تحرير حسين رضا على الأربعاء، 09 كانون2/يناير 2019
فئة: مدونات عربية

هل كان رسول الله معجباً بنفسه؟! - حسين رضا

مما يثيره العلمانيون والملحدون، تعليقا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) #رواه_البخاري، وفي رواية لمسلم: (حتى أكون أحبَّ إليه من أهله وماله والناس أجمعين)

والحقيقة

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن التكبر بنبوته، وعظيم دينه، وخلقه على الناس، فلم يُؤثر عنه صلى الله عليه وسلم سوى التواضع وحب الناس وخفض الجناح، والحرص على الناس كلهم مسلمهم وكافرهم، وهو الذي حزن لما رأى جنازة يهودي تمر من أمامه قبل أن يدركه الإسلام ويدخله، حزنا على فوات الجنة على هذه النفس.

لم يسجل التاريخ صحيحا كان أو ضعيفا أن صلى الله عليه وسلم طلب من الناس أن يقدسوه لشخصه لحما ودما، أو يجعلو منه إلها كما يفعل الطغاة بعبيدهم إذا تمكنوا من رقابهم، ولم يعهد على رسول الله في وقت المحن والمعارك أن اختبأ وترك الساحة لأصحابه يموتون من أجل بقائه، بل لما هاجروا هجرتهم الأولى بقي هو بمكة، ولما هاجروا هجرتهم الكبرى ليثرب كان هو آخرهم، ويوم أحد وخيبر لما وهنت قوتهم وضعفت عزيمتهم نفخ فيهم العزة والقوة وجمع صفوفهم وضمد جراحهم وواسى أهل شهداءهم ولم يسلم من الأذى حينها، ومما حكاه علي رضي الله عنه كان إذا حمى الوطيس واشتدت الحرب احتمينا برسول الله، حتى يزيدهم بقوته قوة، ويمدهم بروح العزيمة والشجاعة ليواصلوا الجهاد معه.

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على عظيم شخصه لم يطلب من الناس إلا أن يقدسوا فيه الرسالة والمنهج الذي جاء به من الله، أن يقدسوا النور الذي يشع من دعوته وهديه متمثلا في شخصه، وأن يصونوا نعمة الله عليهم، فقد هداهم به من ضلالة، وأخرجهم به من الظلمات إلى النور، ويسر لهم سبيل الهدى.

إن المصيبة إذا نزلت بأحد غير الرسول مهما عظم قدر فهي مصيبة في فرد، أما إن نزلت المصيبة بنبي من الأنبياء فقد نزلت بأمة، وهذا ما فهمه أبو بكر رضي الله عنه أيام الهجرة، وهو يمر أمام رسول الله تارة، ومن خلفة تارة، وعن يمينه تارة، وعن يساره تارة أخرى، ويدخل الغار قبله ليتأكد أن لا ضرر على رسول الله منه، ولما سأله النبي مرة : «يا أبا بكر مالك تمشي ساعة خلفي وساعة بين يدي؟» فقال: يا رسول الله أذكر الطلب، فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد، فأمشي بين يديك، فقال: «يا أبا بكر لو كان شيء لأحببت أن يكون بك دوني؟، قال: نعم، والذي بعثك بالحق ما كانت لتكون من ملمة إلا أحببت أن تكون لي دونك.

لقد كان أبو بكر يدرك الحقيقة الوحيدة، هي أن الإسلام في مراحل تكوينه الأولى لا يتمثل إلا في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما أدركه علي رضي الله عه، فنام أيام الهجرة في فراشه ملقيا بنفسه في معركة معلوم نتيجتها من قبل أن يدخلها، نتيجتها قتل النائم في فراش رسول الله إلا أن يقدر الله غير ذلك وهو ما كان، وهذا ما أدركه الصحابة يوم أحد لما تكالب جيش الكفار كلهم يسدد رميته تجاه رسول الله، فاجتمع الصحابة حوله لما أدركوا غاية الكافر المتمثلة في قتل رسول الله، فتنادوا أن احموا رسول الله.

إن محمدا بعيدا عن النبوة والرسالة إنسان يستحق أن يحب وتحمد محاسنه وأخلاقه ويحترم الناس شخصه، فما بالنا وهو منهج سماوي وقرآن رباني يتحرك بين الناس.