تحرير إبراهيم محمد عبد المانع على الأربعاء، 21 تشرين2/نوفمبر 2018
فئة: مدونات عربية

هل تراجع الشيخ مقبل الوادعي عن موقفه من دولة آل سعود؟

تراجع العلماء عن مواقفهم شىء لا يعيبهم، خاصة لو كان إلى الحق،لكن كثيرا من المواقف التي تنسب لقائليها لو تأملت مرادها لعلمت تقريرها.

وفي الأونة الأخيرة تناولت شبكات فرقة المداخلة موقف الشيخ مقبل من حكومة آل سعود بوصفه قد تراجع ومدح دولة التوحيد خاصة بعد علاجه في المملكة وزيارة الأمير نايف له على حد زعمهم.

وكعادتهم في تهويل المواقف وتلبيسها ثوب طاعة أولى الأمر، أردفوا هذا التراجع بوصف دولة آل سعود بدولة التوحيد حامية حمى الإسلام والمسلمين.

وتناسى هؤلاء مذابح ومجاعات اليمن على يد جيش آل سعود، بل جعلوا هذا التراجع على حد زعمهم غطاء لجرائم دولية في حق شعب اليمن يعلمها القاصى والداني.

لكن هل صحيح تراجع الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمة الله عليه محدث اليمن ومنارة العلم في ديماج والذي مؤلفاته وكتبهودروسه وتسجيلاته ملأت الآفاق هداية وعلما، لمجرد أنه تم علاجه في المملكة وأن أمير حائل زاره وقبل رأسه؟!!

الحقيقة حتما ستظهر لو استعرضنا بعض مما سطره الوادعي في حق آل سعود عبر كتبه ومؤلفاته.

آل سعود فتحوا باب الشر

قال رحمة الله عليه مبينا بعد دولة آل سعود عن منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب: "فالذى نعتقده، وندين الله به؛ أن السعودية الآن ليست تابعة لما جاء به محمد بن عبدالوهاب؛ فقد فتحت الباب للشر على مصراعيه، ولولا أنه يوجد في نجد والحجاز رجال صالحون أخيار؛ لسبقت غيرها من الدول في الشر، ولكنها تراعى خواطرهم؛ نسأل الله أن يولي المسلمين خيارهم .. هل علمتم أن السعودية طردت كثيراً من أهل العلم من بلدها، وحرمتهم من سكنى الحرمين؟ هل بلغكم أنها زجت بكثير من الشباب في السجون؛ هل تعتقدون أنها حريصة على نشر السنن؟ فأين سلوكنا، وأين سلوك السعودية؟ نحن في واد، وهي في واد"اهـ (المخرج من الفتنة ص 152) .

آل سعود تريد حرق اليمن

وقال أيضا متنبأ ببصيرة العالم لما أضمروه لليمن: "السعودية الآن في سجونها نحو من خمسمائة داع إلى الله سبحانه وتعالى، وهي تريد أن تحرق بلدنا كما احترقت بلدها؛ كثير من الدعاة إلى الله يريدون أن يهربوا إلى أمريكا هنالك من السعوديين، ويريدون أن يهربوا إلى السودان؛ إلى أي بلد لأنها أصبحت مقبرة العلماء؛ ثم بعد هذا نسمع من أصحاب البشوت من يقول: دولتنا خير الدول، وحكومتنا خير الحكومات .. أنت مغفل .. لكن قل: شعبنا أحسن الشعوب .. فمالَك عندما أن لبس فهد الصليب .. لم تنكر؟! فضح المسلمين، واستاء المغتربون في أمريكا، والمغتربون في جميع البلاد الكفرية"اهـ (المصارعة ص 475 ).

جريمة الحرم المكي

وقال: "جماعة أصحاب الحرم طلبة علم يريدون الحق فلم يوفقوا له، وكما تقدم أن قلنا في كتاب (المخرج من الفتنة): إن للحكومة السعودية قسطاً من الإثم والجريمة التي حصلت؛ بل لها القسط الأوفر؛ لأنها كانت السبب في مطاردتهم وإزهاق حياتهم؛ فحملتهم ما زين لهم الشيطان، ولم يثبتوا على الصبر؛ فزلت أقدامهم، وكانوا سبباً لسفك الدم المحرم في مكة .. فجماعة الحرم يعتبرون بغاة خرجوا على دولة مسلمة، وإن كان لها من الأخطاء الكبيرة التي تعتبر إلحاداً في الحرم؛ كالتصوير والتبرج والسفور ومنع الدعاة إلى الله؛ كل هذا إثم وجريمة لا يقرها الإسلام .. فالحاصل أنه طلبة علم يريدون الخير وما وفقوا له، وللحكومة السعودية القسط الأكبر لأنها لم تُحكم الكتاب والسنة"اهـ (إجابة السائل ص 481-482).

عمالة آل سعود لأمريكا

وقال: "المسألة خلافية بين أهل العلم؛ هل يجوز أن يستعان بالكافر؛ أم لا يجوز؟ فالذي أراه وأعتقده وأدين الله به أنه يجوز ان يستعان بالكافر لمصلحة الإسلام والمسلمين. هذه الفتوى؛ قال بعض إخواننا: إن السعودية هي عملية لأمريكا! قلنا: هي عميلة من قبل أن تستورد هؤلاء .. ولكن مَن السبب في كل هذا؟ هو صدام صدمه الله بالبلاء. ومَن السبب في الإتيان بهم؟ هي السعودية لا جزاها الله خيراً، وإذا ذكرنا السعودية فنعني فهداً ومن سلك مسلكه الضايع المايع، ولولا أن الله سبحانه وتعالى حمى الدين بمجموعة كبيرة من الشباب، ومجموعة كبيرة من العلماء؛ لباع الدين بالكرسي؛ فنحن لا نتوقع من فهد أن ينصر دين الله، وإن دجل على الناس في الإذاعة؛ كما أن صداماً البعثي يزعم أنه فاتح باب الجهاد، ويدجل على الناس في الإذاعة أيضاً؛ أما أنت أيها البعثي فقد عرفناك، وأنت يا فهد فقد عرفناك"اهـ (قمع المعاند ص 95-96)

وقال عن آخر الإصدارات من كتبه (القول الأمين في فضائح المذبذبين) في شأن لبس فهد للصليب، وإن شاء الله سيطبع؛ لأنني أرى أصحاب المطابع يخافون من طبع الكتب التي فيها كلام على السعودية"اهـ (قمع المعاند ص 358-359).

المال الدعوي وتسيسه

وقال: "بعض الأفاضل من السعوديين كان يساعد الدعوة بالمال الكثير .. فلما خرج كتاب (المخرج من الفتنة) و(السيوف الباترة) جاءتني رسالته القاسية؛ رسالة خطية يقول: أنت تتكلم في الحكومة السعودية؛ كنت أظن أن لك عقلاً.

ثم رسالة شفوية: إذا لم تشطب الكلام في (المخرج) و(السيوف الباترة) فسنقطع عنك المساعدة.؟!!

فقلت له: بعيد بعيد أن أشطب الكلام من (السيوف الباترة) ومن (المخرج من الفتنة) إلا إذا كان فيها شيء يخالف الكتاب والسنة أو يخالف الواقع"اهـ (غارة الشرطة ص 288).

موقفهم من الشيوعية

وقال: "الشيوعية تبغض السعودية حسداً من أجل ما أعطاها الله من المال، ومن أجل التكبر الصادر من كثير من السعوديين على من ليس سعودياً، ولكن الشيوعية لا تخاف من السعودية لعلمها بأمور عن الجيش السعودي نحن نعلمها، وأيضاً السعودية لا تعادي الشيوعية لله، ولكنها تخاف منها على أموالها وعلى السلطة.

أما السعودية فإنها تخاف من الشيوعية، وكم من مرة تتحمس شيوعية عدن على السعودية؛ فتداريها السعودية بعشرة مليون ريال أو نحو ذلك وتهدأ الشيوعية؛ لأن الشيوعية من أجل الدنيا، والسعودية لا تدافع لله من أجل هذا؛ فليس لها هيبة في قلوب الناس، ولو دافعت من أجل دين الله لأحبها الله والناس، وأذل الله أعداءها، ولا نشغل الوقت بهما فأمرهما معروف على أنه لا سواء؛ السعودية مسلمة ولكنها لا تهتم بالإسلام، والشيوعية كافرة تعادي الله ورسوله؛ نسأل الله أن يولي على المسلمين خيارهم ..

هذا ومما ينبغي التنبيه عليه: أننا سمعنا من بعض المخذولين من يقول: إن الشيوعية في عدن خير من السعودية؛ فهذا باطل؛ فإننا وإن كنا نبغض الأسرة المالكة، ونعلم ضررهم العظيم على الدين، ونهلم كثرة المنكرات في أرض الحرمين ونجد والحجاز، ونعلم موالاتها الكفار، ونعلم أن العلماء لا يستطيعون التصريح بالحق من خوف الحكومة، وأنها قد منعت الدعاة إلى الله في المساجد؛ لكن كل هذا لا يساوي ظلم ساعة لإخواننا الجنوبيين من الشيوعية الملعونة"اهـ (السيوف الباترة ص 59).

هل تراجع الوادعي؟

ولو تراجع فما الذي حمل الشيخ رحمه الله على التراجع عن ذم النظام السعودي؟. بعد أن اشتهر عنه ذم للنظام السعودي واغلاظ القول عليه كما سبق،بل وتصريحه أن السعودية لم تعد على منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب؟ ! وقضى على رأيه الذي بثه طوال عمره كله في مؤلفات ومحاضراته.، ثم قبل وفاته بشهر يتراجع عن قوله الذي أشتهر عنه ويتوب منه توبة نصوح كفلق الصبح وينشر ذالك في كتاب له بعنوان[مشاهداتي في المملكة العربية السعودية]

ثم يفرح بذلك مدعي السلفية والمداخلة ويحرصوا على نشره وبثه في الأفاق مدركين أن أغلب مريديهم من المقلدة المتكاسلة عن القراءة والتفكير والتمحيص والتمعن. لن يكملوا قراءة الكتاب أو يعرفوا محتواه.

وبتلخيص ما وصف أنه تراجع في ذات الكتاب وتمعن وقرائته بتعقل نجد أن ما وصف أنه تراجع لايعد إلا مدحا جزئيا من باب الإنصاف لعدة أمور هي:
1-تمكين النظام السعودي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإطلاق يدهم ودعمهم لهم بالعدة والعتاد كالسياراتت.
2-رفض النظام لتشريع الإنتخابات وقولهم أنها لا تأتي بخير(وهذا موقف الشيخ من الانتخابات الديموقراطية).
3-تطبيق الحدود على جميع المواطينين والمقيمين دون محابات أو تمييز
ومن هنا يتضح أن الأسباب المستخلصة تكاد تكون منعدمة أو هي كذالك في ما جاء بعد حياة الشيخ رحمه الله:
1- فبالنظر للهيئة كما يعلم الجميع أنها آلت إلى العدم أو شبه العدم.
2-وبالنسبة لموضوع الإنتخابات الديموقراطية بغض النظر عن مشروعيتها فهي اليوم باضت وفرخة في السعودية وبمباركة وتشريع النظام نفسه.
3-أما عن عدم المحسوبية المدعاة من قبل النظام في تطبيق أحكام الشرع وحدوده فلا يحفى حال السعودية المتأخر من الترخيص المخالف للشرع كدور السنما والمسارح والمعازف والإختلاط وقنوات نشر الفجور والفواحش بل وسعيهم لإنشاء مرافق سياحة لا تخضع لنظام المملكة كما صرحوا
والحقيقة أن ما وصف بأنه تراجع للشيخ مقبل بن هادي الوادعي، ما هو إلا مدح لبعض مظاهر الشريعة من باب العدل مع الخصوم، و لم يكن لدنيا أصابها كما يزعم الزاعمون.
وفي المقابل انتفاء الأسباب التيى مدحها رحمه والتي وصفت بأنها تراجع. كانت مسببة والقاعدة تقول:(الحكم ينتفي بانتفاء سببه)

ونجزم بأن الشيخ الوادعي لما عرف عنه من غيرته على الشريعة لو أبقاه الله ورأى حالهم اليوم لكان له معهم شأن آخر.