#تكفير_الوهابية_للمخالف
ملحق (4)
سردنا فيما سبق طرفاً من جرائم تكفير الوهابيين الأوائل للمسلمين المعاصرين لهم، وسفك دمائهم ونهب أموالهم، بفعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب المؤسس وإمام الدعوة الوهابية الأول أصالةً، وكذا بفعل أتباعه في زمانه انقياداً له، وبفعل شركائه من آل سعود وأشياعهم تعاهداً، وذلك من التواريخ التي كتبها الوهابيون أنفسُهم كابن بشر وابن غنام، ومن كتابات غيرهم من العلماء الحنابلة الذين عاصروه وغيرهم !!
وكذا نقلنا من كتابات بعض خصوم الدعوة، والتي سوف نعتمدها كثيراً فيما يستقبل، لأنه لا يمكن معرفة حقيقة الأفكار عموماً والوهابية - كفكرة - خصوصاً، ولا معرفة قياداتها كتطبيق، بدون سماع خصومها مهما كانوا، واستطلاع آرائهم مهما كانت، كما سمعنا أولياء الوهابية وأشربت قلوبنا اجتهاداتهم لنحو ثلاثة قرون، كأن اجتهاداتهم تلك هي الإسلام بصفائه ونقائه وهيهات، فالفارق هائل بين الإسلام كفكرة ربانية نزل بها الوحي، وبين فهم بشري لهذه الفكرة مهما كان صاحبه من الوعي والجلالة !!
ومن لم يتسع أفقه لهذا المسلك العدل في الفصل بين الخصوم في الأفكار والنزاعات، بمعرفة أقوال الأولياء والخصوم جميعاً، مع تأملها ومقارنتها ببعضها ومحاولة استخلاص الحق والصواب من بينها، فلن يمكنه معرفة الحق ولا بلوغ الصواب، إن أمكن له النظر وإلا فلعله يُعذر بتقليده لمن يظنهم أهلا للنظر، وقد عاتب الله تعالى نبياً كريماً عليه السلام لما قضى بالحكم بناءً على سماع خصمٍ واحدٍ دون صاحبه :
"وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ"[ص:21-24] !!
ثم ختمنا المقالات السابقة بشهادة خليفة المسلمين العثماني السلطان محمود الثاني، بمروق الشيخ محمد وزندقته وتكليفه لواليه على مكة بالقبض عليه والقضاء على أتباعه، عبر مرسوميْن سلطانييْن رسمييْن موثقيْن، حتى تحقق الكثير من ذلك على يد محمد على باشا الكبير الوالي العثماني على مصر، والآن نأتي إلى بيان من سار على درب الشيخ محمد ابن عبد الوهاب في استباحة دماء وأعراض المسلمين، وذلك بعد وفاته في 1206 هـ رحمه الله وعفا عنه .
- تكفير أهل مكة ودعوتهم للدخول في إسلام جديد في رسالة ذكرها ابن بشر عن الملك سعود الي أهل مكة يقول فيها : (من سعود بن عبد العزيز إلى كافة أهل مكة والعلماء و"الآغوات" {جمع أغا وهم وجهاء الدولة العثمانية وموظفيها} وقاضي السلطان، السلام على من اتبع الهدى ... اما بعد: فأنتم جيران الله وسكان حرمه آمنون بأمنه، انما ندعوكم لدين الله ورسوله "قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فان تولوا فقولوا اشهدوا باننا مسلمون"، فأنتم في أمان الله، ثم في أمان أمير المسلمين سعود بن عبد العزيز وأميركم عبد المعين بن مساعد، فاسمعوا له وأطيعوا ما أطاع الله والسلام)[عنوان المجد :261] أ.هـ
يظهر من خلال هذا النص، أن سعوداً كان ينظر الى (الوهابيين) نظرة خاصة باعتبارهم (المسلمين)، وينظر إلى (أهل مكة) باعتبارهم (مشركين)، ولذلك لم يسلم عليهم وإنما وجه سلامه إلى من اتبع الهدى، ودعاهم إلى كلمة سواء هي كلمة التوحيد باعتبار انهم ليسوا عليها وإن كانوا يقولونها، وعندما دخل سعود مكة المكرمة في اليوم الثامن من محرم 1218هـ وطلب من الناس الاجتماع بالمسجد الحرام، خطب فيهم قائلا : {احمدوا الله الذي هداكم للإسلام وأنقذكم من الشرك، أطلب منكم أن تبايعوني على دين الله ورسوله، وتوالوا من والاه وتعادوا من عاده في السراء والضراء والسمع والطاعة)[عبد العزيز التويجري/ لسراة الليل هتف الصباح: 49] .
وقد وقف عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في مكة قائلا : (إن من قال يا رسول الله، أو يا ابن عباس، أو يا عبد القادر، أو غيرهم من المخلوقين، طالبا بذلك دفع شر أو جلب خير من كل ما لا يقدر عليه الا الله تعالى من شفاء المريض والنصر على العدو، والحفظ من المكروه ونحو ذلك أنه مشرك شركا أكبر، يُهدِر دمه ويبيح ماله، وان كان يعتقد أن الفاعل المؤثر في تصريف الكون هو الله تعالى وحده، لكنه قصد المخلوقين بالدعاء متشفعا بهم ومتقربا بهم لتقضى حاجته من الله بسرهم وشفاعتهم له فيها أيام البرزخ)[الدرر السنية والأجوبة النجدية: 1 /224] .
ومعلومٌ من الأصول بالضرورة، أن مثل هذه الأحكام لا يقدر على إطلاقها على مثل هذا النحو الذي مارسه عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ولا يتأهل له إلا المجتهدون المطلقون كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وامثالهم، وليس هناك ما يُعلم به ولا ما يُستند عليه أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه فقيهاً أو مجتهداً في المذهب الحنبلي ولا غيره، فضلاً عن أن يكون مجتهداً مطلقاً، فضلاً عن ابنه عبد الله، فأيُّ جرأةٍ على الحق هذه ؟ وأي تعاظمٍ على العلم ؟ وأي تألٍ على الناس ؟!!
ومن الشناعة ما أحدثه الوهابيون في إحتلال مكة المكرمة، وقتلهم الأطفال والنساء وحتى الحيوانات، وعن أحداث تلك الفترة المشئومة في محرم 1220هـ يذكر مؤرخ الوهابية عثمان ابن بشرالنجدي في كتابه [عنوان المجد في تاريخ نجد: ج1، ص 135]، فيقول : (أن لحوم الحمير والجيف بيعت فيها بأغلى الأثمان، وأكلت الكلاب، وأخذ الناس يهجرونها نتيجة الخطر الجاثم على أطرافها، فلم يبق فيها إلا النادر من الناس) أ.هـ
انظروا كيف فعل هؤلاء في إرهاب أهل مكة التي شرفها الله، ثم من الذي أباح الحرم الآمن لهؤلاء لا يراعون ذمة ولا حرمة، حتى انتشرت جثث أطفال المسلمين من أهل مكة في الطرقات، وأكل أهل البيت العتيق لحوم الجيف والحمير والكلاب، كما يروي الوهابية أنفسهم مفتخرين .
- وانظر كيف أن الوهابية يصدون عباد الله عن بيت الله الحرام ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، كما يذكر مؤرخ الوهابية من أحداث 1221 هـ الحادثة التالية [ص 139] : (فلما خرج سعود من الدرعية قاصداً مكة أرسل فرَّاج بن شرعان العتيبي، ورجالا معه … وذكر لهم أن يمنعوا الحواجَّ - يعني الحجيج - التي تأتي من جهة الشام واسطنبول ونواحيهما، فلما أقبل على المدينة الحاج الشامي ومن تبعه، وأميره عبد الله العظم باشا الشام، فأرسل اليه هؤلاء الأمراء أن لا يقدُم وأن يرجع إلى أوطانه) أ.هـ
وعن جرائمهم في المدينة المنورة، يقول ابن بشر في أحداث سنة 1220هـ [عنوان المجد:1/ 137] : (أجمعوا على حرب المدينة ونزلوا عواليها، ثمَّ أمر عبد العزيز ببناء قصر فيها فبنوه وأحكموه واستوطنوه، وتبعهم أهل قباء ومن حولهم، وضيَّقوا على أهل المدينة وقطعوا عليهم السوابل، وأقاموا على ذلك سنين.. ولما طال الحصار على أهل المدينة وقعت المكاتبات بينهم وبين سعود من حسن قلعي وأحمد الطيار والأعيان والقضاة وبايعوا في هذه السنة] أ.هـ
يقول عثمان ابن بشر في أحداث سنة 1212هـ : (وفيها غزا هادي بن قرملة وأغار على البقوم في الحجاز فهزمهم وقتل منهم عدّة رجال ثم بعد شهرين غزاهم فقتل منهم قتلى وأخذ كثيراً من الإبل والغنم)[عنوان المجد:1/111] .
- وفي وقعة "اليتيمة" يقول مؤرخهم عثمان بن بشر : (فكرُّوا على أهل القصيم كرة واحدة، فغابت الشمس قبل وقت غيوبها، وأظلم بحالك الغبار شمالها وجنوبها، فوطأهم المسلمون (!) وطأة شديدة، فلما سمعوا ضرب الهمام ولوا منهزمين وعلى جباههم هاربين، وذهل الوالد منهم عن ولده، والمنهزم أشفق على السلامة ورمى ما بيده، واستمر الضرب في أقفيتهم بعدما كان في صدورهم، وانتقل الطعن من نحورهم إلى ظهورهم، وقتل المسلمون - يقصد الوهابيةُ - فيهم قتلاً ذريعا، وفتكوا بهم فتكاً شنيعا، فكان الواحد من المسلمين يقتل العشرين، وأكثر من قتلهم أهل الرياض) أ.هـ
- وتأمل الإغارة واستحلال دماء وأموال وأعراض المسلمين كما ذكره عثمان ابن بشر في أحداث سنة 1245هـ حيث يقول : (وفي أوله غزا محمد بن عفيصان بأمر الإمام تركي بجيش من المسلمين وقصد ناحية الإحساء فأغار على قافلة مقبلة من بندر العقير وأخذها وكان معها من الأموال ما لا يحصى)[عنوان المجد: 2/35] .
هذه إذاً هي دعوة التوحيد من منظور الدعوة الوهابية، الإغارة على القافلة الحافلة، وأخذ الكثير من الإبل والغنم، واغتصاب الأموال التي لا تحصى، ولا بأس بحسب - عقيدة الوهابية - أن تهدر دماء المسلمين في سبيل ذلك !!
----------
#تكفير_الوهابية_للمخالف
ملحق (5)
وهكذا .. لا تكاد ترى من الوهابية الأولى إلا تكفيراً بالعموم وبالظنة من غير تبيُّن ولا بيان ولا إقامة حجة، ولا تفريق بين عامدٍ قاصد وبين جاهل أو مكره أو متأول، فبدلاً من درء الحدود بالشبهات كما أمر النبي عليه السلام، فتُطلقُ أحكامُ التكفير واستحلال الدماء والأموال بأدنى شبهة كما هو ظاهر !!
يقول ابن بشر في أحداث سنة 1212هـ : (وفيها غزا منّاعٌ أبا رجلين (!!) الزغبي بجيش من أهل الإحساء بأمر عبد العزيز، وقصد بلد الكويت فعبّى لهم كميناً وأغار على سوارحهم فأخذها، فخرج عليهم أهل البلد فناشبوهم القتال، ثم خرج عليهم الكمين فانهزم أهل البلد وقتل منهم نحو عشرين رجلاً) أ.هـ
ويقول ابن بشر كذلك في أحداث 1209هـ : (ثم سار بهم إبراهيم بن عفيصان فقصد ناحية قطر، وأغار على أهلها فأخذ إبلا كثيرة من بواديهم وأموالهم، فأقبل بها وباعها في الإحساء)[عنوان المجد: 1/ 103) .
- وعن قطعهم للطريق على أهل الرياض يذكر ابن بشر (2/76) : (أن الوهابية قطعوا عنهم السبل، وأغاروا على أناس من أهل الرياض، وخرجوا لجمع الحطب وذلك في شهر رمضان ! سنة 1253هـ) أ.هـ
- وقتلوا أهل الرياض الذين أتوا لنجدة أهلهم : (فثبت أهل الرياض هذه المدة الطويلة على الحرب على ما مع فيصل من كثرة الجنود)[عنوان المجد 2/75]، ولكن كان ذلك إلى حين حتى سقطت مرَّة أخرى .
ويذكر ايضاً مؤرخ الوهاببية في حرب كربلاء واحداث عام 1801 قائلا : (أخذنا كربلاء وذبحنا أهلها، فالحمد لله رب العالمين ولا نعتذر عن ذلك ونقول.. وللكافرين أمثالها) أ.هـ
- وعن تكفير أهل الأحساء بالكذب والتلبيس، جاء في الدرر السنية عن حمد بن عتيق يتكلم عن أهل الأحساء : (وبذلك عارضوا محمد بن عبد الوهاب في أصل دعوته، ومن له مشاركة فيما قرره المحققون، قد اطلع على أن البلد إذا ظهر فيها الشرك وأعلنت فيها المحرمات وعطلت فيها معالِمَ الدين أنها تكون بلاد كفر، تغنم أموال أهلها وتستباح دماءهم، وقد زاد أهل هذه البلد بإظهار المسبة لله ورسوله، ووضعوا قوانين ينفذونها في الرعية ! مخالفة لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقد علمت أن هذه كافية وحدها، في إخراج مَن أتى بها من الإسلام) أ.هـ
ويقول المؤرخ الوهابي في عنوان المجد (1 / 106) في أحداث 1210 هـ : (فلما استووا على ركائبهم (أي الجند الوهابيون) وساروا، ثوروا بنادقهم دفعة واحدة، فأظلمت السماء وأرجفت الأرض وثار عج الدخان في الجو، وأسقط كثير من الحوامل في الإحساء، ثم نزل سعود في الرقيقة، فأقام في ذلك المنزل يقتل من أراد قتله، ويجلي من أراد جلاءه، ويحبس من أراد حبسه، ويأخذ من الأموال، ويهدم من المَحالّ، ويبني ثغوراً ويهدم دوراً، وضرب عليهم ألوفاً من الدراهم وقبضها منهم)، ثم يقول عن القتل وذلك بعد الاستسلام : (فهذا مقتول في البلد وهذا يخرجونه إلى الخيام فيضرب عنقه عند خيمة سعود حتى أفناهم إلا قليلا، وحاز سعود في تلك الغزوة ما لا يحصى) !!!!!!! أ.هـ
- ويقول عن بوادي شمَّر وما جاوره سنة 1206هـ : (وفيها كانت غزوة الشقرة، وذلك أن سعوداً سار بالجيوش الكثيفة من جميع نجد الحاضرة والبادية وقصد ناحية جبل شمر، وقد ذُكر له قبائل كثيرة من البوادي من مطير وحرب وغيرهم وهم على الماء المعروف بالشقرة قريب من جبل شمر، فعدا عليهم سعود وأخذهم جملة وحاز منهم أموالاً عظيمة، الإبل أكثر من ثمانية آلاف بعير، وأخذ جميع أغنامهم ومحلتهم وأمتعتهم وأكثر من عشرين فرساً، وقتل عليهم عدة رجال، ثم رحل سعود بجميع تلك الغنائم وأخرج خمسها !! وقسم باقيها غنيمة في المسلمين للراجل سهم وللفارس سهمان)[عنوان المجد:1 / 88] أ.هـ
يقول ابن بشر : (ثم إن سعوداً رحل من الحناكية وسار إلى جهة المدينة النبوية، فغنم في طريقه من بوادي حرب مغانم كثيرة، فلما قرب من جبل أحد وإذا خيل من الترك وجيش من حرب قد أغارت على خيل المسلمين وقتلوا منهم نحواً من ثلاثين فارساً، وكان الجيش قد هرب قبل الخيل وتزيَّن بالمدينة)، ثم سرد ابن بشر خروج الجيش الوهابي من المدينة فقال : (ثم سار في وادي الصفرا فحرق في الفرع نخيلاً وقتل رجالاً ثم سار إلى الحرة ونزل على أهل بلد السوارقية فحصروهم، ونزلوا منها بالأمان على نصف الحلقة وشطر ما تحت أيديهم، بعدما قطع نخيلهم وهدم أكثر منازلهم فأقام عليها مدّة أيام وجمع فيها الغنائم وقسمها على المسلمين للراجل سهم وللفارس سهمان)[عنوان المجد:1/162-163] أ.هـ
وجاء في [الدرر السنية:9/289] : (قال بعضهم - يعني بعض علماء نجد - بلغني أن بعض الناس أشكل عليه جهاد المسلمين لأهل "حايل" هل هو شرعي أم لا ؟! ... فأقول وبالله التوفيق, الجهاد مشروع لأحد أمور منها : الخروج عن طاعة ولي أمر المسلمين ...وأهل حايل أمرهم الإمام بالدخول في الطاعة ولزوم السنة والجماعة ومنابذة أهل الشرك وعداوتهم وتكفيرهم فأبوا ذلك وتبرؤوا منه فلم يقبلوا ولم ينقادوا، فوجب قتالهم على جميع المسلمين لخروجهم عن الطاعة، الأمر الثاني : مما يوجب الجهاد لمن اتصف به، عدم تكفير المشركين أو الشك في كفرهم، فإن ذلك من نواقض الإسلام ومبطلاته، فمن اتصف به فقد كفر وحلَّ دمُه ومالُه ووجب قتالُه حتى يُكفِّر المشركين، فمن لم يكفر المشركين من الدولة التركية وعباد القبور كأهل مكة وغيرهم، ممن عبد الصالحين وعدل عن توحيد الله إلى الشرك، وبدل سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالبدع، فهو كافر مثلهم وإن كان يكره دينهم ويبغضهم ويحب الإسلام والمسلمين، فإن الذي لا يكفر المشركين غير مصدقٍ بالقرءان، فإن القرءان قد كفر المشركين وأمر بتكفيرهم وعداوتهم وقتالهم، الأمر الثالث : مما يوجب الجهاد لمن اتصف به مظاهرة المشركين وإعانتهم على المسلمين بيد أو لسان أو بقلب أو بمال، فهذا مخرجٌ من الإسلام، فمن أعان المشركين على المسلمين وأمدَّ المشركين من ماله بما يستعينون به على حرب المسلمين اختياراً منه، فقد كفر) أ.هـ
________
#تكفير_الوهابية_للمخالف
ملحق (6)
- وعن نجران واليمن يقول مؤرخهم عثمان النجدي في سنة 1220هـ : (أمر سعود على عبد الوهاب ورعاياه من عسير والمع وغيرهم، وفهاد بن شكبان ورعاياه من بيشة وغيرها، وعبيدة وأهل سنجان ووادعة وقراها، وأهل وادي الدواسر ومن تبعهم، قيمة ثلاثين ألف مقاتل وذكَّرَهم يصدون نجران لقتال أهله، فسار هؤلاء الجموع ونازلوا أهل بدر مدة أيام، وجرى بينهم وقائع وقتلى بين الفريقين)[ عنوان المجد:1 / 146] أ.هـ
ويضيف مؤرخهم ابن بشر في غزو الحديدة [عنوان المجد:2 / 117 - 118] : (ثم أن إمام صنعاء (أي الوالي الوهابي) سيَّر عساكر عظيمة وحاصروا بندر الحديدة وأخذوه، فتجهز صالح المذكور إلى زبيد وجنوده وقومه فسار إليه بجيش عديد من قبائل عديدة حاضرة وبادية نحو ثلاثة الآف مقاتل، فنازل أهل زبيد وأخذوه عنوة ونهبوا منها من الأموال والأمتاع شيئا كثيرا، ولم يمتنع إلا القلعة الأمامية وما تحميه، ثم خر جوا عنها وعزل صالح الأخماس وبعثها إلى الدرعية) أ.هـ
فسبحان الله ما الفرق بين هجوم هؤلاء الوهابية وبين هجوم التتار الذين يقتلون وينهبون ويخربون البلاد ويحرقون شجرها ؟! وما الفرق بين هذا وبين ما فعله الإنجليز الأيرلنديين في الهنود الحمر في الأمريكتين حين قدموا عليهم غزاة ؟! بل وأي إسلام هذا الذي يحلُّ الإغارة على المسلمين ؟!!
- وعن تكفير مصر يقول عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في رسالة طويلة جاء في ثناياها : (فلا تغتروا بأهل الكفر وما أعطوه من القوة والعدة، فإنكم لا تقاتلون إلا بأعمالكم، فإن أصلحتموها وصلحت وعلم الله منكم الصدق في معاملته وإخلاص النية له أعانكم عليهم وأذلهم، فإنهم عبيده ونواصيهم بيده، وهو الفعال لمل يريد فعليكم بما أوجبه الله وافترضه من جهادهم ومباينتهم، وكونوا عباد الله على ذلك إخواناً وأعواناً، وكلّ من استطاع لهم ودخل في طاعتهم وأظهر موالاتهم فقد حارب الله ورسوله وارتد عن دين الإسلام ووجب جهاده ومعاداته، ولا تنتصروا إلا بربكم، واتركوا الانتصار بأهل الكفر جملة وتفصيلاً فقد قال صلى الله عليه وسلم: إنا لا نستعين بمشرك، وهذه الدولة - يعني الدولة المصرية أبناء محمد علي باشا الموالية للدولة التركية التي تنتسب إلى الإسلام - هم الذين أفسدوا على الناس دينهم ودنياهم واستسلموا للنصرانية واتحدت كلمتهم معهم، وصار ضررهم وشرهم على أهل الإسلام)[ الدرر السنية في الأجوبة النجدية 8/21 قسم الجهاد] .
- وعن تكفير الخلافة العثمانية والدولة المصرية، وجمهور الأمة الإسلامية وجعلهم في مرتبة الكفار والمشركين جاء في [الدرر السنية 9/23] : (من عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ : العاقل يدور مع الحق أينما دار، وقتال الدولة - يعني المصرية الكافرة - والأتراك، والإفرنج وسائر الكفار من أعظم الذخائر المنجية من النار) أ.هـ
يقول سعود بن عبد العزيز ( ت 1229هـ ) في الرسالة التي أرسلها إلى والي بغداد : (وأما قولكم : كيف التجري بالغفلة على إيقاظ الفتنة بتكفير المسلمين وأهل القبلة ومقاتلة قوم يؤمنون بالله واليوم الآخر، فنقول : قد قدمنا أننا لا نكفر بالذنوب وإنما نقاتل من أشرك بالله وجعل لله نداً يدعوه كما يدعو الله، ويذبح له كما يذبح له وينذر له كما ينذر لله ويخافه كما يخاف الله ويستغيث به عند الشدائد وجلب الفوائد، ويقاتل دون الأوثان والقباب المبنية على القبور التي اتخذت أوثاناً تعبد من دون الله، فإن كنتم صادقين في دعواكم أنكم على ملة الإسلام ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فاهدموا تلك الأوثان كلها وسوّوها بالأرض، وتوبوا إلى الله من جميع الشرك والبدع)، ثم قال : (وأما إن دمتم على حالكم هذه ولم تتوبوا من الشرك الذي أنتم عليه وتلتزموا بدين الله الذي بعث الله به رسوله، وتتركوا الشرك والبدع والخرافات، لم نزل نقاتلكم حتى تراجعوا دين الله القويم)[الدرر السنية:7/397] .
وبهذا يتبين من كتب الوهابية نفسها أن التاريخ الوهابي – ببساطة شديدة - تاريخ دامٍ، يستحل دماء المسلمين لغير سبب شرعي، وإليك الأمثلة من كتب التاريخ الأخرى قال الجبرتي في كتابه عجائب الآثار، وهو المعروف بتعاطفه الشديد مع الوهابية وموالاته لها : (شهر رجب الفرد سنة 1220 وفيه وردت الأخبار بأن الوهابيين استولوا على المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد حصارها نحو سنة ونصف) أ.هـ
وقال [شهر ربيع الأول سنة 1219 استهل بيوم السبت وفي ثالث عشره، ورد الخبر بوصول مراكب داوات من القلزم إلى السويس وفيها حجاج والمحمل، وأخبروا بمحاصرة الوهابيين لمكة والمدينة وجدة، وأن أكثر أهل المدينة ماتوا جوعاً لعزة الأقوات والأردب القمح بخمسين فرانساً إن وجد، والأردب الأرز بمائة فرانساً وقس على ذلك) اهـ.
وقال في عجائب الآثار الجزء الثالث/صحيفة 336 : (وأنه ورد عليهم خبر ليلة اربعة عشر شهره بأن جماعة من كبار الوهابية حضروا بنحو سبعة آلاف خيال، وفيهم عبدالله ابن مسعود وعثمان المضايفي، ومعهم مشاة قصدوا أن يدهموا "العرضي" على حين غفلة، فخرج إليهم شديد شيخ الحويطات ومعه طوائفه ودلاة وعساكر، فوافاهم قبل شروق الشمس ووقع بينهم القتال والوهابية يقولون "هاه يا مشركون" وانجلت الحرب عن هزيمة الوهابية وغنموا منهم نحو سبعين هجينا من الهجن الجياد محملةً أدوات، وكانت الحرب بينهم مقدار ساعتين] اهـ.
ويذكر المؤرخ الشهير عبدالرحمن الجبرتي في كتابه تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار أن الوهابيين : (حاربوا الطائف وحاربهم أهلها ثلاثة أيام حتى غلبوا فأخذوا البلدة، واستولوا عليها عنوة وقتلوا الرجال وأسروا النساء والأطفال، وهذا رأيهم مع من يحاربهم) أ.هـ من كتاب أديب غالب [من أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي:ص90، ط. دار اليمامة للبحث والترجمة والإشراف، طبعة أولى] .
فكيف يستحلون دماء الموحدين وأموالهم ويسبون نساءهم، مع أن الإسلام لا يبيح ذلك إلا مع المشركين وهؤلاء - على الأقل - يعتبرون انفسهم من المسلمين ومن الحنابلة ؟!!
#فرحات_رمضان
تعليقات