4 minutes reading time (815 words)

ماتنقمون من فيلم"في سبع سنين" ؟

images-21


ربما خضنا معركة كلامية أملتها علينا عقيدتنا وضمائرنا في نقد عمل توثيقي بلغة أهل فنه، كانت هذه إجابتي لأحد الأحبة لما سألني ما تنقمون من فيلم يناقش واقع ولو 1% .

فتنبهت لأمر مهم وهو أنه ربما يجهل البعض ما هو الدافع وراء غضبتنا ونحن الذين بالإمس وقفت بجانبا الجزيرة وقنواتها حتى طالها الحصار وتكالبت عليها الأمم.

وحتى يزول الإشكال لابد أن نفرق بين ما هو واقع وما ينبغي أن يكون، فالبرغم ما ننقمه على بعض ما تقدمه قناة الجزيرة من إعلام يتعارض مع عقيدتنا وما نصبوا إليه، إلا أنها مازالت المتنفس الوحيد الذي تشم منه رائحة خير ولو بنسبة ما.

وما دعانا لمهاجمة فيلم في سبع سنين كان عدة دوافع:

الدافع الأول منه: هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي يظل أهله غرباء مستهجنين لكن على الحق ظاهرين، فما رأيناه من خلال المادة الفلمية المقدمة في فيلم سبع سنين هو تبرير للباطل وتلميع له حتى ولو دون قصد وتم هذها بصورة أو بأخرى من موسيقى وإضاءة وفتح مجال للشرح دون تعليق نافع.

أما الدافع الثاني : فهو الخوف من الوقوع تحت قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.

فإشاعة حالات مرضية بهذا الشكل حتما سيتبعها قبول عام لما تقوم به هذه الفئة وعدم استغراب بل وترويج لفلسفة الشهرة وركوب موجة الظهور.

أما الدافع الثالث: وهو الخوف من تقريرأباطيل يسلم بها كحقائق في المستقبل، وتصبح عائق من عوائق تصحيح المسار، كالترويج لمسلمة أن الإسلاميين هم السبب في ظاهرة الإلحاد وأن سلبيتهم كانت عامل حفز له، في حين أن الحقيقة عكس ذلك وهي أن اضطهادهم ومنعهم من الدعوة إلى الله وحربهم من الأنظمة كانت السبب الرئيسي بل إن الأنظمة المستبدة ترحب بالإلحاد وبالتدين المزيف فكلاهما جناحي السلطة المبسوط على الشباب.

أما الدافع الرابع: فإن كثيرا منا كان ينظر لما تقدمه الجزيرة من حرفية مهنية بعين الإنبهار، خاصة أنها مؤسسة عربية تحمل في طيات ثقافتها قيم نحتاج لتدعيمها وهي نفسها تحتاج لمساندتنا لها، فخيبة الأمل في خروج عمل بهذا الشكل المنقوص وبهذه الصورة المشوهة جعلنا نتكلم لأنه لم يصل إلى الحد الأدنى من طموحاتنا.

الدافع الخامس: الإحساس بالمسؤولية تجاه جيلنا الذي عاش الأمرين مر الأنظمة المستبدة ومر فشل الثورة والشتات والغربة المركبة، ثم يأتي من يزايد علينا وعلى جيل بالكامل دون أن ننبه على ذلك أو نسكت على هذا التجاوز وإن كان نسبي، فالكلمة مسؤولية والتوثيق لواقع ما مسؤولية والسكوت عن تجاوز ما مسؤولية.

لكن قبل أن ينفض المولد بين مؤيد ومعارض لمثل فيلم "في سبع سنين" يجب أن يكون لنا عدة وقفات.

  • 1- يجب أن نعترف بأن هناك واقع مؤلم عايشه أبنائنا خلال السبع سنوات الماضية آخره تسليم أحد أبنائنا من مطار اسطنبول بعد سبع سنين دون اكتراث لإزهاق هذه الروح ودون وقفة تصحيحة، هذا الواقع اختلط فيه الحابل بالنابل والغث  بالثمين وعجزنا أن نقدم حلول ناجعة وفاعلة تحقق أقل قدر من الخسائر وأكبر قدر من المكاسب.
  • 2-أننا لا نمتلك أدوات إعلامية متطورة تنافس قناة الجزيرة ولو على السوشيال ميديا، ولا نجيد إلا الأساليب القديمة محدودة الجماهير وهذه مصيبة.
  • 3-أننا لا نمتلك مؤسسات إعلامية تدريبية ولا نهتم بالكوادر المتخصصة ولا ندفع لإعداد جيل متميز فيها.
  • 4-أن إعلامنا مازال نخبويا يخاطب فئة معينة لم يتعداها ليصل إلى فئات الشعوب المختلفة ولهذا هو غير قادر على قيادة الجماهير أو مخاطبة الرأي العام بصورة فاعلة.
  • 5-أننا نحتاج لدعم الكوادر البحثية وأدوات البحث الإعلامي والسياسي ونتخلص من نظرة أنها أدوات مستهلكة أو أنها نوع من الرفاهية وأنها أصبحت ضرورة لاستقلالية الطرح وتوضيح وجات النظر.

وتبقى عدة نقاط لم يفهما من قرأ نقدنا لقناة الجزيرة ولا اعتراضنا على سياق الفيلم:

  • أ‌-أننا نفرق بين نجاح العمل بصورة فنية بلغة أهله، وتحقيق جماهيرية، وهذا احقاق للحق تحقق في فيلم في سبع سنين من ناحية إثارة القضية وحالة من الجدل شئنا أم أبينا نحن طرف فيها.
  • ب‌- أن الفيلم خلق نوع من (الفَلجة) كأنه ماء بارد على وجه مكفهر من شدة الحرارة، وما صدر منا ماهو إلا أبخرة الصدمة ومرارة الواقع.
  • ت‌-بين التباين بين من تحكمه العقيدة وبين من تحكمه الظروف والملابسات، فالسعي لإخراج عمل فني ما دون رؤية عقدية ثابته يجعله مهما كان حلو الشكل إلا أنه مر المذاق ماسخ الطعم.
  • ث‌-أننا لابد أن نتلاقى على كلمة سواء بيننا وهي الانضباط الخلقي قبل النجاح المهني، وأن لا نبعد المسافة بيننا وبين القائمين على هذه المؤسسات وعلى العكس فإن القائمين على هذه المؤسسات يجب أن لا يغتروا ببهرج الإنتاج وصلف الاستعلاء الذي يظهر في عبارات مثل (وإيش فهمهم) (وماذا قدموا)، فهناك فرق بيِن بين قبولنا لكم كأقرب مسافة لنا واقعيا، وبين كونكم تظنون أن إعلامكم وصي علينا أو هو الذي سيغير عقيدتنا أو يفرض وجهة نظر مرفوضة شرعا لنا.
  • ج‌-أنه لابد أن تكون هناك قراءة نقدية لأي عمل فليس كل ما هو ناجح بالمعايير الإعلامية يصلح لأن يكون سندا لكم يوم القيامة ولا شفيعا مرتجى، فعند الله تلتقي الخصوم، ومعايير الدنيا لن تطغى على معايير الأخرة، والأمر لصاحب الإمر والعدل المطلق عند الله يوم لاينفعكم فيلمكم ولا تستركم بهرجتكم.

إننا اليوم على محك تغيير إن لم تكون غايتنا هي رضا الله فبئس الغايات، وإن لم يكن سعينا لإعلاء شرع الله فخاب السعي، وإن لم تكن غضبتنا لحماية جنبات الشريعة فهي غضبة جاهلية، والله المستعان وعليه التكلان. 

لماذا يغفل المسلمون أبجديات التفاعل الصحيح مع الصر...
إنقلاب الجماهير على الإسلاميين .. مقاربة للفهم (1...
 

Comments

عبد المنعم منيب on Wednesday, 06 February 2019 11:24

جزاك الله خيرا يا شيخ خالد .. جهد مميز

0
جزاك الله خيرا يا شيخ خالد .. جهد مميز