يونيو، ولا أحد منهم يريد الاعتراف بأن ما تبقى الآن يمثل فضلات الحزب الذى ظهر بعد ثورة 25 يناير، ولا يتوقفون عن الترويج بأنهم أكبر حزب سياسى حتى بعد خسائرهم المدوية فى انتخابات مجلس النواب 2015 .

الكذبة السادسة : تطبيق السياسة الشرعية .

أى سياسة شرعية التى أعلن عنها حزب النور فى بداية مشاركته فى المعترك السياسى، وقعت الدعوة السلفية فى أكبر خطأ عندما أصدرت بيانًا تؤكد فيه أنها لا تملك إلا ذراعا سياسية واحدة وأنها لا تعترف بحزب الوطن وكشفت عن أن "النور" يسير بنفس منهج الدعوة السلفية ويسعى لتطبيق ما يسمى بالسياسة الشرعية، لكن الغريب أن حزب النور عندما وجد أن الدولة لن تقبل بأى حزب قائم على أساس دينى، تبرأ من كل مواقفه السابقة وأعلن كذبا أن بابه مفتوح لجميع الناس .

الكذبة السابعة : عدم خلط الدين بالسياسة .

على الرغم من أن الدعوة السلفية تعتقد أنه لا فصل بين الدين والسياسة، وعبرت عن هذا الموقف فى أكثر من مناسبة إلا أنها انتفضت عندما نص الدستور على عدم الاعتراف بالأحزاب القائمة على أساس دينى وتبرأت من أن النور يسير بمرجعية دينية .

الكذبة الثامنة : لا نستخدم المساجد فى الدعاية السياسية .

ضرب السلفيون بكل الشواهد التى كشفت عن استخدام الدعوة السلفية للمساجد فى الدعاية السياسية عرض الحائط، فالغريب أن مشايخ الدعوة وقيادت الحزب أعلنوا عن عدم استغلالهم دور العبادة للترويج لأى سياسة مطلقًا، وتناسوا أنهم كثيرا ما وجهوا دعوات لإقامة مؤتمرات فى المساجد يحضرها العديد من مرشحيهم وقياداتهم .

الكذبة التاسعة : موقفنا من 30 يونيو حماية للتيار الإسلامى .

ادعت الدعوة السلفية وذراعها السياسية أن حماية التيار الإسلامى يعد أحد أهم الأسباب التى دفعت إلى تأييد "30 يونيو"، لكن الواقع بعد ذلك كشف عن أن هناك مفاوضات أبرمتها الدعوة السلفية وذلك لعدم فرض وزارة الأوقاف سيطرتها على المساجد التى تحت قبضة السلفيين، وإن كان هناك من حماية فهي لفصيل برهامي وحزب النور فقط وليس التيار الإسلامي، إضافة إلى رغبة هذا الكيان بأن يكون هو الممثل الوحيد لتيار الإسلام السياسى فى المشهد .

الكذبة العاشرة : قدمنا نتائج أفضل من انتخابات 2012 .

ادعى المهندس عبد المنعم الشحات فى مقال مطول له بعد انتهاء الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب 2015، أن ما حققه حزب النور قد تعدى المكاسب التى حصدها فى برلمان 2012، على الرغم من الفشل الذى لحق بالحزب السلفى، وحصوله على 12 مقعدًا فقط بنسبة لا تتعدى 3% من المقاعد البرلمانية في مقابل 112 مقعد بنسبة 22% في انتخابات 2012، وحاول بعض مشايخ الدعوة السلفية تبرير هذه الهزيمة بالهجوم على نظام القوائم .

الكذبة الحادية عشرة : ندعم المرشح الإسلامى فى الانتخابات الرئاسية فقط .

قبل إجراء الانتخابات الرئاسية 2012 أعلنت الدعوة السلفية وحزبها السياسى دعم مرشح محسوب على التيار الإسلام فقط، وتم تشكيل لجنة من كبار المشايخ لاختبار أبو الفتوح والعوا ومرسى، وظلت الدعوة وذراعها السياسية تؤكد عدم اعترافها بأى مرشح ليس لديه خلفية إسلامية ولا بأقل المرشحين عيوبا من الناحية المنهجية، لكن بعد 30 يونيو تجاهلت الدعوة وحزبها السياسى هذه المسألة بل كانت تنتظر بل تتوق لمقابلة مع السيسى .

الكذبة الثانية عشرة : الليبرالى المصرى يختلف عن الليبرالى الأجنبى .

بعد فتاوى التكفير التى أصدرها مشايخ الدعوة السلفية لليبراليين والعلمانيين وذلك فى معركة مواجهات أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير، عادت الدعوة وذراعها السياسية إلى سياسة الكذب المباح وذلك لإظهار نوع من المرونة تحت قبة البرلمان، وأكد بعض المشايخ أن الليبرالى المصرى لا يعد كافرًا، لأن مفهوم الليبرالية والعلمانية المصرية يختلف عن المفاهيم الغربية، تلك الشماعة كان الهدف منها التقرب إلى النواب أسفل قبة البرلمان .

الكذبة الثالثة عشر : الإعلام يحارب أنصار الشريعة .

مثلت العلاقة بين حزب النور والإعلام حالة من المد والجزر صاحبها الانتقاد والعتاب على خجل أحيانا، وانتهت حلقاته بصراع شنه قائد الحزب على الوسائل الإعلامية عقب السقوط غير المتوقع لأعضائه المرشحين فى انتخابات مجلس النواب 2015 ليتبرأ أمام قاعدته من الفشل فى الوصول إلى الجماهير ملقيا الحمل على شماعة «الإعلام المُعادى للمشروع الإسلامى».

الكذبة الرابعة عشر : أيدنا خارطة الطريق .

حاولت سلفية الإسكندرية إظهار دعمها لخارطة الطريق نظرًا لخوفها من الملاحقات الأمنية حال قررت التحرك فى طريق معاكس، ورغم أنها لم تعترف بخارطة الطريق فى بداية الأمر إلا أنها سرعان ما تراجعت عن موقفها ولحقت بقطار يسير فى اتجاه معاكس لكل أبناء تيار الإسلام السياسى .

الكذبة الخامسة عشر : شاركنا فى ثورة "25 يناير" .

حاولت سلفية الإسكندرية ادعاء مشاركة شبابها فى ثورة 25 يناير رغم أن مشايخ الدعوة السلفية حذروا من النزول إلى الميادين، بل إن قيادات حزب النور دائما ما تحدثوا عن أنهم يبحثون عن تحقيق أهداف ثورة 25 يناير من محاربة للفساد والظلم

الكذبة السادسة عشر : لا نبحث عن مناصب .

من ضمن الغرائب أن الدعوة السلفية أعلنت أنها لا تبحث عن مناصب، وأن كل ما تريده استقرار البلاد حتى كلفها ذلك الابتعاد عن المشهد نهائيا، لكن بالعودة إلى فترة حكم الإخوان يتكشف أن السلفيين طلبوا أن يتم تمثيلهم كنواب لرئيس الجمهورية، وأن يتعامل مرسى بمبدأ توزيع المناصب على أساس قوة كل كيان على الأرض، كما ظلت نغمة "العبرة بالصناديق" تتردد على ألسنة قيادات حزب النور، لكن فى محاولة لكسب ود النظام حاولت الدعوة السلفية وذراعها السياسية اللعب على وتر العاطفة وأنهم لا يبحثون إلا عن المشاركة فقط .

الكذبة السابعة عشر : قواعدنا صوتت لأبو الفتوح فى انتخابات 2012 .

كشف محمد نور القيادى بحزب النور السابق أن حزب النور أعطى 65% لمرسى و35% لأبو الفتوح، نظرا لأن شكل أبو الفتوح لم يعجب السلفيين، وأن مرسى لعب على أن يظهر حول المشايخ بينما ركز أبو الفتوح على رباب المهدى وآثار الحكيم، وأن الإخوان وجهت ضربات من تحت الحزام وتم التلاعب فى الأدمغة السلفية، تأتى أهمية هذه الشهادة في كون أن محمد نور كان يشغل في تلك الفترة منصب المتحدث الرسمي باسم حزب النور وهو ما يتنافى مع تأكيد بعض مشايخ الدعوة السلفية بأن السلفيين دعموا ابو الفتوح وصوتوا له .

الكذبة الثامنة عشر : نؤيد انتخاب الأقباط .

في حوار مع الدكتور عماد عبد الغفور لجريدة التحريرعندما كان رئيسا لحزب النور وقال خلاله إنه من المفترض أن تشمل قائمة الحزب فى الانتخابات المقبلة نساء وأقباطا، رفضت اللجنة المختصة بالحزب هذه العبارة تحت ملاحظة "لا يجوز قطعًا انتخاب الكفار"، لكن الغريب أن حزب النور فى انتخابات 2015 لم يجد حرجًا فى فتح بابه للأقباط والنساء .

الكذبة التاسعة عشر : سياسة الحزب تختلف عن سياسة الدعوة .

تنص المادة 74 من الدستور على أنه «للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى»، ودائمًا ما كانت قيادات حزب النور تحاول تبرير علاقتها بالدعوة السلفية لنفى شبهة قيام الحزب على أساس دينى، فقال الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب فى مداخلة على قناة العربية إنهم ليسوا ذراعًا سياسيًا للدعوة السلفية، واستطرد «لكن قواعد الدعوة السلفية هى من أسست حزب النور مثل التيار الاشتراكى الذى أسسه الناصريون، وهذا لا يمنعه دستور ولا قانون ما دمنا نلتزم بالإطار الدستورى والقانونى، ونحن نعتز بأن تكون مرجعيتنا إسلامية»، لكن فى بيان رسمى للدعوة السلفية 30 ديسمبر 2012، أكدت فيه أن حزب النور قائم على أساس دينى، فعندما قرر عدد من قيادات وأعضاء حزب النور الانفصال عن الحزب وإنشاء حزب الوطن وقبل انعقاد مؤتمر حزب الوطن فى قاعة المؤتمرات فى يناير 2013 للإعلان عن الحزب السلفى الجديد، اضطر مشايخ الدعوة السلفية لإصدار بيان يكشف سر العلاقة بين الدعوة السلفية وحزب «النور» وذلك فى حملة ممنهجة ضد قيادات «الوطن»، ولولا هذا الخلاف لما ظهرت المستندات والمنشور على موقع «أنا السلفى»، تحت عنوان «بيان من الدعوة السلفية»، الذى نص على أن «حزب النور هو الذراع السياسية الوحيد للدعوة السلفية»، وأن الرؤية السياسية لكل من "الدعوة السلفية" و"حزب النور" واحدة وهى تتضمن التمسك بالشريعة الإسلامية بفهم سلف الأمة مع العمل بكل الممكن وبيان حكم الشرع فيما نعجز عنه

الكذبة العشرون : عودة القواعد إلى الكيان الدعوى .

من ضمن الأكاذيب التى روجتها الدعوة السلفية أن القواعد عادت مرة أخرى إلى صفوفها، لكن الشيخ محمود عبد الحميد مسؤول بالدعوة السلفية بالإسكندرية أكد لـ"التحرير"، أن شباب الدعوة حدثت له "هزة قوية" بعد أحداث 30 يونيو وهجر عدد كبير منهم الدعوة السلفية .

[أنظر «بما لا يخالف شرع الله» 20 كذبة سلفيّة من25 يناير إلى برلمان 2015/ جريدة التحرير الألكترونية في 27/12/2015]

وحين يصل الحال إلى هذا المستوى، فهذا يعكس حجم التحول الرهيب والسقوط الزريع والحدث المُزري والمُدوِّي في خطاب الحزب .

والواقع المشهود أن المجموعة التي أنتجت حزب النور أو ما كان يسمى بـ "الدعوة السلفية"، لم تشارك في ثورة يناير وكانت ضدها وكانت تمنع من الأحزاب والمظاهرات بوجهٍ عام، بغض النظر عن السبب والدافع لذلك، ولكن ما إن انتصرت الثورة حتى أسست حزبها، وانخرطت في العملية السياسية الديمقراطية التي كانت مخالفة للتوحيد قبل قليل من الوقت ولا تجوز، ولا تسأل بعد ذلك عن عدد لا يحصى من المواقف التي كانت غير جائزة ثم أصبحت جائزة بعد قليل من الوقت .

من هنا يمكن القول إن مراجعات كتلك التي تمت في الحركات الإسلامية الأخرى لم تحدث هنا، بل ها هنا تحول مفاجئ وسقوط من الشاهق إلى الوحل، أو تنكب تام للطريق يعكس قدرا من الانتهازية السياسية والنفاق الظاهر غير المسبوقين في الساحة الإسلامية، وتجلى ذلك بشكل واضح في الموقف الموالي والمحتضن للإنقلاب، وكذلك الموقف السافر العداوة للإخوان بغير مبرر والذي يزدادُ عداءً بمرور الوقت .

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى . 

السلطة وتشكيل الرأي العام مصر نموذجا 1952-1981 م...
ضرب الرؤوس المزيفة (الحويني نموذجاً) !!
 

تعليقات

لا تعليق على هذه المشاركة بعد. كن أول من يعلق.