تمهيد تاريخي:
أسس الشيخ محمد ابن عبد الوهاب -رحمه الله- لفكر ديني ذي طابع سياسي، استطاع من خلاله تكوين جماعة حركية، والتي استطاعت -بمساعدة آل سعود حكام الدرعية- التوسع العسكري ومن ثم نشر فكرتها في منطقة نجد شرق الجزيرة العربية، منطلقة من تصور مفاده أن الإسلام عاد غريبًا كما بدأ أول مرة، وأن الجاهلية والشرك عمت الأرض كما كانت على عهد النبي r.
دخلت الوهابية في صراع مع العثمانيين، على أثره تدخل محمد على والي مصر، وانتهي بهزيمة الوهابيين وحلفائهم من آل سعود في معركة الدرعية سنة 1818م، خفت بعدها نجم الوهابية لمدة قرن من الزمان تقريبا، حتى قام الملك عبد العزيز آل سعود سنة 1911م بإعادة الإحياء العسكري للحركة، تحت مسمي حركة (إخوان من أطاع الله).
وقد أدرك الساسة البريطانيون مبكرًا أن البيت السعودي لابد وأن يطرح الوهابية، إذا ما وصل لحد معين من الانتشار، لأن التوسع بعد ذلك خارج قدرة الملك، ولا يتحقق إلا بالفكرة الوهابية ([1])، وبعيدًا عن جدلية النشأة، فسواء نشأت الحركة قبل الملك عبد العزيز أو هو الذي أنشأها، فلا ريب أن الحركة اقترنت به وهو الذي ادخلها التاريخ أو هو الذي غير بها التاريخ، فقد اتخذ آل سعود من التبشير بالإصلاح الديني على الطريقة الوهابية ركيزة وراية في صراعهم من أجل توحيد أراضي نجد بزعامة الرياض.
ومع احتدام الخلاف بين الحركة والملك تقابل الفريقان في معركة السبلة في مارس 1929م، والتي انتهت بانتصار قوات آل سعود، بدعم من بريطانيا، حيث اعتبرت آخر المعارك الرئيسية التي خاضها عبد العزيز في سبيل تأسيس المملكة العربية السعودية، بعدما استغل الحركة أيديولوجيا وعسكريا لمدة ما يقرب من عشرين سنة استطاع خلالها التوسع في معظم مناطق الجزيرة العربية، وتأسيس المملكة.
تبنت المملكة العربية السعودية الأيديولوجيا الوهابية إثر قيامها سنة 1932م، واتخذ الملك عبد العزيز آل سعود لقب الإمام، ولم يكن ذلك يعنى أن يؤم المصلين فحسب، بل أيضا زعامته لجميع الموحدين المناهضين للمشركين من مسلمي البلدان الأخرى ([2]).
ومع القضاء على حركة الإخوان، -وفي سلوك مشابه لفعل العلمانيين في أوروبا حال اسقاطهم الحكم الكنسي، واحتفاظهم بقرب رجال الدين، ليستفيدوا من نظرية (الحق الإلهي) في الحكم-، عملت المملكة السعودية الناشئة على قطع جزور الإحياء السياسي الوهابي مرة أخرى، وفي نفس الوقت استفادت من السلطان الديني للحركة، مستنبتة لشكل مختلف من الوهابية، تضخمت فيه وصاية الدولة على الدين، وتبني (التوحيد الاجتماعي) في مقابل بتر (التوحيد السياسي)،فثبتت محاربة شرك القبور تدريجيًا فيما أسقطت محاربة شرك الحاكمية كليًا، إلا حين يكون ثمة حاجة لتنزيلها في موضع معين، أو في ظروف تخدم النظام السياسي على وجه الخصوص([3])، هذا البتر المتعمد الذي أخرج الوهابية في شكل كيان غير متناسق، مارس العديد من أشكال التشدد الديني ضد المجتمعات المسلمة، وفي المقابل مارس نوعًا من التبرير المتعمد لأشكال الظلم والفساد القائمة في الأنظمة العربية، حتى صار يطلق عليها (سلفية ولاة الأمر).
صمم الملك عبد العزيز هذا الشكل ليكون حائط صد عن نظامه الناشئ ضد أي منازع سياسي محتمل، وتابعه على ذلك حكام المملكة حتى نهاية فترة الملك عبد الله بن عبد العزيز، من خلال العديد من الكيانات والهيئات والمنظمات والشخصيات الدينية والجمعيات، التي عملت طول عقود على بث هذه الفكرة في المجتمع السعودي والتجمعات السلفية خارج حدود المملكة، ساعدهم على ذلك الامكانات المادية والرخاء الناتج من عائدات البترول.
أحد هذه الكيانات هي هيئة كبار العلماء محل البحث، حيث يتناول البحث دور الهيئة واللجان المنبثقة منها كاللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في التغيرات السياسية في المملكة، عن طريق تناول بعض الأحداث السياسية الحرجة ذات البعد المجتمعي، والتي لعبت الهيئة وأعضائها دورًا بارزًا فيها، مثل أحداث الحرم المكي سنة 1979م، ومواجهة الهيئة لتيار الصحوة الإسلامية، وكذلك مواجهتها لتنظيم القاعدة بالمملكة، وانتهاءً بالتغيرات السياسية التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تحمل طابع التغيير الكامل لهوية المجتمع السلفية الوهابية، نحو الحداثة والطابع الليبرالي. وذلك ماهية دور هيئة كبار العلماء في ظل التغيرات السياسية في السعودية؟
وذلك باستخدام المنهج التاريخي والتحليلي، لسرد الأحداث التاريخية وتحللها وتفسرها في واقعها التاريخي، قصد الوصول الى معرفة الحاضر، ومن خلال نظرية الدور باعتبار أن الدور هو ما يقوم بفعله الفاعل الاجتماعي في علاقته مع الآخرين.
أولًا: هيئة كبار العلماء النشأة والدور:
يعرفها الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، بأنها: هيئة رسمية صدر المرسوم الملكي رقم (أ/137) في 8/7/1391هـ بتأليفها، والموافق لسنة 1971م.
يتولى رئاستها مفتي عام المملكة العربية السعودية، والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء وترتبط به، وتتكون من نخبة من كبار العلماء المختصين في الشريعة الإسلامية، الذين يجري اختيارهم بنظام التعيين بأمر ملكي مباشر ([4]).
وتتولى المهام التالية:
1.إبداء الرأي فيما يحال إليها من ولي الأمر من أجل بحثه وتكوين الرأي المستند إلى الأدلة الشرعية فيه.
2.التوصية في القضايا الدينية المتعلقة بتقرير أحكام عامة ليسترشد بها ولي الأمر وذلك بناء على بحوث يجري تهيئتها وإعدادها بهذا الخصوص.
ويتفرع عن الهيئة لجنة دائمة متفرغة يختار أعضائها من بين أعضاء هيئة كبار العلماء بأمر ملكي وتسمى اللجنة الدائمة للفتوى، تكون مهمتها إعداد البحوث وتهيئتها للمناقشة من قبل الهيئة، وإصدار الفتوى في الشؤون الخاصة للجهات الحكومية أو الشخصية أو الأفراد ([5]).
وكان أول تشكيل لهيئة الكبار العلماء صدر في عام 1971م، من 17 عضو، وأول رئيس لها مفتي المملكة حينذاك الشيخ إبراهيم آل الشيخ الذي أناب عنه في رئاستها الشيخ عبد العزيز بن باز بعد أربعة أعوام([6]). ففي عام هـ 1395هـ/ 1975م صدر الأمر الملكي بتعيين الشيخ ابن باز في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برتبة وزير، وفي عام 1413ه/1993م صدر أمر الملكي بتعيينه في منصب مفتي عام المملكة السعودية بالإضافة إلى رئاسة هيئة كبار العلماء، ورئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء([7]).
وفي عام 1420ه/1999م صدر الأمر الملكي بتعيين الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء والبحوث العلمية والإفتاء، بعد وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز ([8]).
ثانيا: دور الهيئة في الحياة السياسية:
اتسم موقف الهيئة بشكل عام بتثبيط المجتمع عن السياسة والمشاركة السياسية، ويلاحظ الباحث حالة من الاسقاط المتعمد لكل ما يمت للحكم والسياسة من العقل السلفي والتحذير منه، وذلك منتشر بشدة في فتاوى علماء السلفية السعودية، وفي القلب منهم علماء الهيئة:
1.يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله-: أنصح بالإعراض عن التدخل في شؤون السياسة وأن يقبلوا على العلم النافع.
2.ويقول الشيخ ابن عثيمين ([9])-رحمه الله-: "السياسة ليست لعامة الناس والسياسة لها أناس وهم ولاة الأمر"، ويقول: "الكلام في السياسة في عامة الناس خطأ لأن السياسة لها أهلها وهم الحكام"، ويقول: "وإشغال الشباب بالسياسة وفقه الواقع خطأ في المنهج"، ويقول: "لا تكاد تجد إنساناً يتكلم في أمور السياسة وهو يقصد مصلحة الأمة"، ويقول: "ليس لعامة الناس أن يلوكوا ألسنتهم بسياسة ولاة الأمور ومن أراد أن يكون للناس رأي في سياسة ولاة الأمر فقد ضل".
3.ويقول الشيخ صالح الفوزان ([10]): "إشغال الناس بالسياسة والكلام فيما لا ينفعهم ليس من منهج الدعاة إلى الله"، ويقول: "الاشتغال بالسياسة يثير فتنةً ويثير شرًّا"، ويقول: "يجب على أهل العلم أن يبينوا الحق للناس لا أن يشغلوا الناس بالسياسة". ولا أعرف مقصود الشيخ الفوزان (بالحق) الذي يبينه للناس، وهل أمور الانتخاب والتمثيل النيابي وإحلال العدالة في البلاد من أمور الباطل([11]).
وفي نفس الوقت لا أكاد أجد حالة واحدة أفتت الهيئة بما يخالف توجهات النظام السعودي، بل عملت الهيئة منذ النشأة على تمرير اختيارات النظام والتسويغ الشرعي له، وشيطنة المخالف السياسي أو الخارج على النظام، سواء على مستوى الداخل السعودي، أو في السياسة الخارجية، ويمكننا متابعة بعض الأحداث المفصلية في تاريخ المملكة كما يلي:
I.دور الهيئة في أحداث الحرم المكي سنة 1400هـ/1979م:
نشأت حركة الإخوان السعودية ([12]) حوالي سنة 1911م، وجدت في تفعيل التصور الوهابي، وأخذت تنتشر بسرعة، حيث ترك أفراد الحركة قبائلهم في البادية وكونوا مجتمعات جديدة سموها (بالهجر)، بمعنى دار الهجرة، واطلقوا على مجتمعاتهم القديمة لفظ (الجاهلية)، كما سموا الحياة الجديدة (بالإسلام)، وقد غالى الإخوان في كره (الجاهلية)، أو حياة البادية، وكل ما يمت لها بصله، فرأوا أن من آية الإخلاص لله ودينه التخلص من كل ما يشتم منه رائحة الجاهلية، فأخذوا يبيعون إبلهم وأغنامهم، وينقطعون في الهجر للعبادة وسماع السيرة النبوية([13])، مستوحين فكرة (البيئة النبوية) والتي أوحت لهم بالهجرة وفراق الأوطان بل وترك الأموال والمتاع ورائهم، وتسمية دار الهجرة بالنسبة لهم بدار الإسلام، ومجتمعاتهم القديمة بالجاهلية.
ولد جهيمان بن محمد بن سيف الضان العتيبي في (ساجر) وهي هجرة للإخوان تقع غرب نجد لأسرة بدوية تقليدية، تنتمي لفرع الصقور من قبيلة عتيبة الكبيرة، وجده (سيف الضان) كان فارساً غازياً، أما والده (محمد بن سيف) فقد شارك في (ثورة الإخوان) ضد الملك عبد العزيز إلى جانب زعيم قبيلة عتيبة (سلطان بن بجاد) ونجا من موقعة السبلة سنة 1929م، وكان جهيمان فخورًا بوالده وحريصا على إثارة ذكرى ثورة الإخوان في عقول رفاقه.
مما لا شك أن مولد جهيمان في (الهجر) لأب شارك في ثورة الإخوان كان له أبلغ الأثر في ثقافته، والتي تظهر في رسائله، من الدعوة إلى البراءة من المخالف العقدي ونبذه ومعاداته، والتركيز على مسائل الولاء والبراء والإيمان والكفر في الفقه الوهابي، واستدعاء شخصيات من التراث الوهابي مثل الشيخ حمد بن عتيق، مما يؤشر على أن حركة جهيمان كانت فصلًا من فصول الصراع بين التصور الوهابي القديم المتمثل في حركة الإخوان، والتصور الجديد والذي أسس له عبد العزيز آل سعود، أو بعبارة أخرى كانت محاولة لإحياء الوهابية السياسية مرة أخرى.
شكل جهيمان مع مجموعة صغيرة من الطلبة (الجماعة السلفية المحتسبة) في المدينة المنورة في أواسط الستينيات من القرن الماضي، بهدف نشر الوهابية النقية، وتقديم بديل لنماذج الإسلام الحركي الموجودة، بمشاركة أهم علماء المدينة كالشيخ ابن باز، والشيخ أبو بكر الجزائري، وتأثرت الجماعة بشدة بالشيخ الألباني ودعوته لنبذ المذاهب الفقهية ([14]).
وقع التصادم بين الشيخ أبو بكر الجزائري وجهيمان العتيبي سنة 1977م، على إثره انضم الزعماء التاريخيون للجماعة للشيخ الجزائري وهم الأقلية، وانضم الشباب لجهيمان وهم الأغلبية.
وفي نوفمبر سنة 1979م قامت جماعة جهيمان باقتحام الحرم المكي ومبايعة (محمد بن عبد الله القحطاني) على الخلافة، والادعاء بأنه المهدي المنتظر ([15])، يساعدهم على ذلك أن أوصافه تشابه أوصاف المهدي المنتظر والمذكورة في الأحاديث النبوية.
في ديسمبر 1979م استعادت السلطات السعودية السيطرة على المسجد الحرام بمساعدة القوات الفرنسية، وحكم على 63 فرد بالإعدام بينهم جهيمان، وقتل المهدي أثناء المواجهات ([16]).
على إثرها قام الشيخ ابن باز بإصدار بيان يدين فيه الحادثة بوصفها بأنها " الحادثة النكراء والجريمة الشنعاء التي قام بها جماعة من المسلحين بعد صلاة الفجر من اقتحامهم المسجد الحرام وإطلاقهم النار بين الطائفين والقائمين والركع السجود في بيت الله الحرام، أقدس بقعة وآمنها"([17]).
وقد أوضح ابن باز حرمة الثورة المسلحة أو الخروج على الملك خالد بن عبد العزيز، وحرمة حمل السلاح ومقاومة السلطات المختصة، وحرمة القتال في البيت الحرام، وأوضح أن الذي يستبيح الخروج على الدولة لوجود الظلم أو انتشار المخالفات للفقه الإسلامي أو المعاصي هم الخوارج الذين يمرقون من الإسلام مستدلا بحديث النبي e في الخوارج (إنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية)([18])، وقوله e (أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة)([19]).
كما أصدرت هيئة كبار العماء بيان بشأن الاعتداء على المسجد الحرام، أطلقت فيه على (جماعة جهيمان) مسمى (الفئة المعتدية الضالة)، وعددت جرائمها بانتهاك حرمة بيت الله الحرام، وسفك دماء المسلمين في البلد الحرام، و" الخروج على إمام المسلمين وولي أمرهم، وهم مع إمامهم وتحت ولايته، وسلطانه في حال من الاستقرار، والتكاتف والتآلف والتناصح واجتماع الكلمة يحسدهم عليها كثير من شعوب العالم، ودوله مستهينين بجريمة الخروج على ولي أمر المسلمين، وخلع ما في أعناقهم له من بيعة نافذة، جاهلين أو متجاهلين ما في ذلك من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة"، كما أطلق على من وافقهم بأنهم مجموعة من الأغرار والنساء والسذج الذين انقادوا لداعي الهوى والضلال([20]).
يلاحظ تأكيد الشيخ ابن باز والهيئة على حرمة الخروج أو الثورة ضد الحاكم أو النظام السعودي، والتأكيد على أن الثائر ضد النظام السعودي يندرج تحت مسمي الخوارج، الخارجين على الإسلام، المستحقين للقتل، المخالفين لهدي النبي محمد e، مستخدمين النصوص الدينية، لتسويغ آرائهم ضد المخالف السياسي.
II.دور الهيئة في مواجهة تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب":
في عام 2003م أطلق أسامة بن لادن حملة القاعدة في جزيرة العرب، بغرض طرد القوات الأمريكية من المملكة، بعدما قام القيادي في التنظيم (يوسف العييري) طوال 2002 ومطلع 2003 بتجنيد عدد هائل من الناشطين وتنظيمهم وتدريبهم ([21]). وقد حرص التنظيم طوال فترة نشاطه في المملكة بإعلان استهدافه للقوات الأمريكية، وعدم استهدافه للقوات السعودية إلا في حالة هجومهم على التنظيم.
قام التنظيم بعدد من العمليات في الأراضي السعودية أبرزها، هجوم بسيارة مفخخة على إدارة للحرس الوطني أدى إلى مقتل ستة أشخاص، من بينهم خمسة أميركيين في فبراير 1995م، كما شن هجوما عنيفًا بشاحنة مفخخة على قاعدة عسكرية أميركية بالخبر خلف 19 قتيلا وحوالي 500 جريح في يونيو 1996م، كما هاجم مسلحون مقر القنصلية الأميركية بمدينة جدة وقتلوا خمسة من عمال القنصلية.
وقد قامت القوات السعودية عام 2005م بعملية واسعة على معاقل التنظيم، ووجهت له ضربة موجعة إثر مقتل عدد من قادته ومقاتليه واعتقال عدد آخر، وهو ما أدى إلى تراجع عمليات التنظيم خاصة الكبيرة منها ([22]).
أصدرت الجنة الدائمة للبحوث والإفتاء العديد من الفتاوى في مواجهة التنظيم مثل فتواها بضلال التنظيم وشناعة جرمة، قالت اللجنة في فتواها: "فإن المدعو الضال أسامة بن لادن، وتنظيم القاعدة، متقرر لدى العلماء ضلال مسلكهم، وشناعة جرمهم، وأنهم بأقوالهم وأفعالهم ما جرّوا على الإسلام والمسلمين إلا الوبال والدمار، وكل عاقل فضلاً عن عالم يدرك انحراف هذا المسلك، وأنه لا يجوز لمسلم أن ينتسب إلى تنظيم القاعدة، ولا أن يرضى بأفعاله، ولا أن يتكتم على المنتسبين إليه"([23])
وقد حث مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ المواطنين على الإبلاغ عن التنظيم حيث وجه له السائل سؤال: " ما حكم الإبلاغ عن الإرهابيين لأن بعض الناس يقول: إنهم على حق ولا يجوز الإبلاغ عنهم أرجو الإجابة وفقكم الله؟"، فكان رد الشيخ: "ما يجوز أن نتستر على المجرمين نحن مسئولون أمام الله عز وجل عن أمن هذا البلد"([24]).
ويقول الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عنهم " إن الأمة بعد ما عرفت الأمر، وتدبرت حقيقة أولئك لم يبق شك، ولا ارتياب في أن أهداف هذه الفئة الضالة واضح للملأ، وأنه الإفساد والإضرار، والسعي في الأرض فسادًا، وتحقيق مطالب أعداء الإسلام، وتسهيل المهمة لهم، هكذا يقصدون"، كما وصف آل الشيخ أعضاء التنظيم بأنهم: "قوم غرر بهم، وقوم تلاعب بهم الأعداء حتى جعلوهم وقودا لهذه الفتنة"، وأوصى أفراد المجتمع بقوله: "وإن المسلم ينبغي أن يكون حذرًا يقظًا، لا يغتر بكل رأي، وبكل فكر يفد إليه من غير أن يمحصه، ويضعه في الميزان العادل، فيعرف حقائق الأمور".
ويقول: "كم من مدع يزعم الإصلاح والصلاح، وكم من مدع للخير، هؤلاء المفسدون قوم ضل سعيهم، وزين لهم الشيطان الباطل فرأوه حقا، إن هؤلاء المخربين عاثوا في الأرض فسادًا، قتلوا الأبرياء بلا سبب، سفكوا دماء رجال الأمن بلا مبرر يدعو إليه، وإنما هو الحقد الدفين، ومحاولة إلحاق الأذى بالأمة، ولكن الله بالمرصاد لكل من يريد الشر والبلاء بالمسلمين ([25]).
III.دور الهيئة في مواجهة (تيار الصحوة):
شهدت السعودية ظهور ما عرف بتيار "الصحوة" بداية من ستينيات القرن الماضي، وهو تيار يجمع بين السلفية التقليدية وتعاليم حركة "الإخوان المسلمين"، نشأ التيار نتيجة لهجرة عناصر من الجماعة إلى المملكة نتيجة لظروف سياسية واقتصادية، وسرعان ما اختلطت هذه المجموعات بالنسيج الاجتماعي السعودي؛ ساعد على ذلك عملهم في إنشاء المعاهد والكليات والتدريس فيها وتأليف الكتب ووضع المناهج الدراسية لأبناء المملكة، فاستطاعوا بث ايديولوجيتهم ونظرتهم، لما كانوا يتمتعون به من خبرات تنقص المملكة في ذلك الحين.
برز من هؤلاء أسماء مثل الشيخ سعيد حوى الذي درس بالهفوف والمدينة المنورة سنة 1966م، وأصبح منظر حركة الاخوان المسلمين في سوريا لاحقًا، واشتهر بكتاباته خصوصًا كتابه "جند الله ثقافة وأخلاقًا"، والشيخ محمد سرور زين العابدين، الذي درس في المعاهد العلمية في حائل وبريدة والمنطقة الشرقية سنة 1965م، والذي صار فيما بعد الموجه الروحي للتيار السروري.
كذلك برز اسم الشيخ محمد قطب الذي اشتغل بالتدريس في كلية الشريعة بمكة المكرمة بداية من عام 1971م، بوصفه الوريث الفكري لسيد قطب -رحمه الله-، حيث سعي للجمع بين المدرستين القطبية والوهابية، هذا الجمع الذي اكتمل ونضج في مؤلفات الشيخ عبد المجيد الشاذلي -رحمه الله-، والذي صاغ الفكر القطبي في قالب سلفي محكم، كذلك ساهم الأستاذ محمد أحمد الراشد في قولبة النشاط الحركي للصحوة في إطار نظري انسجامًا مع التعاليم الوهابية مستندا إلى أقوال ابن تيمية وابن القيم.
وبعد حادثة الحرم عام 1979م، واستهداف النظام السعودي لجماعة "أهل الحديث" بشكل عام، والتي تمثل العدو التقليدي للتيار الصحوي، انفتحت آفاق ارحب للانتشار أمام تيار الصحوة، والذي كان قد استقرت في القلب من النظام عن طريق التغلغل في النظام التعليمي، والأنشطة الاجتماعية، كما افاد الوضع الإقليمي، إثر قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تيار الصحوة، فالصحويون هم الوحيدون القادرون على مقابلة الخطاب الثوري للخميني بخطاب مضاد، فاصبحوا ضروريين للنظام وتضاعفت الفرص الممنوحة أمامهم([26]).
ونتيجة للعمل الدعوي والتربوي للتيار ظهر في الثمانينيات عدد من الرموز والدعاة تربوا داخل التيار، عُرفوا باسم "شيوخ الصحوة"، كان من ابرزهم: سفر الحوالي، وسلمان العودة، وعائض القرني، وناصر العمر.
أدت حرب الخليج سنة 1991م واستعانة النظام السعودي بالولايات المتحدة إثر احتلال الكويت، لتصاعد التوتر بين "شيوخ الصحوة" والنظام، حيث اتخذ تيار الصحوة موقفًا رافضًا لهذه الخطوة ونظم حملة تنتقد هذا القرار، واستمرت هذه الموجة المتصاعدة في نقد النظام وتحولت محاضرات رموز الصحوة ودروسهم إلى خطب سياسية، عززت من قبولهم في أوساط المجتمع السعودي.
وفي المقابل أفتي الشيخ عبد العزيز بن باز بجواز استعانة المملكة بالولايات المتحدة في حرب الخليج الأولى، فقال: " وكل ما في الأمر أن الدولة السعودية احتاجت إلى الاستعانة ببعض الجيوش من جنسيات متعددة، ومن جملتهم الولايات المتحدة، وإنما ذلك للدفاع المشترك مع القوات السعودية عن البلاد والإسلام وأهله، ولا حرج في ذلك؛ لأنه استعانة لدفع الظلم وحفظ البلاد وحمايتها من شر الأشرار وظلم الظالمين وعدوان المعتدين، فلا حرج كما قرره أهل العلم وبينوه"([27])
وترافق ذلك مع تحركات حكومية لقمع تيار الصحوة وعزله شعبيًا.
وقد أصدرت الهيئة برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز، مذكرة توقيف للشيخين سفر وسلمان بتاريخ 3/4/1414 الموافق 19 سبتمبر 1993م، تدعو فيها لوقفهم عن المحاضرات والندوات والخطب والدروس العامة والتسجيلات حماية للمجتمع من أخطائهما([28])، لم يلبث بعدها أن اعتقل الشيخين في عام 1994 وحتى عام 1999م.
ولكن بعد عدة سنوات انقشعت غيوم تلك المواجهة بخروج رموز هذا التيار من السجن مع مراجعات فكرية كان بعضها جذريًا مثل التراجع عن الضغط على الحكومة، ومعارضتها في العلن، واستبدل ذلك بمصطلح «النصح» للحكومة ومراسلتها، مع التأكيد على طاعة أولياء الأمر وحُرمة الخروج عليهم ([29]).
ثالثًا: موقف الهيئة من التغيرات السياسية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه محمد:
قام النظام السعودي بحركة اعتقالات مطلع نوفمبر 2017، طالت 11 أميرًا، وأربعة وزراء حاليين، وعشرات الوزراء السابقين، بحجة تورطهم في قضايا فساد، والتي تزامنت مع صدور أوامر ملكية بإقالة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله من منصبه، وإنهاء خدمات قائد القوات البحرية الفريق عبد الله السلطان، وإقالة وزير الاقتصاد والتخطيط، وقد نقلت صحيفة لوموند عن كريستيان أولريكسن عضو معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس (تكساس)، قوله: "يبدو أن نطاق ومدى هذه الاعتقالات لم يسبق له مثيل في تاريخ المملكة العربية السعودية الحديث".
يؤكد ذلك نية النظام السعودي لإحداث تغيرات حادة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة مع اقدام النظام على اعتقال الوليد بن طلال، الذي من شأنه، بحسب أولريكسن: "أن يسبب موجة من الصدمات على المستوى الداخلي وكذلك في عالم المال على المستوى الدولي"([30]).
فإذا كان النظام السعودي المعاصر المتبني للفكرة الوهابية -أو ما ابقاه منها- قد أضعف (التوحيد السياسي) في مقابل (التوحيد الاجتماعي)، فإن مرحلة الملك سلمان تشي بالعد التنازلي للقضاء على ما بقي من الصبغة الوهابية.
يرى الكاتب ديفيد إغناتيوس أن هناك طريقة بسيطة لشرح هدف الأمير محمد بن سلمان؛ وهي أنّه يود أن يجعل المملكة العربية السعودية المنغلقة على نفسها والحذرة تبدو مثل دولة الإمارات العربية المتحدة المجاورة، مع ناطحات السحاب المذهلة واقتصاد السوق الحر. ويبدو أنَّ الأمير يدرك أنَّ مثل هذا التحوّل الاقتصادي لن يكون ممكنًا من دون تخفيف حدّة التقاليد الإسلامية الصارمة في المملكة العربية السعودية ([31]).
ومن جهته يرى الخبير في الشأن السعودي سامح راشد أن التحركات الداخلية الأخيرة تحمل مؤشرًا يفيد أن هناك نية لتخفيف الطابع الديني وحصر ارتباط اسم المملكة بالدين بشكل عام، إذ ستتجه الأمور إلى درجة أعلى من التركيز على الهوية الوطنية للمملكة كدولة وطنية. والاهتمام بالنواحي الدنيوية، مثل الرياضة والتكنولوجيا. ومن إشارات ذلك حضور ابن سلمان مباراة السعودية واليابان في تصفيات كأس العالم لكرة القدم. لذلك يمكن بسهولة توقع أن تحدث تغييرات أخرى في المؤسسات الدينية، مثل هيئة كبار العلماء، في اتجاه تقليل سطوة رجال الدين والحد من وزنهم النسبي في السياسة وتركيبة الحكم ([32]).
ومن مؤشرات تحول النظام عن الفكرة الوهابية يمكننا أن نرصد ما يلي:
1.قيام السلطات السعودية في نيسان 2016م بتجميد عمل "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، كما اعتقلت الداعية الإسلامي سليمان الدويش، كذلك اعتقل بالتزامن مع توقيف الدويش، الشيخ عبد العزيز الطريفي، الذي يعد أحد أبرز المنظرين الشباب للتيار السلفي في السعودية، كما اعتقلت السلطات السعودية بعدها بشهرين الباحث الإسلامي الشهير، إبراهيم السكران، الذي قال إن حركة الإصلاح الديني المزعومة لابن سلمان إنما هي حركة تسويقية لاسترضاء حلفائه في أميركا ([33]).
2.وقد كانت السعودية قررت رفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات، ويستند الحظر الحكومي لقيادة المرأة للسيارات إلى فتوى رسمية، ففي العام 1990م نشرت هيئة كبار العلماء، وهي أعلى سلطة دينية في السعودية، فتوى تعتبر أن قيادة المرأة السيارة أمر مخالف للشريعة الإسلامية. ولكن في 26 سبتمبر/أيلول 2017 أصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أمرًا بمنح المرأة حق قيادة السيارات، وجاء في نص المرسوم أن أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية أفتوا بأن الأصل في قيادة المرأة للمركبة الإباحة ([34]).
3.أكدت صحفيتان إسرائيليتان الأنباء التي ترددت عن زيارة ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» لإسرائيل ([35])، مما يشي بقرب عمليات التطبيع بين المملكة والكيان الصهيوني.
4.وفي تطور مذهل صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن فرقة الباليه الروسية الشهيرة فرقة مسرح البولشوي ستحط رحالها في السعودية للمرة الأولى في تاريخها، وتقدم عرضاً على أحد المسارح ضمن اتفاق ثقافي روسي سعودي، بتكليف من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الموسم الفني لـ 2018، وفقاً لإعلان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أثناء لقائه نظيره السعودي عادل الجبير.
وأثناء اللقاءات الثنائية بين الرئيس الروسي والعاهل السعودي اتفق الجانبان على برنامج التعاون الثقافي حتى عام 2019م، والذي يتضمن جولة فنية لأوركسترا مسرح مارينسكي إلى المملكة، وكذلك عدد من الفرق الفنية الأخرى.
5. كما أعادت السعودية بث الأغاني على شاشة إحدى القنوات الرسمية التابعة لها، وذلك بعد عقود من التوقف عن بثها. وأفادت القناة الثقافية السعودية بأنها ستبدأ بث الحفلات الغنائية، والانطلاقة بأغانٍ لـ "سيدة الغناء العربي" أم كلثوم ([36])، وهو أمر مخالف بشدة للفكر السلفي.
6.وأكد أحمد الخطيب رئيس هيئة الترفيه في السعودية أن بلاده ستفتح دور سينما وستبني دار أوبرا عالمية، لكنه لم يحدد أي موعد زمني لذلك، وقد بدأت السعودية هذا العام في إقامة عدد من الحفلات الغنائية في جدة والرياض، والتي شهدت حضورًا وتفاعلًا كبيرًا من الجمهور السعودي المتذوق للفن ([37]).
هذه التغيرات توحي بتغير المذهب الرسمي الذي قامت عليه الدولة السعودية سواء الأولى أو الثانية أو الثالثة، واتخذته سببا لشرعيتها، فإذا كان مؤسس المملكة السعودية قد تبنى (التوحيد الاجتماعي) في مقابل بتر (التوحيد السياسي)، فإن الأحداث تشي ببتر ابن سلمان (للتوحيد الاجتماعي)، آخر ما تبقى من الصبغة الوهابية للدولة، وهو أيضًا المذهب الذي تقوم على حمايته والتأكيد عليه الهيئات الدينية في المملكة وفي القلب منها الهيئة محل البحث.
وسأقوم بدراسة عددًا من فتاوى الهيئة المتعلقة بالتغيرات الأخيرة سواء منها ما يتعلق مباشرة بالتوجه السياسي للمملكة، أو ما يتعلق بالجانب الاجتماعي باعتباره متعلقًا بأيديولوجيا النظام الحاكم:
أولًا: على المستوى الداخلي
أ.مسألة قيادة المرأة للسيارة:
يمكن للباحث بمراجعة كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإرشاد) والمطبوع سنة 2003م، من رصد عديد من الفتاوى تحرم قيادة المرأة للسيارة، ممهورة بخاتم أعضاء اللجنة، برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز، مثل: " لا يجوز للمرأة أن تسوق السيارة في شوارع المدن ولا اختلاطها بالسائقين"([38])، " لا صحة لما أشيع عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز من الفتوى بإجازة قيادة السيارة للنساء، بل لا يزال يرى منع ذلك"([39])، وقد كانت هذه الفتاوى معللة بتعليلات مثل "ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها، منها: الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها السفور، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور"، "لما في ذلك من كشف وجهها أو بعضه، وكشف شيء من ذراعيها غالبا، وذلك من عورتهما، ولأن اختلاطها بالرجال الأجانب مظنة الفتن ومثار الفساد".
وقد نفى الأمين العام للهيئة الدكتور فهد الماجد، وجود فتاوى شرعية سابقة صادرة عن الهيئة بتحريم قيادة المرأة السعودية للسيارة!، وقال: "لا وجود لفتوى أو بيان أو قرار واحد صادر عن الهيئة العامة للهيئة حول تحريم قيادة المرأة للسيارة"، ولم يوضح ماهية "الهيئة العامة للهيئة"، ولم أجد هيئة منبثقة عن هيئة كبار العلماء تتسمى بهذا الاسم، وربما قصد إلى أنه لا يوجد فتوى للتحريم صادرة بالإجماع المطلق لأعضاء الهيئة، خاصة مع صدور الفتوى عن رئيس الهيئة سابقًا، الشيخ عبد العزيز بن باز، ونائب الرئيس الشيخ عبد الرزاق عفيفي، وعضوان هماعبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان.
كما أوضح الماجد أن النقطة المهمة في الموضوع هو أن علماء الشريعة كلهم قرروا أن تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة العامة للرعية، وعليه فإن "ولي الأمر لن يختار إلا الأنفع والأصلح بكل قراراته"، مقررا أن التصرفات والقرارات الملكية فيما يخص شأن المجتمع هي دائما الأنفع والأصلح، مدللًا أن قرار المصلحة من عدمها تابع لرأي "ولى الأمر"، وأضاف الماجد أن قيادة المرأة للسيارة ليس محرمًا في حد ذاته وإنما لما فيه من مفاسد، بمعنى أنه إذا كانت هذه الفتوى مبنية على المصلحة، فولي الأمر أعلم بالمصلحة من كل وجه، بمعنى أن قرار الحل والحرمة في يد "ولى الأمر"، وموافق لأمره، ودور الهيئة الدينية المسؤولة عن الفتوى هو التصديق على ما يقول([40])، مشيرًا لحالة ثيوقراطية تتبع فيها الهيئات التشريعية حكم الفرد المطلق.
وبمراجعة موقع الهيئة على شبكة الإنترنت نجد هذه الفتاوى، والتي طبعت في كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء) منذ العام 2003، قد ازيلت تمامًا من الموقع، وقت كتابة هذه الورقات([41])، وقد جاء في القرار الملكي أن " أن أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية أفتوا بأن الأصل في قيادة المرأة للمركبة الإباحة"، كما نشرت "وكالة الأنباء السعودية" فتوى الأمانة العامة للهيئة بعنوان: " قيادة المرأة للسيارة من حيث الأصل الإباحة شرعاً، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صون المرأة واحترامها"([42])، وقد عللت الهيئة فتواها أيضا بمسألة النظر المصلحي لولي الأمر، أو الملك.
يوضح ما سبق أن الهيئة تراجعت عن هذه الفتاوى، فهل كانت هذه المراجعات بسبب أن قيادة المرأة قد خلت فجأة من السفور، والخلوة المحرمة، والاختلاط بالرجال، أو كشف وجهها وشيء من ذراعها، أو صار مظنة للخير بعد أن كان مظنة للفساد؟، بكلمات أخرى هل تغيرت فتوى الهيئة بسبب انتفاء علة الحكم من السفور والاختلاط وكشف العورات؟
ولو سلمنا جدلًا بصحة علة الفتوى، فالعلة باقية لم تتغير، وما تغير فقط هو صدور الأمر الملكي في 26 سبتمبر 2017 بمنح المرأة حق قيادة السيارات، والذي يمكن أن نعتبره هنا مناط الفتوى، بحسب مصطلح الفقهاء، فالفتوى قائمة على توجيهات الملك وما يراه مناسبًا ومصلحة، كما أكدت على ذلك فتوى الأمانة العامة للهيئة، وتصريحات الأمين العام للهيئة الدكتور فهد الماجد.
ب.مسألة تحريم السينما، والأوبرا، والغناء:
وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع في السعودية، على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي بالمملكة، وقالت وزارة الثقافة والإعلام في بيان صحفي إن "الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع ستبدأ في إعداد خطوات الإجراءات التنفيذية اللازمة لافتتاح دور السينما في المملكة بصفتها الجهة المنظمة للقطاع"([43]).
وبمراجعة فتاوى اللجنة الدائمة يمكننا أن نجد حكم " ارتياد دور السينما" مثل قول اللجنة الدائمة "ارتياد السينما حرام؛ لأن أغلب ما يعرض فيها من الملاهي المحرمة التي تثير الفتنة"، وأما عن بناءها وترخيصها فتقول اللجنة: " لا يجوز لمسلم أن يبني سينما، ولا أن يدير أعمال سينما له أو لغيره؛ لما فيها من اللهو المحرم"([44])، وأما عن حكم التوظيف في هذه المؤسسات فتقول اللجنة: "الأجرة الحاصلة من العمل بدار السينما ومن بيع الدخان حرام؛ لأن هذه الأعمال محرمة"([45])، و "لا يجوز العمل في حراسة الكنائس ومحلات الخمور ودور اللهو من السينما ونحوها؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم"([46])، فالنسبة للهيئة دور السينما والأوبرا والغناء محرمة، من حيث بناءها، أو ترخيصها، أو العمل فيها، أو حراستها، وكل ما يتعلق لها بصلة.
بل تعرضت الهيئة للإجابة عن "رأي الإسلام الحنيف بالدول الإسلامية، والتي تحتضن في أحشائها الفنادق الراقصة والمقاهي ودور السينما؟"، فكانت الإجابة القاطعة "لا يجوز لها ذلك، بل عليها أن تحمي شعبها من ذلك، ومن جميع المنكرات ... فالإبقاء عليها حرام، وعلى ولي الأمر القضاء على ما فيها من الفساد والمنكرات بما يحقق المصلحة ويقضي على الشر؛ حماية للأمة وصيانة لها مما يفسد دينها وأخلاقها"([47])، فالفتوى توضح عدم جواز ترك النظام الحاكم لهذه المؤسسات على أرض الدولة لما فيها من فساد وشر وفتنة، كل هذه الفتاوى ممهورة بتوقيع الشيخ ابن باز وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء.
ولكن بعد قرار وزارة الثقافة الإعلام فتح تراخيص السينما، وبعد تصريحات رئيس هيئة الترفيه في السعودية أن بلاده ستفتح دور سينما وستبني دار أوبرا عالمية، لم تعلق الهيئة أو أعضاءها، وآثرت السكوت.
يقول الشيخ ابن باز، والذي رأس الهيئة لمدة 24عام، (القاعدة الكلية: أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة) ([48])، بمعنى أنه لا يجوز السكوت عن بيان الفتوى والأحكام الشرعية، خاصة في وقت الحاجة إليها، وكذلك القاعدة الفقهية الشهيرة، والتي اثبتتها مجلة الأحكام العدلية في المادة (67): (لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ لَكِنَّ السُّكُوتَ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ بَيَانٌ)([49])، بمعني أن السكوت وقت الحاجة إلى التوضيح، يعتبر بيانًا وإقرارًا.
فالسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا سكتت الهيئة عن الفتوى بحرمة بناء السينما والأوبرا والغناء، كما هو مقرر في فتاواها؟ هل أقرت الهيئة بسكوتها على الحالة؟ هل يمكننا أن نجد التعليل في بيان الهيئة السابق " فإن ولي الأمر يختار في كل قراراته، الأصلح والأنفع والأيسر"؟ بكلمات أخرى، هل قررت الهيئة بسكوتها، ووفق منطقها السابق جواز عمل هذه المؤسسات في المملكة؛ وفقًا لقرار الوزارات المختصة والتي يرأسها ويشرف عليها "ولي الأمر" الذي يختار الأصلح والأنفع؟ لا يمكننا أن نتكهن بالإجابة، إلا أن المؤكد أن الهيئة ساعدت بسكوتها على تمرير هذه القرارات، والتي ستعمل أو أريد لها أن تعمل على تغيير طابع المملكة الوهابي، خاصة مع اصدار الهيئة بيان في نوفمبر تقول: "حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، اللذين يسيران بالمملكة العربية السعودية، لتكون في مقدمة الدول في محاربة جريمة الفساد"([50])، مؤكدة أن السينما والأوبرا صارت في عرفها خارج نطاق (الفساد).
ت.مسألة حملة اعتقالات الأمراء ورجال الأعمال في نوفمبر 2017:
بعد ساعات من إصدار الملك سلمان بن عبد العزيز أمرًا ملكيًا بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نقلت قناة "العربية" عن مصادر لم تسمها أن السلطات السعودية أوقفت 11 أميرا، وأربعة وزراء، حاليين وعشرات الوزراء السابقين للتحقيق معهم بتهم فساد([51]) ، كان من أبرزهم الأمير الوليد بن طلال، الأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الملكي، وكذلك مالكي أكبر الشركات الإعلامية السعودية الثلاثة.
وقد أنشئت اللجنة بمرسوم ينص على أن اللجنة معفاة من القوانين والأنظمة والتعليمات والأوامر، ولها الحق في اتخاذ أية تدابير وقائية تراه، إلى أن يتم إحالتها إلى سلطات التحقيق أو الهيئات القضائية. وبعبارة أخرى، الأمير يمكن أن يفعل أي شيء يحب لأي شخص"([52]).
وتزامنت هذه الاعتقالات مع صدور أوامر ملكية بإقالة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله من منصبه، ووزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه، وقائد القوات البحرية الفريق عبد الله السلطان.
أسباب حملة الاعتقالات ونتائجها:
1.ومن اهم أسباب القيام بالحملة هي بسط ابن سلمان سيطرته على مفاصل الدولة، فقد كان من نتائجها سيطرة ابن سلمان بالكامل على أربعِة قِطاعاتٍ رئيسيّةٍ في الدّولة، هي الاقتصاد، والإعلام، والأمن والعَسكر، إلى جانب المُؤسّستين الدينيتين الرسميّة (هيئة كبار العُلماء)، وغير الرسميّة (عُلماء الصّحوة). فقد صار الأمير محمد بعد الحملة الأخيرة يرأس جميع الجيوش السعودية الثلاثة. وهو يرأس شركة أرامكو، أكبر شركة نفط في العالم؛ ويرأس اللجنة المسؤولة عن جميع الشؤون الاقتصادية التي هي على وشك إطلاق أكبر الخصخصة التي شهدتها المملكة.
وهو الآن يسيطر على جميع السلاسل الإعلامية السعودية، فأصحابها، صالح كامل، وليد الإبراهيم والأمير وليد بن طلال وراء القضبان. ويفترض أيضا أن ثرواتهم قد صودرت، وبذلك يكون محمد بن سلمان قد انتزع السلطة والثروة ([53]).
2.ومن نتائجها زيادة الشقوق في العائلة المالكة بشكل عميق، فيمكن ببساطة ملاحظة أن جميع فروع العائلة المالكة قد تأثرت بهذه الحملة، بمجرد إلقاء نظرة على أسماء الأمراء الذين تم توقيفهم - ابن طلال، ابن فهد، ابن نايف، مما يضعنا أمام مرحلة تأسيس جديد على يد ابن سلمان قد يغير من معادلة السلطة بالمملكة.
3.كذلك نتيجة للتوقيفات صار الطريق ممهدا لمحمد بن سلمان لاستلام العرش خلفا لوالده الملك سلمان بدون خلافات داخل العائلة المالكة.
4. كما أثبت ابن سلمان للحليف الأمريكي والإسرائيلي قدرته على الإمساك بزمام الأمور في المملكة بقوة، بعد سيطرته على مفاصل الدولة بكاملها العسكرية والأمنية والاقتصادية والإعلامية.
5. كما يظهر من أسباب الحملة محاولة جمع مليارات الدولارات، والتي صادرها من الموقفين وغيرهم، مما يعطي له القدرة على تنفيذ مشروعه (رؤية 2030) والإصلاحات المزمع تنفيذها؛ يدلل على ذلك تأكيد وكالة رويترز بتاريخ 17/11/2017 أن الحكومة السعودية انتقلت من تجميد الحسابات إلى إصدار تعليمات "بمصادرة الأموال والأصول"، كما كشف الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، في تغريده على حسابه عبر "تويتر": أنه تجري الآن تسويات مليارية مع عدد من كبراء الأمراء غير الموقوفين، يتم بموجبها تسديد مبالغ لوزارة المالية، ونقل أسهم وممتلكات وأراض للدولة([54]).
ومع هذه النتائج والتي تعد كلها نجاحات لولي العهد في بسط نفوذه على المملكة تمهيدًا لاستلام العرش السعودي، خلفا لوالده الملك سلمان، والتي تعد صراعًا سياسيًا بامتياز، فقد أصدرت هيئة كبار العلماء عدة بيانات على موقعها الرسمي بتويتر تؤيد فيها القرارات الملكية حيث قالت في تغريده عبر حسابها في موقع "تويتر": "محاربة الفساد تأمر به الشريعة الإسلامية، وتقضي به المصلحة الوطنية، ومحاربته لا تقل أهمية عن محاربة الإرهاب"، "حفظ الله خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد، اللذين يسيران بالمملكة العربية السعودية؛ لتكون في مقدمة الدول في محاربة جريمة الفساد"([55])، ونشرت وكالة الانباء السعودية "الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تثمّن الأمر الملكي بتشكيل لجنة عليا لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد"، ونشرت وكالة الأنباء السعودية قولها: "الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تثمّن الأمر الملكي بتشكيل لجنة عليا لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد"([56]). وبهذا تستمر الهيئة في خطها المتواصل للتسويغ للنظام السعودي من منطلقات شرعية إسلامية، حتى جعلت من أوامر الملك السعودي، والتي يتحرى بها مصلحة الشعب ولابد بحسب الهيئة، مصلحة شرعية واجبة الاتباع، مؤسسة لحكم ثيوقراطي ينطق فيه الملك السعودي بأمر الملك عزو جل.
ثانيًا: على مستوى العلاقات الخارجية
أ.مسألة إعلان الرئيس الأمريكي ترامب "القدس عاصمة لإسرائيل":
تميز عهد الملك سلمان بالتقارب (السعودي-الأمريكي) والذي بدأ بأولى زيارات ترامب، والتي توجه فيها للملكة السعودية، فبحسب مجلة فورين بولسي، أن الملك سلمان وابنه محمد سجلا رقماً قياسياً في القدرة على إقناع إدارة ترامب بأنهما يحملان مفاتيح الحرب، والسلام، والتحول في المنطقة. وبحسب المجلة فإن السعوديين يتمتعون ببعض المزايا الطبيعية على الشركاء المحتملين الآخرين، فهم يبدون أكثر استقرارًا وقوة، ويملكون سلطة استبدادية، وأطنان من المال، بالإضافة لرغبة ترامب في مخالفة سياسات خلفه أوباما والموالية لإيران.
فقد عزز ترامب دعمه للحملة السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن؛ عن عمد وبصورة علنية، كذلك دعم الجانب السعودي في حملة فاشلة إلى حد كبير للضغط على قطر لمواءمة سياساتها مع الرياض، كما أيد ترامب علنا حملة الاعتقالات التي قام بها بن سلمان، مشيرا إلى أن السعودية تعرف بالضبط ما تقوم به([57]). كما أشار (موقع ميدل ايست أي) البريطاني إلى التحالف بين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان([58]).
وبالنظر إلى موقف الهيئة من إعلان ترامب، فنجد موقفها باهتًا، حيث أصدرت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بيانا أكدت فيه على ما للقدس والمسجد الأقصى من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي الحنيف، وأن القدس وبيت المقدس أرض مباركة، وأشارت على أنه يجب أن يوضع في الاعتبار ما للقدس من مكانة عظيمة لا تنفصل البتة عن مشاعر المسلمين ووجدانهم العام([59]).
لم تتعرض الهيئة تمامًا لذكر اسم ترامب أو لشجب قراره أو إدانته بأي شكل، لكنها أشارت أنه يجب أن يوضع للاعتبار ما للقدس من مكانة عظيمة، ولم توضح كيف يوضع هذا في الاعتبار، أو بيان أنها ملك للفلسطينيين أو لغيرهم، وكما سبق فسكوت هيئة كبار العلماء، كهيئة فتوى إسلامية، يتطلع الكثير من المسلمين إليها، يعتبر إقرارًا ضمنيًا منها لموقف ترامب، ولكن مع مراعاة مكانة المدينة في "مشاعر" المسلمين. ويعتبر هذا الدور تأييد من الهيئة للنظام السعودي على مستوى علاقاته الدولية، بعد التأييد المطلق له على المستوى الداخلي.
في يونيو 2013 أشاد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء، بالشيخ يوسف القرضاوي بعد إدانته لجماعة حزب الله اللبنانية عقب تدخلها في سوريا، مصدرًا قوله: " ما صرح به فضيلة أخينا الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي - حفظه الله"([61])، وقال آل الشيخ إن موقف القرضاوي "يذكر بمواقف كبار العلماء عبر التاريخ في رجوعهم إلى الحق متى ما استبانوا الموقف الرشيد" ([62]).
وفي مارس 2017 شارك القرضاوي وآل الشيخ، في المؤتمر الذي نظمه المجمع الفقهي الإسلامي، التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، تحت عنوان "الاتجاهات الفكرية بين حرية التعبير ومُحكّمات الشريعة"، برعاية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ونشر القرضاوي صورة تجمعه بآل الشيخ ([63]).
ويلاحظ أن اتفاق الآراء السياسية للدكتور القرضاوي، مع النظام السعودي، ضد حزب الله اللبناني، جعله موضع إشادة ومشابهة بالعلماء الكبار عبر التاريخ، ومع تغير الموقف السياسي السعودي من دولة قطر، والتي يحمل القرضاوي جنسيتها، صار هو والمؤسسة التي يرأسها ذات أفكار حزبية ضيقة، ومثيرة للفتنة في بلاد المسلمين، بعبارة أخرى إذا اتفقت مع "ولي أمر" الهيئة فأنت من أهل الجنة، وإن اختلفت معه فأنت في النار على الأقل في طريقك إليها.
خاتمة البحث
يمكننا من خلال متابعة أقوال أعضاء الهيئة، أن نتبين مدي حرص الهيئة على فصل المجتمع عن المعرفة السياسية، أو الاهتمام بالشأن السياسي، وتصوير السياسة بأنها ضد طريق الأنبياء، وأن البعد عن أمورها هو الموافقة لسنن النبيين والصالحين، في سلوك مشابه لثيوقراطيات العصور الوسطى، في الوقت الذي أصبحت فيه الأيديولوجيات والنظم السياسية، تحث المجتمع على المشاركة السياسية، وتكوين الأحزاب، ومنظمات المجتمع المدني.
كما يمكننا الوقوف على استعمال الهيئة لسلطتها الدينية لوقف أي محاولة للثورة أو الخروج أو المخالفة للنظام السعودي سواء المسلحة منها كما في أحداث الحرم 1979م، أو حالة تنظيم القاعدة، أو المخالفة السليمة للنظام وانتقاد مواقفه، كما في حالة تيار الصحوة بالمملكة، ذلك مع ترويج هذه التيارات جميعًا، ودعوتها للفكر الوهابي ذاته التي تتبناه الهيئة، وتدعو إليه، ويتخذ النظام السعودي منه شرعية وجوده وحكمه، منذ منتصف القرن الثامن عشر، بداية من الدولة السعودية الأولى وحتى الدولة السعودية الثالثة، أو المملكة العربية السعودية.
على الجانب الآخر وفي حال انحراف النظام السعودي نفسه عن هذه الأيديولوجيا، وسماحه ببناء دور السينما والأوبرا وترخيصهما، وقيادة المرأة للسيارة، والبالية، وبث الموسيقى، نجد الهيئة تقف للدفاع عن قرارات "ولي الأمر"، كما في حالة فتوى قيادة المرأة للسيارة، وحينًا بالسكوت التام، والذي يعتبره الشيخ ابن باز غير جائز، أو يعتبره بعض العلماء، علامة الإقرار، خاصة مع القدرة على البيان، والغريب أن الهيئة جعلت علة الفتوى، أي علة الحل الشرعي هو "قرار ولي الأمر"، عائدين بالذاكرة لثيوقراطيات العصور الوسطى.
كما أنه عند الاختلاف والذي أدى إلى الاعتقالات بين أفراد آل سعود أو الأسرة الحاكمة نفسها، بأفرادها الذين منهم أمراء المقاطعات، والوزراء، وقادة الحرس الملكي، والذين هم من "ولاة الأمور"، انحازت الهيئة للملك وولي عهده، ضد الأمراء، واعتبرت هذه الاعتقالات حملة على الفساد.
أما على المستوى الخارجي فمن خلال المثالين المذكورين نلاحظ أيضًا موافقه الهيئة لسياسات "ولى الأمر"، وعدم انتقادها للولايات المتحدة وقرار رئيسها، والذي يمثل حليف للنظام السعودي، حتى مع قراره القاضي بانتهاك القدس، أقدس مقدسات المسلمين بعد الحرمين الشريفين، أما في الحالة الأخرى فواضح تناقضها في وصف الدكتور القرضاوي، تبعًا للموقف السعودي من دولة قطر.
مما سبق يمكننا أن نعتبر دور الهيئة في المواقف السياسية السعودية بدور "المسوغ" أو "المحلل" لسياسات "ولي الأمر" أو الملك السعودي، مهما كانت هذه السياسات سواء وافقت مذهب الهيئة أو أيديولوجيتها الوهابية أم خالفت، وسواء تعلق الأمر بشجب التعدي على مقدسات المسلمين أو تجمعات أهل العلم في الأمة أو غيرها، وسواء تعلق الأمر بخلافات آل سعود أنفسهم أو غيرهم، وسواء تعلق الأمر بأمور الدنيا أو الآخرة، بعبارة أخرى تحول دور الهيئة الدينية العليا في السعودية، من تقويم النظام ورأسه إلى التسويغ لهمهما فعل.
وحقيقة قد أجابت الهيئة على هذا السؤال البحثي إجابة مباشرة، وبدون الحاجة لتسويد هذه الصفحات حين غردت عبر تويتر بقولها:
" المملكة العربية السعودية تأسست على الكتاب والسنة، ونحن مع ولاة أمرنا في كل ما يرونه مصلحة للبلاد والعباد، وهذا مقتضى البيعة الشرعية"([64]).
المراجع
أولًا: الكتب:
1.ابن باز، عبد العزيز، حادث المسجد الحرام وأمر المهدي المنتظر، مجلة البحوث الإسلامية، ج5 ص 309، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية الإفتاء، https://goo.gl/o6t45i ، (24/12/2017).
2.حجازي، أكرم، دراسات في السلفية الجهادية، (القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، ط1، 2013م).
3.الدويش، أحمد بن عبد الرزاق، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، (الرياض: دار المؤيد للنشر والتوزيع، ط5، 2003م).
4.رمضاني، عبد المالك، مدارك النظر في السياسة، (القاهرة: دار الفرقان، ط8، 2008م).
5.فاسيليف، اليكسي، تاريخ العربية السعودية، (بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1995م).
6.كشك، محمد جلال، السعوديون والحل الإسلامي، (لندن: شركة مودي جرافيك، ط3، 1982).
7.لاكرو، ستيفان، زمن الصحوة، (بيروت: الشبكة العربية، ط1، 2012).
8.لجنة مكونة من عدة علماء وفقهاء في الخلافة العثمانية، المحقق: نجيب هواويني، مجلة الأحكام العدلية، (إسطنبول: نور محمد، كارخانه تجارتِ كتب، آرام باغ، كراتشي، __).
9.هيغهامر، توماس، الجهاد في السعودية، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2013م).
10. هيغهامر، توماس، لاكروا، ستيفان لاكروا، ترجمة: حمد العيسى، حتى لا يعود جهيمان، (بيروت: منتدى المعارف، ط3، 2014).
ثانيًا: مواقع الانترنت الانجليزية:
1.David Hearst, Things that go bump in the night in Riyadh, middle east eye,7/11/2017, http://www.middleeasteye.net/columns/things-go-bump-night-riyadh-1511882449, (1/12/2017).
2.miller, Aaron David, Sokolsky, Richard, Donald Trump Has Unleashed the Saudi Arabia We Always Wanted, the foreign policy, 10/11/2017, http://foreignpolicy.com/2017/11/10/donald-trump-has-unleashed-the-saudi-arabia-we-always-wanted-and-feared/ , (20/12/2017).
3.Richard Silverstein, The Israeli-Saudi alliance beating the drums of war, 8/11/2017, middle east eye. http://www.middleeasteye.net/columns/saudi-arabia-enlists-israel-drumbeat-war-768675850, (15/12/2017).
ثالثًا: مواقع الانترنت العربية:
1.ابن باز، عبد العزيز، عمل صدام عدوان أثيم، مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز، المجلد السادس، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء، https://goo.gl/Q5v539 ، (25/12/2017).
2.ابن باز، عبد العزيز، لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، الموقع الرسمي للشيخ ابن باز، https://www.binbaz.org.sa/fatawa/1735، (30/12/2017).
3.إغناتيوس، ديفيد، محمد بن سلمان، هل يدفع المملكة للأمام أم يقودها نحو الهاوية؟، نون بوست، http://www.noonpost.org/content/12617
4.آل الشيخ، عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، الموقف الشرعي من أعداء الأمن، مجلة البحوث الإسلامية، العدد الخامس والثمانون، 1429هـ، https://goo.gl/tyHLvB ، (25/12/2017).
5.آل الشيخ، عبد العزيز، مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثاني والسبعون، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء،1425هـ، https://goo.gl/ez7tAz ، (25/12/2017).
6."كبار العلماء": لم نصدر فتاوى سابقة تحرم قيادة المرأة، العربية نت، 27/9/2017، https://goo.gl/yZmEBeK ، (29/12/2017).
7.أبرز ملامح تشكيل هيئة كبار العلماء: تمثيل للمالكية والأحناف للمرة الأولى، جريدة الشرق الأوسط، 15/2/2009، http://archive.aawsat.com/details.asp?section=4&article=507131&issueno=11037#.Wj6B00qWZPZ ، (23/12/2017).
8.اعتقال 11 أميرا ووزراء بتهم فساد في السعودية، فرنس24، 5/11/2017، https://goo.gl/5Bnkyi، (1/12/2017).
9.الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء : قيادة المرأة للسيارة من حيث الأصل الإباحة شرعاً، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صون المرأة واحترامها، وكالة الأنباء السعودية، 27/9/2017، http://www.spa.gov.sa/viewfullstory.php?lang=ar&newsid=1671441#1671441، (30/12/2017).
10. الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء: يجب أن يوضع في الاعتبار ما للقدس من مكانة عظيمة في وجدان المسلمين، وكالة الأنباء السعودية، 6/12/2017، http://www.spa.gov.sa/viewstory.php?lang=ar&newsid=1695211، (30/12/2017).
11.أول عرض باليه في السعودية ستقدمه فرقة مسرح البولشوي الروسية، موقع i24news، https://goo.gl/RnYkCW
12. -بيان هيئة كبار العلماء بشأن الاعتداء على المسجد الحرام، مجلة البحوث الإسلامية، ج5 ص 321، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية الإفتاء، https://goo.gl/vRrU7p ، (24/12/2017).
13. تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، موقع الجزيرة نت،https://goo.gl/3Tzhj1 ، (25/12/2017).
14.الخطيب يؤكد أن السعودية ستفتح «دور سينما» وستبني «دار أوبرا»، جريدة الشرق الأوسط، https://goo.gl/nT5e8a
15.الخليج الجديد، على شبكة الانترنت: https://goo.gl/C8Z8yj
16. خنق الحريات في ظل ابن سلمان يشرخ صورة "الحاكم المصلح"، شبكة DW، https://goo.gl/vDVCSe
17. السينما" في السعودية: بدء منح التراخيص مطلع 2018، العربية نت، 11/9/2017، https://goo.gl/sNk6Bp، (30/12/2017).
18. الشيخ عبدالعزيز آل شيخ مفتي السعودية يشيد بالقرضاوي بعد إدانته لحزب الله، موقع BBC ARABIC ، 6/6/2013، https://goo.gl/Lhpjw1، (30/12/2017).
19. صفحة الكاتب جمال خاشقجي على تويتر، 20/11/2017، https://twitter.com/JKhashoggi/status/932640254498140161، (30/12/2017).
20. طارق، ضياء، فصل من تاريخ الإسلام الحركي في بلاد الحرمين، موقع اضاءات على الشبكة https://goo.gl/wqwqtK
21. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج1 ص39، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، https://goo.gl/QiMWuN ، (25/12/2017).
22. القرضاوي يلتقي مفتي السعودية في مكة، العربي21، 21/3/2017، https://goo.gl/uNXKbs، (30/12/2017).
23. قيادة المرأة للسيارة بالسعودية، محطات وتطورات، شبكة الجزيرة، https://goo.gl/UKVYcM
24. لوموند: اعتقالات السعودية تهيئ لنقل السلطة لبن سلمان، موقع الجزيرة نت، https://goo.gl/QQfHr6
25.محمد بن سلمان والورقة الدينية: احتكار السلطة لا إصلاح، العربي الجديد، https://goo.gl/dKS449
26. مفتي عام المملكة : المملكة منذ تأسيسها كانت ولا زالت - ثبتها الله - مناصرة لقضايا المسلمين وللقضايا العادلة في كل مكان، وكالة الأنباء السعودية، 6/6/2013، http://www.spa.gov.sa/1117778، (30/12/2017).
27. الموقع الرسمي للأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، https://goo.gl/nbbnLLK ، (23/12/2017).
28. الموقع الرسمي للجنة الدائمة، https://goo.gl/3fHgqA ، (23/12/2017).
29. موقع الرسمي للرئاسة العامة للبحوث العلمية الإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?languagename=ar&View=Tree&NodeID=4553&PageNo=1&BookID=3، التصفح بتاريخ (29/12/2017).
30. الموقع الرسمي للشيخ الدكتور صالح الفوزان، http://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/61، (23/12/2017).
31. الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن باز، https://www.binbaz.org.sa/life-article/262/101 ، (23/12/2017).
32. الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، https://goo.gl/BKDZXp ، (23/12/2017).
33. الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء بتويتر، 26/10/2017، https://twitter.com/ssa_at، (30/12/2017).
34. الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء على تويتر، بتاريخ 4/11/2017، https://twitter.com/ssa_at/status/926890167423643649، (30/12/2017).
35. الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء على تويتر، بتاريخ 5/11/2017، https://twitter.com/ssa_at/status/926890167423643649، (30/12/2017).
36. موقع النهج الواضح، http://ar.alnahj.net/tree/84 .
([1]) راجع: محمد جلال كشك، السعوديون والحل الإسلامي، (لندن: شركة مودي جرافيك، ط3، 1982)، ص 319، 565
([2]) انظر: اليكسى فاسيليف، تاريخ العربية السعودية، (بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1995م) ص 379.
([3]) د . أكرم حجازي، دراسات في السلفية الجهادية، (القاهرة: مدارات للأبحاث والنشر، ط1، 2013م)، ص36
([4]) الموقع الرسمي للأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، https://goo.gl/nbbnLLK ، (23/12/2017).
([5]) الموقع الرسمي للجنة الدائمة، https://goo.gl/3fHgqA ، (23/12/2017).
([6]) أبرز ملامح تشكيل هيئة كبار العلماء: تمثيل للمالكية والأحناف للمرة الأولى، جريدة الشرق الأوسط، 15/2/2009، http://archive.aawsat.com/details.asp?section=4&article=507131&issueno=11037#.Wj6B00qWZPZ ، (23/12/2017).
([7]) الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن باز، https://www.binbaz.org.sa/life-article/262/101 ، (23/12/2017)
([8]) الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، https://goo.gl/BKDZXp ، (23/12/2017).
([9]) هو الشيخ محمد بن صالح العثيمين، عمل أستاذا بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان يدرِّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج ورمضان والإجازات الصيفية منذ عام 1402هـ ، تم تعيينه عضوًا في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عام 1407هـ إلى وفاته عام 1421هـ. انظر: الموقع الرسمي للشيخ ابن عثيمين، http://binothaimeen.net/content/pages/about، (23/12/2017).
([10]) هو الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، عمل أستاذا بالمعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعين عضوا في هيئة كبار العلماء، وعضوا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وانظر: الموقع الرسمي للشيخ الدكتور صالح الفوزان، http://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/61، (23/12/2017).
([11]) انظر: موقع النهج الواضح، http://ar.alnahj.net/tree/84
([12]) هي حركة إخوان من أطاع الله، نشأت حول العام 1911م، كفكرة لإحياء الوهابية، وقد استخدمها الملك عبد العزيز للتوسع في الجزيرة العربية، ثم قضى عليها بمساعدة بريطانيا في موقعة السبلة، إثر خلاف نشأ بين الملك والحركة.
([13]) محمد جلال كشك، مرجع سابق، ص559
([14]) توماس هيغهامر، ستيفان لاكروا، ترجمة: حمد العيسى، حتى لا يعود جهيمان، (بيروت: منتدى المعارف، ط3، 2014)، ص ص 41-46.
([15]) تأثرا بحديث النبي e بظهور رجل من آل بيت النبي e يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا.
([16]) توماس هيغهامر، ستيفان لاكروا، مرجع سابق، ص ص 52-53.
([17]) عبد العزيز بن باز، حادث المسجد الحرام وأمر المهدي المنتظر، مجلة البحوث الإسلامية، ج5 ص 309، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية الإفتاء، https://goo.gl/o6t45i ، (24/12/2017).
([18]) صحيح البخاري، كتاب المناقب، برقم 3611.
([19]) صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، برقم 6930.
([20]) بيان هيئة كبار العلماء بشأن الاعتداء على المسجد الحرام، مجلة البحوث الإسلامية، ج5 ص 321، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية الإفتاء، https://goo.gl/vRrU7p ، (24/12/2017).
([21]) توماس هيغهامر، الجهاد في السعودية، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2013م)، ص ص 241، 255.
([22]) تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، موقع الجزيرة نت،https://goo.gl/3Tzhj1 ، (25/12/2017).
([23]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج1 ص39، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، https://goo.gl/QiMWuN ، (25/12/2017).
([24]) الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثاني والسبعون، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء،1425هـ، https://goo.gl/ez7tAz ، (25/12/2017).
([25]) عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، الموقف الشرعي من أعداء الأمن، مجلة البحوث الإسلامية، العدد الخامس والثمانون، 1429هـ، https://goo.gl/tyHLvB ، (25/12/2017).
([26]) ستيفان لاكرو، زمن الصحوة، (بيروت: الشبكة العربية، ط1، 2012) ، ص55، 64، 180.
([27]) عبد العزيز بن باز، عمل صدام عدوان أثيم، مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز، المجلد السادس، موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والافتاء، https://goo.gl/Q5v539 ، (25/12/2017).
([28]) عبد المالك رمضاني، مدارك النظر في السياسة، (القاهرة: دار الفرقان، ط8، 2008م)، ص 450.
([29]) انظر: ضياء طارق، فصل من تاريخ الإسلام الحركي في بلاد الحرمين، موقع اضاءات على الشبكة https://goo.gl/wqwqtK
([30]) لوموند: اعتقالات السعودية تهيئ لنقل السلطة لبن سلمان، موقع الجزيرة نت، https://goo.gl/QQfHr6
([31]) ديفيد إغناتيوس ، محمد بن سلمان، هل يدفع المملكة للأمام أم يقودها نحو الهاوية؟، نون بوست، http://www.noonpost.org/content/12617
([32]) خنق الحريات في ظل ابن سلمان يشرخ صورة "الحاكم المصلح"، شبكة DW، https://goo.gl/vDVCSe
([33]) محمد بن سلمان والورقة الدينية: احتكار السلطة لا إصلاح، العربي الجديد، https://goo.gl/dKS449
([34]) قيادة المرأة للسيارة بالسعودية، محطات وتطورات، شبكة الجزيرة، https://goo.gl/UKVYcM
([35]) الخليج الجديد، على شبكة الانترنت: https://goo.gl/C8Z8yj
([36]) أول عرض باليه في السعودية ستقدمه فرقة مسرح البولشوي الروسية، موقع i24news، https://goo.gl/RnYkCW
([37]) الخطيب يؤكد أن السعودية ستفتح «دور سينما» وستبني «دار أوبرا»، جريدة الشرق الأوسط، https://goo.gl/nT5e8a
([38]) جمع وترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، (الرياض: دار المؤيد للنشر والتوزيع، ط5، 2003م) ، الفتوى رقم (2923) ، ج17 ص 239.
([39]) المرجع السابق، الفتوى رقم (6412) ، ج17 ص240.
([40]) "كبار العلماء": لم نصدر فتاوى سابقة تحرم قيادة المرأة، العربية نت، 27/9/2017، https://goo.gl/yZmEBeK ، (29/12/2017).
([41]) راجع، موقع الرسمي للرئاسة العامة للبحوث العلمية الإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?languagename=ar&View=Tree&NodeID=4553&PageNo=1&BookID=3، التصفح بتاريخ (29/12/2017).
([42]) الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء : قيادة المرأة للسيارة من حيث الأصل الإباحة شرعاً، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صون المرأة واحترامها، وكالة الأنباء السعودية، 27/9/2017، http://www.spa.gov.sa/viewfullstory.php?lang=ar&newsid=1671441#1671441، (30/12/2017).
([43]) السينما" في السعودية: بدء منح التراخيص مطلع 2018، العربية نت، 11/9/2017، https://goo.gl/sNk6Bp، (30/12/2017).
([44]) احمد الدويش، مرجع سابق ، الفتوى رقم (4120) و (3501) ، ج26 ص 277.
([45]) المرجع السابق، الفتوى رقم (16818) ، ج14 ص 457.
([46]) المرجع السابق ، الفتوى رقم (14334) ، ج14 ص 481.
([47]) المرجع السابق ، الفتوى رقم (6279) ، ج26 ص 299.
([48]) عبد العزيز بن باز، لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، الموقع الرسمي للشيخ ابن باز، https://www.binbaz.org.sa/fatawa/1735، (30/12/2017).
([49]) لجنة مكونة من عدة علماء وفقهاء في الخلافة العثمانية، المحقق: نجيب هواويني، مجلة الأحكام العدلية، (إسطنبول: نور محمد، كارخانه تجارتِ كتب، آرام باغ، كراتشي، __)، ص24.
([50]) الموقع الرسمي للهيئة على تويتر، 4/11/2017، https://twitter.com/ssa_at.
([51]) اعتقال 11 أميرا ووزراء بتهم فساد في السعودية، فرنس24، 5/11/2017، https://goo.gl/5Bnkyi، (1/12/2017).
([52]) David Hearst, Things that go bump in the night in Riyadh, middle east eye,7/11/2017, http://www.middleeasteye.net/columns/things-go-bump-night-riyadh-1511882449, (1/12/2017).
([53]) David Hearst, Things that go bump in the night in Riyadh, middle east eye,7/11/2017, http://www.middleeasteye.net/columns/things-go-bump-night-riyadh-1511882449, (1/12/2017).
([54]) صفحة الكاتب جمال خاشقجي على تويتر، 20/11/2017، https://twitter.com/JKhashoggi/status/932640254498140161، (30/12/2017).
([55]) الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء على تويتر، بتاريخ 4/11/2017، https://twitter.com/ssa_at/status/926890167423643649، (30/12/2017).
([56]) الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء على تويتر، بتاريخ 5/11/2017، https://twitter.com/ssa_at/status/926890167423643649، (30/12/2017).
([57])Aaron David miller, Richard Sokolsky, Donald Trump Has Unleashed the Saudi Arabia We Always Wanted, the foreign policy, 10/11/2017, http://foreignpolicy.com/2017/11/10/donald-trump-has-unleashed-the-saudi-arabia-we-always-wanted-and-feared/ , (20/12/2017).
([58]) Richard Silverstein, The Israeli-Saudi alliance beating the drums of war, 8/11/2017, middle east eye. http://www.middleeasteye.net/columns/saudi-arabia-enlists-israel-drumbeat-war-768675850, (15/12/2017).
([59]) الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء : يجب أن يوضع في الاعتبار ما للقدس من مكانة عظيمة في وجدان المسلمين، وكالة الأنباء السعودية، 6/12/2017، http://www.spa.gov.sa/viewstory.php?lang=ar&newsid=1695211، (30/12/2017).
([60]) الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء بتويتر، 26/10/2017، https://twitter.com/ssa_at، (30/12/2017).
([61]) مفتي عام المملكة : المملكة منذ تأسيسها كانت ولا زالت - ثبتها الله - مناصرة لقضايا المسلمين وللقضايا العادلة في كل مكان، وكالة الأنباء السعودية، 6/6/2013، http://www.spa.gov.sa/1117778، (30/12/2017).
([62]) الشيخ عبدالعزيز آل شيخ مفتي السعودية يشيد بالقرضاوي بعد إدانته لحزب الله، موقع BBC ARABIC ، 6/6/2013، https://goo.gl/Lhpjw1، (30/12/2017).
([63]) القرضاوي يلتقي مفتي السعودية في مكة، العربي21، 21/3/2017، https://goo.gl/uNXKbs، (30/12/2017).
([64]) الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء على تويتر، 12/6/2017، https://twitter.com/ssa_at/status/874343585763786754، (31/12/2017).
تعليقات