15 minutes reading time (3011 words)

تحريفات الألباني العقدية وأثرها على الحركة السلفية

d8725bc4-4903-400a-93ee-d87bbf456416

عندما يتحول العالم إلى عقبة في طريق الحركة الإسلامية تعوقها عن الريادة وحركة التغيير للمجتمع ، فتحول  تقريراته وتنظيراته بينهم وبين الوصول إلى تغيير حقيقي.

في هذا الوقت يجب أن نقف وقفة منصفين عاقلين وننحي العاطفة والهوى جانب الفهم، ساعتها يحدد أبناء الحركة وعقلاؤها دور هذا العالم الريادي المناط به، ليصبح في ركن الدعاة الصالحين لا القادة المصلحين.

فالعالم أو الداعية إذا امتدت يده إلى النصوص بالتحريف لينصر قضية (ولو كانت صحيحة) فهو في هذه الحالة قد كتب على نفسه الخروج من حمل أمانة الدين وتحملها،إلى مصاف المجروحين والمتروكين.

والشيخ الألباني رحمة الله عليه رغم ما له من جهود في إحياء السنة،إلا أنه لم يسلم من الوقوع في هذه الآفة، مما حدا بكثير من أهل العلم للتصدى له ونصحه في حياته، ومنهم الشيخ محمد أبو رحيم تلميذه المخلص في كتابه ترددات الألباني في حكم تارك الصلاة، بل وأفرد البعض لذلك ابواب توسع فيها شاملا الفقه والعقيدة ومنهم مقصد العبدلي-(الغريب أني لم أكن وقفت على كتبه قبل نشر هذه المدونة لولا المجادلين)-،بل والشيخ سفر الحوالي في شرح الطحاوية، وأبو بصير الطرطوسي في حكم تارك الصلاة، وغيرهم كثر.

إلا أنه رحمة الله عليه لم يذكر عنه تراجع أو تصحيح لما أقترفه من جناية في حق نفسه وحق الأمة، فتلبس ببدعة الإرجاء وزاد الطين بله بأن امتدت يده لنصوص سلفية فحرفها نصرة لمذهبه، مما أكد ما ذهب إليه المنصفين من كونه متهم بالإرجاء والتحريف.

خطورة التعصب والتقليد:

ولا يدفعنا التعصب والتقليد لانكار الحق مهما كان، قال بن الجوزي في تلبيس ابليس: أعلم أن المقلد عَلَى غير ثقة فيما قلد فيه وفي التقليد إبطال منفعة العقل لأنه إنما خلق للتأمل والتدبر وقبيح بمن أعطي شمعة يستضيء بِهَا أن يطفئها ويمشي فِي الظلمة واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم فِي قلوبهم الشخص فيتبعون قوله من غير تدبر بما قَالَ وهذا عين الضلال لأن النظر ينبغي أن يكون إِلَى القول لا إِلَى القائل.

ويقول العلامة بكر أبوزيد: يجب على طالب العلم فائق التحلي بالأمانة العلمية في الطلب والتحمل والعمل والبلاغ والأداء. فإن فلاح الأمة في صلاح أعمالها وصلاح أعمالها في صحة علومها وصحة علومها في أن يكون رجالها أمناء فيما يروون أو يصفون فمن تحدث في العلم بغير أمانة فقد مس العلم بقرحة ووضع في سبيل فلاح الأمة حجر عثرة.

ولا شك أنني كتبت هذه المقدمة وما تلاها على مضض من أن اسكت عن الحق فأكون شيطانا أخرس، أو أجهر به مستدلا عليه متوكلا على الحق دافعا بعونه أراجيف المتعصبين وترهات المضليين وأوهام المحبين عن غير معرفة ويقين.

وأخترت جانب لا خفاء فيه وهو "تحريفات الألباني العقدية" مستدلا بنماذج متيقن منها، في إطار مذهب الألباني في الإرجاء، والذي دعمه بتلك التحريفات، وإلا لما يحرف النصوص لخدمة عقيدة الإرجاء إن لم يكن هو نفسه (مرجىء).

وسأسرد أربعة تحريفات في النصوص نبه إليها المحققين من أهل العلم، موضحا الغرض منها بالمقارنة بين أصل النقل وخطورة هذا التحريف ،


النص الأصلي لابن القيم


وأولى هذه التحريفات :

تحريف الشيخ الألباني في كتابه حكم تارك الصلاةلقول الإمام بن القيم في كتابه الصلاة(أن الكفر نوعان: كفر عمل وكفر جحود وعناد) إلى : قد أفاد - رحمه الله(بن القيم) (أن الكفر نوعان:كفر عملوكفر جحود واعتقاد ، وذلك في كتابه حكم تارك الصلاةص 37 دار الجلالين بالرياض، وفي السلسلة الصحيحة حديث 3054 ج7 ص134 (والتي هي أصل كتاب تارك الصلاة مضاف عليه مقدمة لم تخل من تحريف النصوص لتلميذه الحلبي)،ونقل عنه دون تعليق في موسوعة الألباني في العقيدة ج4 ص341، هذا بالرغم من أن تلميذه الشيخ الدكتور محمد أبو رحيم قد نبه الألباني على هذا التحريف في كتابه ترددات الألباني في حكم تارك الصلاة موضحا ذلك التحريف وخطورته في( حياة الشيخ ) وأعلمه بها، إلا أنه لم يتراجع عنه .

 لكن ما خطورة تبديل الشيخ الألباني لقول الإمام إبن القيم؟

هو أنه بهذا التحريف يجعل الكفرإالمخرج من الملة فقط ما كان مشروطا باعتقادا لا يظهر الا باعتراف اللسان وهذا قول المرجئة.

ولم يفرِّق الشيخ -رحمه الله- بقيد الاعتقاد أو الاستحلال الاعتقادي.. بين ترك الفرائض وركوب المحارم، فكلاهما عنده سواء، وهذا يخالف تقريرات أهل السنة. 

قال سفيان بن عيينة: المرجئة سموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم وليس سواءً لأنن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهلٍ ولا عُذْر كُفْر.

وهذا مخالف لإجماع أهل السنة كما قال العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله: الكفر يكون بالاعتقاد وبالقول وبالفعل وبالشك والتَّرْكِ. اهـ

والعجيب أن بعضهم يقول أن هذا ليس تحريفا، لأن الشيخ قال (أفاد)، فنسأله سؤال بين: وهل فعلا أفاد إبن القيم ذلك؟ فإن قال نعم فقد كذب على لإبن القيم لأنه رحمة الله عليه لم يفد ذلك المعنى في كتابه تارك الصلاة، وإن قال لا، فهو بذلك يتهم الشيخ الألباني في أنه أفاد بغير الحقيقة، ومعلوم أن الأفادة بغير الحقية ماذا تعني؟

وسأنقل لك كلام تلميذه أبو رحيم في رده على رسالة حكم تارك الصلاة، والتي اطلع عليها الشيخ الألباني في حياته.

قال الشيخ محمد أبو رحيم في كتابه ص 30 معلقا على (إفادة الألباني) ما نصه:

ههنا تحريف بالتبديل، ولا أدري إن كان هذا قد جرى من المدعو خطأ!! أو تعمده غيره في حين غفلة منه!!

ومهما يكن من أمر، فالذي جاء في كتاب ابن القيم قوله: أن الكفر نوعان: كفر عمل وكفر جحود وعناد، وليس جحود واعتقاد كما أثبته الشيخ! وحتى تدرك خطورة هذا التبديل لابد من رصد الفرق بين كفر العناد والاعتقاد! فكفر العناد هو كفر الإباء والاستكبار مثل كفر إبليس.

وإذا كان كفر الجحود قول اللسان مع استيفاء القلب بالجحود، فإن كفر الاعتقاد من قول القلب وليس عمله! والجمع بينهما يجعل الكفر المخرج من الملة عند المدعو ما كان اعتقادا لا يظهر إلا باعتراف اللسان.

ولو ذكر الشيخ كلام ابن القيم كما هو، ثم ثنى بالتقسيم الذي يراه لكان أليق به!!

وإذا أردنا أن نتحقق من ابن القيم عن هذا التقسيم وفي معرض ذكره، وعن موضع مصطلح الكفر الاعتقادي والكفر العملي لوصلنا إلى نتيجة هامة وهي: أن ابن القيم ما ذكر هذا التقسيم: كفر عمل وكفر جحود وعناد- وليس اعتقاد – إلا في معرض فصله في الحكم بين تارك الصلاة ومن منع تكفيره، وترجيحه لمن قال بالتكفير، وهو بهذا رد على تشكيك الشيخ في موقفه، وكذا مصطلح الكفر الاعتقادي والكفر العملي.

فقد ذكر بعد تقسيمه للكفر حيث قال: وأما كفر العمل: فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده فالسجود للصنم ...إلى أن قال: فالإيمان العملي يضاده الكفر العملي والإيمان الاعتقادي يضاده الكفر الاعتقادي...إلى أن قال: والمقصود أن سلب الإيمان من تارك الصلاة أولى من سلبه عن مرتكب الكبائر، وسلب اسم الإسلام عنه أولى من سلبه عمن لم يسلم المسلمون من لسانه ويده، فلا يسمى تارك الصلاة مسلما ولا مؤمنا وإن كان معه شعبة من شعب الإسلام والإيمان، يعني شعبة التصديق وهي قول القلب، وهي غير نافعة لوحدها).

لم يتردد ابن القيم في اختيار الحق في الحكم على تارك الصلاة كما أوهم المدعو، وما كان ذلك منه إلا بعد أن ذكر تعريف الإيمان عند السلف وأنه قول وعمل، قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح، أو بعمل القلب أو بعمل الجوارح، وليس كما يراه من أن الكفر المخرج من الملة، ما كان اعتقادا أو جحودا أو ما كان من دالا عليهما!!أهـ

.

النص المحرف في كتاب تارك الصلاة للالباني

التحريف الثاني:

تحريفه فيما ينقله عن شارح العقيدة الطحاوية ونسب إليه مالم يقله، في قوله : وقد ساق الشارح رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى طائفة منها هنا ونقل عن أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص – (‌أن ‌الذنب ‌أي ‌ذنب ‌كان ‌هو ‌كفر ‌عملي ‌لا ‌اعتقادي) وأن الكفر عندهم على مراتب: كفر دون كفر كالإيمان عندهم ثم ضرب على ذلك مثالا هاما طالما غفلت عن فهمه النابتة المشار إليها . ص 363: [323] (العقيدة الطحاوية شرح وتعليق الألباني) ط المكتب الإسلامي 1398 هـ، صـ 40 ــ 41.

وبمراجعة (شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العز الحنفي على تحقيقات العلامة أحمد شاكر وتحقيق بشير عيون، والتركي والأرنؤوط للبحث عن لفظة (أي ذنب) تبين أن الشارح لم يقل ذلك البته.

وحاصل كلام الألباني أن أي ذنب كان لايكفر فاعله إلا أن يستحله استحلالا قلبيا اعتقاديا ــ حسبما عَرَّف الاستحلال في المصدر المشار إليه ــ فإن لم يستحله كان كفراً أصغر.

و الألبـاني لم يكن أمينـا في النقل عن ابن أبي العز الحنفي الذي لم يقل هذا الكلام، وإنما وصف ابن أبي العز الكفر الأصغر (كفر دون كفر) بالكفر العملي فقال: (ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لانكفر أحداً بذنب، بل يقال لانكفرهم بكل ذنب كما تفعله الخوارج) (شرح العقيدة الطحاوية) صـ 355 ــ 356. هذا كلام الشارح فتأمل الفرق؟! .

وهذا مذهب الألباني المشهور رحمة الله، في حصر الكفر في القلب دون العمل فقد قال أيضاً: "الكفر الاعتقادي ليس له علاقة بالعمل له علاقة بالقلب"، وفي التحذير: "الكفر الاعتقادي ليس له علاقة أساسية بمجرد العمل، وإنما علاقته الكبرى بالقلب"( فتنة التكفير والحاكمية، ص 38، والتحذير من فتنة التكفير، ص 70.)

والعجيب أن أحد المشغبين على هذا التحريف ذهب يعد الكلمات المنقولة عن فلان وفلان دون تحقيق لحقيقة النقل ومافيه من إضافة(أي ذنب)، بل ذهب أكثر من ذلك، فقام المدعو بخداع القراء بحجة الرد على موقعه وموقع الشيخ الألباني، وذهب إلى طبعة وزارة الأوقاف وليس الطبعه المحرفة(المكتب الإسلامي ط3) ليثبت عدم وجود اللفظة رغم أن طبعة وزارة الأوقاف السعودية اعتمدت في الأصل على تحقيق العلامة أحمد شاكر وأضافت لها  بعض تعليقات الألباني، وكونه يذهب إلى طبعة غير التي أحلت إليها هو في حد ذاته تضليل للقارئ.



التحريف الثالث:

تحريفه في النقل عن بن حجر في فتح الباري نصرة لمذهبه في عدم تكفير تارك العمل بالكلية ومن العمل عنده ترك الصلاة كما نص على ذلك بقوله:"فإن الأعمال الصالحة كلها شرط كمال" ، وهذا بدعا من القول لم يقل به أهل السنة.

فقال :في حكم تارك الصلاةج1 ص160 – والصحيحة ج7 ص 149، :

ويعجبني بهذه المناسبة ما نقله الحافظ في (الفتح) (12 / 300) عن الغزالي أنه قال: (والذي ينبغي الاحتراز منه: التكفير ما وجد إليه سبيلا فإن استباحة دماء(( المسلمين)) المقرين بالتوحيد خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم لمسلم واحد). فحرف الألباني قول الحافظ في الفتح وبدل كلمة (المصلين) ب(المسلمين) ونص كلام الحافظ في الفتح: وقال الغزالي في كتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة والذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلا فإن استباحة دماء(( المصلين ))المقرين بالتوحيد خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطإ في سفك دم لمسلم واحد.

وذلك في معرض استدلاله بحديث الشفاعة على خروج تاركي الصلاة من النار ، مخالفا  جمهور السلف في الفهم متهما إياهم أنهم غفلوا لهذا الدليل على مر القرون في الاستدلال فقال رحمة الله :فإن عجبي لا يكاد ينتهي من إغفال جماهير المؤلفين الذين توسعوا في الكتابة في هذه المسألة الهامة ألا وهي: هل يكفر تارك الصلاة كسلا أم لا؟

لقد غفلوا جميعا - فيما اطلعت - عن إيراد هذا الحديث الصحيح مع اتفاق الشيخين وغيرهما على صحته

لم يذكره من هو حجة له ولم يجب عنه من هو حجة عليه وبخاصة منهم الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى فإنه مع توسعه في سوق أدلة المختلفين في كتابه القيم (الصلاة) وجواب كل منهم عن أدلة مخالفه فإنه لم يذكر هذا الحديث في أدلة المانعين من التكفير إلا مختصرا اختصارا مخلا لا يظهر دلالته الصريحة على أن الشفاعة تشمل تارك الصلاة أيضا.(ص 35 كتاب تارك الصلاة) وهذا تحريف في الفهم علاوة على التحريف في النص.

وقد ذهب أحد المنافحين عن هذا التحريف بأن هذا يرجع لاختلاف النسخ فقد: نقله الشوكاني في نيل الأوطار ج7 ص199، ونسبه إلى كتاب "التفرقة بين الإيمان والزندقة" وهو الكتاب الذي نسب ابن حجر إليه القول، وفي شرح القسطلّاني ج10 ص87 نقل: "فإن استباحة دماء المسلمين المصلين"، وفي كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" ط.دار الفيحاء 1470هـ ج2 ص595 نقس النقل، وقال المحقق عند كلمة (المصلين) وفي نسخة: (المسلمين).

فيتضح لنا أن ما وقع نابع عن اختلاف نسخ، وقد يرجع اختلاف نقل الألباني عن نقل ابن حجر إلى أحد سببين:الأول: أن الألباني كتب من ذاكرته، وكان يحفظ العبارة بلفظ المسلمين كما قرأها بكتب أخرى.
الثاني: أنه تتبّع النسخ ووجد أن لفظ المسلمين أصح.

وهذا الاعتراض لا محل له من النقاش:

أولا: إذ أن الشيخ محمد أبو رحيم والشيخ أبو بصير الطرطوسي (مصطفى حليمه) والذي أرسل له تعليقاته قبل نشرها في كتابه حكم تارك الصلاة وقال فيها: (وقد وهم الشيخ الألباني ثانية عندما قوَّل الحافظ ابن حجر، والغزالي مالم يقولا، انتصاراً لمذهبه في تارك الصلاة)، إشارة إلى هذا التحريف في حياة الألباني وبعلمه، ولم يرد الألباني بذلك.

ثانيا: أن الشيخ الألباني إلتزم النقل عن إبن حجر برقم الصفحة والطبعة ولم يذكر كعادته إذا تتبع النسخ وصحح اللفظة ذلك الاستنتاج المبالغ فيه.

ثالثا: أن الحلبي تلميذه - والذي حذرت اللجنة الدائمة بعلمائها الأجلاء من تحريفاته- عندما قدم لكتاب تارك الصلاة المستمد من الصحيحة للألباني وعليه إضافات وتعليقات جديدة ككتاب مستقل بتقديم الحلبي، لم يشر من قريب أو بعيد لاختلاف نسخ أو ترجيحات ألفاظ.

رابعا: أننا لا نستطيع إلزم أحد إلا بما ألزم به نفسه، يقول شيخ الإسلام(" فالصواب أن مذهب الإنسان ليس بمذهب له إذا لم يلتزمه)(مجموع الفتاوي)، والشيخ الألباني رحمة الله عليه في موضعين التزم النقل عن ابن حجر بالصفحة ورقم الطبعة، ولم يذهب لاستناجاتكم بل واستدل بالقول لنصرة مذهبه، فلا يلزمنا تعليلاتكم خاصة إذا نظرنا لمذهب الشيخ إجمالا في مسائل الإيمان والكفر.

خامسا: وحتى لو ذهبنا بخيالنا لأن الالباني اختار اللفظة الصحيحة، فبالرجوع لأصل القول فهو عن الإمام الغزالي، والغزالي أثبت(المصلين) فالأولى اختيارا لفظة المصلين، وهذا ما أشار له أبو بصير في كتابه تارك الصلاة فقال: والصواب كما في الفتح(12/314)، أن الغزالي لم يقل: " فإن استباحة دماء المسلمين المقرين بالتوحيد خطأ "، وإنما قال: " فإن استباحة دماء المصلين المقرين بالتوحيد خطأ " ، فواضح الفرق بين القولين والنقلين، ولو أثبت الشيخ كلمة المصلين بدلاً من كلمة المسلمين كما في الأصل، لما كان لاستشهاده بمقولة الغزالي أي معنى أو دليل،لأنه استدل به لبيان حرمة تاركي الصلاة وخطأ تكفيرهم!


التحريف الرابع:

حرّف كلام شارح العقيدة الطحاوية ونسب إليه قوله (فعلينا الاجتهاد في الاستغفار ((والتربية)) واصلاح العمل) (الطحاوية تحقيق الألباني طبعة المكتب الإسلامي) صـ 47، وفي أصل الشرح كلمة ((التوبة)) لا (التربية)، والغريب أنه في طبعه حديثة بعد وفاة الشيخ كتب في الهامش (وهم الشيخ في النقل)، ولو وهم الشيخ ما علق في الهامش وبني على هذا أنه لايجب الخروج على الحكام المعاصرين(بصرف النظر عن جدلية المسألة) بل الواجب الاشتغال بالتربية.

فمن أجل التربية حرف الألباني كلمة التوبة إلى التربية، والتربية عنده تعني كما في موسوعة الألباني في العقيدة ج6 ص13 : حينما نقول: التربية، فإنما نعني من هذه التربية التربية القائمة على التصفية، فلا بد من الأمرين معاً، التصفية والتربية، فإن كان هناك نوع من التصفية فهو في العقيدة. أهـ .

فلا تتم التربية بلا تصفية في العقيدة(فهل تتم تصفية العقيدة بتحريف النصوص البين والتلاعب في أقوال أهل العلم)؟

ولو قال البعض بأن التربية هي بمعنى التوبة، فهذا اعتراض ساذج، فلو ترك لنا تحريف نصوص أهل العلم ونقولهم بالمعاني –هذا لو صح- فإنه لن يبق كتاب بنص مؤلفه، ولو كان النقل صحيحا ما اعتذر صاحب دار النشر للكتاب(المكتب الإسلامي) عما ند من الألباني فقال معلقا في الطبعات الأخري: في الأصل (التربية) وهو خطأ ‌ند عن الشارح وكذلك سقطت الآية الكريمة عنده عفا الله عنه] .

خطورة هذه التحريفات:

خطورة هذه التحريفات أنها تقول وكذب متعمد وهذا لا يجوز لآحاد طلبة العلم الصغار فضلا عن العلماء, قال ابن حزم (فاعلموا أن تقويل القائل ــ كافراً كان أو مبتدعاً أو مخطئاً ــ مالا يقوله نصاً كَذِبٌ عليه، ولايحل الكذب على أحد) (الفصل) لابن حزم، جـ 5 صـ 33.

وهـذ ه الأخطـاء تطعن في عدالة الألباني وتجعل الثقة لاتقوم بتقريراته العقدية خاصة، ويجعل الاعتماد على كتبه محل نظر. قال البخاري (تركت عشرة آلاف حديث لرجل فيه نظر، وتركت مثلها أو أكثر منها لغيره لي فيه نظر) (هدي الساري) صـ 481.

قال السجزي: "كل مدع للسنة؛ يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله؛ فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف؛ علم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغى إليه، أو يناظر في قوله"اهـ ذكر السيوطي –رحمه الله- كما في (الأشباه والنظائر) .

وقد يقول قائلهم إن نقل السجزي قصد به الأشاعرة، فأقول هذه قاعدة معلومة ومشهورة عن أهل العلم-ولو قصد بها من قصد- ولا خلاف بينهم في تحري الصحة في النقل، ولو كنتم تنقدون الأشاعرة فأسألكم عمن ينقل الألباني؟ أليس عن الغزالي وابن حجر وهم من الأشاعرة؟ فهل زاغت الأبصار عن قواعد أهل العلم أم إنها المشاغبة؟ ومن أين جاءت إشكالياته إلا من النقل عن الأشاعرة؟

فالإيمان عند الشيخ الألباني رحمة الله عليه هو (قول واعتقاد وعمل، والعمل شرط في كماله)، وهي نفس تقريرات الأشاعرة التي توالت في كتبهم، وعلى سبيل المثال نأخذ قول البيجوري: أن المختار عند أهل السُّنة والجماعة (الأشاعرة) في الأعمال الصالحة أنها شرط كمال الإيمان. (راجع حقيقة الإيمان عند الألباني لتلميذه محمد أبو رحيم والمراكشي عقيدة أدعياء السلفية)

يقول العلامة بكر أبو زيد محذرا من مسلك التصرف في نقول أهل العلم: ومن مفردات الخيانة التحريف للنص من آية أو حديث أو أثر أو كلام عالم في ذات النص أو معناه أو دلالته ومؤداه فهو قادح في الأمانة مناهض لها، وقد أطبق المسلمون على تحريمه إذ هو آخية الكذب". اه" (تحريف النصوص من مأخذ أهل الأهواء في الاستدلال ص 12) بكر بن عبد الله أبو زيد 1412/4/2 – الرياض.

وقد يستغرب البعض ما سبق ، فأقول لا تستغربوا فقد اتهم الشيخ الالباني ذاته بعض خصومه بالتحريف لتصرفهم في  لفظه فقد قال في كتابه تحريم آلات الطرب متهم الشيخ الغزالي بالتحريف ومعلالا ذلك بقوله:حرف بجهل بالغ أو تأكيدا لهواه قول ابن حزم المذكور: "وهذا لا شيء" إلى قوله: "وسنده لا شيء" (تحريم آلات الطرب للالباني ص55)، إذا فالشيخ الألباني ذاته من منهجه مجرد التصرف بتحويل لفظة سنده إلى هذا، هو درب من التحريف. ،

 وللسلف تقريرات تحفظ مقام العالم مع نقده، كقولهم  مثلا في ترجمةمحمد بن حازم الضرير " أبو معاوية " ت سنة 113ه، وهذا مسلم به عند أهل العلم في دقة الوصف في علم الرواية.

قال ابن حيان كان حافظًا متقنًا ولكن كان مرجئًا خبيثًا ، وقال أبو داود ، كان رئيس المرجئة بالكوفة ، فالذين لا يتقبلون هذه 

الحقيقة هل يرون أن الشيخ الألباني - رحمه الله وغفر الله لنا وله - أحفظ وأعلم من أبي معاوية؟  .

أثر تحريفات الألباني على الحركة الإسلامية:

لقد شقت تقريرات وتحريفات الألباني عصى الحركة الإسلامية ونشأ عنها جيل يستحل الكذب والتحريف على العلماء ومنهم بعض تلامذة الألباني الذين قدم لهم كتبهم وقدم أحدهم له كالحلبي وشكري والزهراني والعنبري حتى حذرت منهم اللجنة الدائمة في عدة فتاوى.

وخرج جيل من سدنة الحكام الظلمة، يبررون أفعالهم بفعل الألباني، ولو تأمل الناظر تحريفات من ليسوا بتلامذته كياسر برهامي مثلا في كتابه الرد على ظاهرة الإرجاء يجد أن تقريراته وتحريفاته كلها قدوته فيها الشيخ الألباني ويكاد ينقل عبارات وأدلة تطابق ما نقله الألباني حذو القذة بالقذة.

وعلى أبناء الحركة السلفية أن يكونوا أصحاب وعي واتباع وفهم سلفي، وأن يتركوا التعصب لأي شيخ أو عالم كائنا من كان، فعن عبدالله بن مسعود قال لا يقلدن أحدكم دينه رجلا فإن آمن آمن وإن كفر كفر وإن كنتم لا بد مقتدين فاقتدوا بالميت فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح .

.





Gummi bears caramels donut carrot cake carrot cake chupa chups bonbon tootsie roll.

النص الأصلي في فتح الباري وذكر فيه لفظة المصلين والذي عزى إليه الشيخ الألباني
النص المحرف والمستبدل لكلمة المصلين بالمسلمين

Gummi bears caramels donut carrot cake carrot cake chupa chups bonbon tootsie roll.

Gummi bears caramels donut carrot cake carrot cake chupa chups bonbon tootsie roll.

نص الإمام الغزالي وفيه الكلمة الأصلية (المصلين)
قصف العقول الدعاية للحرب
Scenes and comics from the play of "June 30th Gold...
 

Comments

No comments made yet. Be the first to submit a comment