ربما خضنا معركة كلامية أملتها علينا عقيدتنا وضمائرنا في نقد عمل توثيقي بلغة أهل فنه، كانت هذه إجابتي لأحد الأحبة لما سألني ما تنقمون من فيلم يناقش واقع ولو 1% .
فتنبهت لأمر مهم وهو أنه ربما يجهل البعض ما هو الدافع وراء غضبتنا ونحن الذين بالإمس وقفت بجانبا الجزيرة وقنواتها حتى طالها الحصار وتكالبت عليها الأمم.
وحتى يزول الإشكال لابد أن نفرق بين ما هو واقع وما ينبغي أن يكون، فالبرغم ما ننقمه على بعض ما تقدمه قناة الجزيرة من إعلام يتعارض مع عقيدتنا وما نصبوا إليه، إلا أنها مازالت المتنفس الوحيد الذي تشم منه رائحة خير ولو بنسبة ما.
وما دعانا لمهاجمة فيلم في سبع سنين كان عدة دوافع:
الدافع الأول منه: هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي يظل أهله غرباء مستهجنين لكن على الحق ظاهرين، فما رأيناه من خلال المادة الفلمية المقدمة في فيلم سبع سنين هو تبرير للباطل وتلميع له حتى ولو دون قصد وتم هذها بصورة أو بأخرى من موسيقى وإضاءة وفتح مجال للشرح دون تعليق نافع.
أما الدافع الثاني : فهو الخوف من الوقوع تحت قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.
فإشاعة حالات مرضية بهذا الشكل حتما سيتبعها قبول عام لما تقوم به هذه الفئة وعدم استغراب بل وترويج لفلسفة الشهرة وركوب موجة الظهور.
أما الدافع الثالث: وهو الخوف من تقريرأباطيل يسلم بها كحقائق في المستقبل، وتصبح عائق من عوائق تصحيح المسار، كالترويج لمسلمة أن الإسلاميين هم السبب في ظاهرة الإلحاد وأن سلبيتهم كانت عامل حفز له، في حين أن الحقيقة عكس ذلك وهي أن اضطهادهم ومنعهم من الدعوة إلى الله وحربهم من الأنظمة كانت السبب الرئيسي بل إن الأنظمة المستبدة ترحب بالإلحاد وبالتدين المزيف فكلاهما جناحي السلطة المبسوط على الشباب.
أما الدافع الرابع: فإن كثيرا منا كان ينظر لما تقدمه الجزيرة من حرفية مهنية بعين الإنبهار، خاصة أنها مؤسسة عربية تحمل في طيات ثقافتها قيم نحتاج لتدعيمها وهي نفسها تحتاج لمساندتنا لها، فخيبة الأمل في خروج عمل بهذا الشكل المنقوص وبهذه الصورة المشوهة جعلنا نتكلم لأنه لم يصل إلى الحد الأدنى من طموحاتنا.
الدافع الخامس: الإحساس بالمسؤولية تجاه جيلنا الذي عاش الأمرين مر الأنظمة المستبدة ومر فشل الثورة والشتات والغربة المركبة، ثم يأتي من يزايد علينا وعلى جيل بالكامل دون أن ننبه على ذلك أو نسكت على هذا التجاوز وإن كان نسبي، فالكلمة مسؤولية والتوثيق لواقع ما مسؤولية والسكوت عن تجاوز ما مسؤولية.
لكن قبل أن ينفض المولد بين مؤيد ومعارض لمثل فيلم "في سبع سنين" يجب أن يكون لنا عدة وقفات.
وتبقى عدة نقاط لم يفهما من قرأ نقدنا لقناة الجزيرة ولا اعتراضنا على سياق الفيلم:
إننا اليوم على محك تغيير إن لم تكون غايتنا هي رضا الله فبئس الغايات، وإن لم يكن سعينا لإعلاء شرع الله فخاب السعي، وإن لم تكن غضبتنا لحماية جنبات الشريعة فهي غضبة جاهلية، والله المستعان وعليه التكلان.
تعليقات
جزاك الله خيرا يا شيخ خالد .. جهد مميز