المقدمة
برز تنظيم "أنصار بيت المقدس" في أعقاب ثورة يناير 2011، وعرف بعمليات تفجير خط الغاز المصري المصدر إلى إسرائيل، وعملياته التي وجهها إلى الداخل الإسرائيلي، مؤكداً على عدم المواجهة مع النظام المصري الحاكم آنذاك، ومع انقلاب يوليو 2013، وسقوط نظام الرئيس محمد مرسي، أعلن التنظيم توجيه سلاحه نحو القاهرة ([1])، وفي أواخر عام 2014 بايع تنظيم "الأنصار" تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام "داعش"، حيث شهد هذا عام ولادة ما بات يعرف بتنظيم "ولاية سيناء".
استطاع التنظيم الوليد أن يزيد من قدراته العسكرية، والمادية، والبشرية، وينمو مستغلاً حالة التهميش والمظلومية التي عانى منها أبناء شبه جزيرة سيناء، وميل نظام السيسي للحلول الأمنية العنيفة، والبعد عن التفاهمات السياسية؛ كتهجير أهالي المنطقة الحدودية برفح، وحالات الاعتقالات العشوائية، والاختفاء القسري، مما أوجد للتنظيم موطأ قدم في شبه الجزيرة، حتى بات يعلن عنه كتهديدٍ حقيقي لمصر ودول الجوار.
صار التنظيم أحد أفرع "تنظيم الدولة الإسلامية" أو "تنظيم داعش"، كما يظهر في اسمه (ولاية سيناء)، حيث يعتبر التنظيم نفسه جزءاً من دولة الخلافة الإسلامية، فبعيداً عن حقيقة قيام دولتهم المزعومة من عدمها، فالتنظيم يمثل مثالاً واقعياً لشكل وتصور الدولة في العقل السلفي الجهادي، مما يدفعنا للتساؤل حول شكل الدولة في الفكر السلفي الجهادي؟ أو بكلمات أخرى؛ ما هي طبيعة الدولة في فكر السلفية الجهادية؟
:الأسئلة البحثية
وللإجابة عن السؤال البحثي السابق، ستجيب الدراسة عن الأسئلة البحثية التالية:
-كيف نشأت السلفية الجهادية، وما هي أيديولوجيا؟
-الحدود الجغرافية وأماكن التواجد لولاية سيناء؟
-ما هو هيكل التنظيم ومواردة البشرية؟
-ما هي البنية الاقتصادية لولاية سيناء؟
-ما هي طبيعة العلاقات الخارجية لولاية سيناء؟
:الدراسات السابقة
1.إسماعيل الإسكندراني، إلى أين ينتهي الصراع المسلح في سيناء؟ ([2]).
2.بينيديتا برتي، وزاك جولد، حماس والعلاقة الصعبة مع الدولة الإسلامية في غزة وسيناء ([3]).
3.أكرم حجازي، دراسات في السلفية الجهادية، مدارات للأبحاث والنشر، القاهرة، 2013.
4.عمر عاشور، تنظيم ولاية سيناء: الصعود العسكري والآثار السياسية، 2015([4]).
5.إهود يعاري، «حماس» وتنظيم «الدولة الإسلامية»: تزايد التعاون في سيناء ([5]).
المبحث الأول: الأفكار والأيديولوجيا
:السلفية الجهادية وأصول نشأتها
ظهرت الدعوة الوهابية في القرن الثامن عشر الميلادي واتخذت المذهب الحنبلي، والمنتشر في الجزيرة العربية في ذلك الوقت مذهباً لها، وذلك في مواجهة المذهب الحنفي الصوفي المتبنى من قبل الدولة العثمانية الحاكمة في ذلك الوقت.
ولفهم طبيعة الوهابية لابد أولاً من إدراك طبيعة المذهب الحنبلي، فقد صُنف الإمام احمد بن حنبل في كتب الرجال في عداد المحدِّثين وليس في عداد الفقهاء، فلم يؤلف الإمام احمد في الفقه، ولم يترك من تأليفه المباشر سوى كتابه "المسند"، والذي يعد أكبر المدونات الحديثية في الإسلام، وكانت فتاواه -رضي الله عنه- ترجمة مباشرة لما يرويه من الاحاديث، فلربما افتى في المسألة الواحدة بخمس فتاوى مختلفة لأن الحديث روي على خمسة أوجه، بينما عند الحنفية والشافعية تظهر الصنعة الفقهية بشكل أوضح، ومن هنا جاءت دعوى الحركات السلفية بأنهم أهل السنة والأقرب إليها، ودعوى أنهم أهل الحديث، ودعوى ترك المذهبية والأخذ المباشر من الكتاب والسنة والتي تبناها في عصرنا الشيخ الألباني-رحمه الله-.
من هذا المنطلق الفكري قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بوضع منهج حركي موافق لما جاء في السنة النبوية موافقة حرفية، وعمل على تخليق "البيئة الجاهلية" والمستوحاة من واقع السنة النبوية، في بيئة الجزيرة العربية المعاصرة له، في مواجهة المذهب الحنفي الصوفي العثماني، حيث شكك عدد من المؤرخين والباحثين في حقيقة وجود "الشرك والجاهلية" في مجتمع الجزيرة العربية المعاصر للشيخ، إذ لا يوجد ما يدلل على حقيقة وجوده.
بذلك أظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بُعد جديد في الصراع المذهبي (الإسلامي-الإسلامي)، فقد حول الصراع (الحنبلي-الصوفي) إلى صراع صفري بين الإيمان من جهة والكفر من جهة أخرى، وتوالت المؤلفات والفتاوى الوهابية في فترة الدولة السعودية الأولى والثانية حاملة لهذا الفكر ومؤكدة عليه، خاصة مسائل العذر بالجهل وقيام الحجة الرسالية، والولاء والبراء من المشركين، والكفر والإيمان.
حملت التنظيمات السلفية، على سعتها واختلافها فيما بينها، الفكرة الوهابية، واختلفت في مناهجها الحركية اختلافا واسعاً، وتفرعت في التطبيق لفرعين كبيرين، هما السلفية العلمية والسلفية الجهادية، وتبلورت السلفية الجهادية، بشكلها الحالي، في تسعينيات القرن الماضي من خلال ثلاثة شخصيات، أسامة بن لادن ذو الطبيعة الكاريزمية القيادية، وأبو مصعب السوري المنظر الفكري الحركي، وأبو محمد المقدسي المنظر الشرعي، وقد دعى التنظيم لتركيز المواجهة المسلحة تجاه الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة، والتي رأى التنظيم أنها رأس الأفعى في المواجهة بين العالم الإسلامي والغرب الصليبي بحسب التنظيم.
وصارت "السلفية الجهادية" تعبر عن التيارات الجهادية التي غدت تؤمن بما تسميه الإسلام العالمي المقاتل، وتتمثل الجدة في هذا الطرح في سعيها لانتزاع ركن الجهاد من المحتوي الأيديولوجي ذي النزعة التنظيمية والقطرية والأبعاد السياسية المحدودة، والتي هيمنت عليه لعقود طويلة من الزمن، وقدمت مصطلح "الجهاد" باعتباره عبادة وفريضة متعينة"([6])، لا تحدها تنظيمات قطرية.
دارت كتابات المقدسي، والذي درس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، حول كتابات شيخ الإسلام ابن تيمية، واكثر من الاستشهاد بعلماء الوهابية، ومؤلفاتهم خاصة التي ظهرت في الدولة السعودية الثانية، والتي جمعت في موسوعة "الدرر السنية في الأجوبة النجدية"، كما أسس أبو مصعب السوري([7]) لطريقة عمل جديدة للحركات الجهادية، مخالفةً لما دأبت عليه هذه التيارات للعمل التنظيمي من خلال تنظيم هيراركي مترابط يعتمد مبدأ السمع والطاعة، إلي العمل بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر من خلال الاقتناع بالفكرة، والالتزام بتوجهات الحركة بدون وجود رابط تنظيمي ابتداءًا، فليست "دعوة المقاومة" وفقا للسوري حزباً ولا تنظيماً ولا جماعة محدودة، وإنما تنتشر أينما وجدت الفكرة كما هو الحال مع التيارات السلفية غير الجهادية؛ كما أوضح السوري في سلسلته المرئية (شرح كتاب حرب المستضعفين)، فقد عمد السوري لتسميتها "دعوة المقاومة" وليست "حركة المقاومة" لأنه خطط أن تنتشر كدعوة إحيائية لتجييش الأمة المسلمة وليست كحركة محدودة، حيث يقول "دعوة المقاومة الإسلامية العالمية هي معركة الأمة المسلمة وليست صراع النخبة المجاهدة فقط "([8]). بهذه الآلية تكونت وانتشرت الجماعات السلفية الجهادية المعاصرة، والتي تكمن قوة فاعلتيها في سهولة وسرعة الانتشار، والتكوين، مع صعوبة التكهن بها.
هذه الاستراتيجية الحركية انتجت بؤر صراعية مفتوحة في العديد من المناطق خاصة في العراق، الجزيرة العربية، المغرب العربي، وسط افريقيا، بالإضافة لمنطقة المركز في أفغانستان، كما انتجت عمليات كبرى مثل أحداث 11 سبتمبر، وضرب المدمرة الأمريكية كول، وتفجير السفارة الامريكية في نيروبي 1998م.
:تنظيم التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين
نشأ تنظيم التوحيد والجهاد سنة 2002م، بدخول أبو مصعب الزرقاوي العراق قادماً من افغانستان، كبؤرة من بؤر الصراع السابق بيانها، حيث أعلن البيعة للقاعدة سنة 2004م، وتسمى باسم (تنظيم القاعدة ببلاد الرافدين)، في هذه الفترة تبنى التنظيم ما هو معهود في هذا الوقت من أفكار السلفية الجهادية، خاصة وأن الزرقاوي أحد تلاميذ أبو محمد المقدسي، والذي يعتبر المنظر الأبرز للسلفية الجهادية.
لكن ومع اشتباك التنظيم في البيئة العراقية، أظهر سلوكاً مخالفاً للفكر العام للسلفية الجهادية، بدا ذلك جلياً مع وقوع الخلاف بين الزرقاوي وشيخه المقدسي في مسائل كاستهداف المدنيين من الطائفة الشيعية والحسينيات وأماكن العبادة الشيعية، مما حدا بالزرقاوي للإعلان في أحد تسجيلاته أنه يعرض له أمور لو عرضت على الأئمة الأربعة لما وجدوا لها إجابة.
ويمكننا أن نرصد عاملين هامين ساعدا، على الأقل من وجهة نظر مؤسس التنظيم أبو مصعب الزرقاوي وبعيداً عن صدق هذا التصور من عدمه، بشكل أساسي في تشكيل طريقة تعاطي التنظيم مع المخالف هما:
1.الميليشيات الشيعية:
عمدت ميليشيات الشيعة، وعلى رأسها فيلق بدر، والتي كثر ذكرها في خطابات الزرقاوي، إلى أساليب الاغتيال والتهديد والتهجير والإرهاب التي طالت أئمة المساجد والعلماء والأطباء والأساتذة والطيارين، وكل قوى الشعب العراقي الرافضة للغزو، وقد تم تهديد وتهجير مئات العوائل السنية من مساكنهم في محافظات الجنوب.
ووفقا لتقرير منظمات حقوقية وأمنية وإعلامية قامت المليشيات الشيعة وفي مقدمتها منظمة بدر بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في العراق ضد المواطنين وخاصة أهل السنة، وهو ما يعتبر تطهيرًا طائفيًا من قبل هذه المليشيات ([9]).
يكفي للاستدلال على الطبيعة الشيعية الرافضية ما ذكره صاحب كتاب "عودة الصفوين" من ذكر هدمهم لمسجد الإمام أبي حنيفة النعمان، ونبشهم لقبره، وتعذيبهم أهل السنة حتى وصل الأمر لنبش القبور وحرق عظام الموتى، حيث يقول " ولكن الشاه إسماعيل (1487/1524م) أمر قائده حسين لاله بتهديم مدينة بغداد وقتل أهل السُنة والصلحاء، وتوجه إلى مقابر أهل السُنة ونبش قبور الموتى وأحرق عظامهم. وبدأ يعذب أهل السُنة سوء العذاب ثم يقتلهم محاولاً أن يغيرهم للتشيع، وهدم مسجد أبي حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية، ونكل بقبر أبي حنيفة ونبش قبره وهدم المدارس العلمية للحنفية وهدموا كثيرا من المساجد. وقتل كل من ينتسب لذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه في بغداد لمجرد أنهم من نسبه، وقتلهم قِتلة قاسية.
وقد أرخ الشيعة في ذلك الزمان لهذه الحادثة حتى قال مؤرخهم ابن شدقم "الشيعي" في كتابه "تحفة الأزهار وزلال الأنهار": "فتح بغداد وفعل بأهلها النواصب ذوي العناد ما لم يسمع بمثله قط في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب حتى نبش موتاهم من القبور". هكذا يسمي أهل السُنة النواصب، بمجرد أنهم لا يؤمنون بعقائد الشيعة، فهم نواصب يستحقون القتل"([10]).
ويظهر من هذا العرض التاريخي وما ذُكر أعلاه، طبيعة تعامل الشيعة الرافضة مع أهل السنة في العراق، هذه الوحشية الشيعية أثرت ولابد في نظرة الزرقاوي الأولى لهم، وطبيعة تعامله معهم، خاصة وأنه أكد على معاملتهم بالمثل، ما دفعه لمخالفة الاختيارات الفقهية للتيار السلفي الجهادي، والتي لم تُجد نفعاً.
وقد بدا ذلك واضحاً في خطابات الزرقاوي، حيث يقول: "أما قتالنا للروافض فقد صرحنا مراراً أننا لم نبدأهم بقتال، ولا صوبنا إليهم النبال، وإنما هم بدئوا بتصفية كوادر أهل السنة وتشريدهم واغتصاب مساجدهم ودورهم"، ويقول: "وما جرائم فيلق بدر عنا ببعيدة، ناهيك عن تسترهم بلبوس الشرطة والحرس الوثني، ثم من قبل هذا كله ولاؤهم للصليبيين، أفيسعنا بعد هذا كله أن نعرض عن قتالهم"([11])، بدأ التنظيم باستهداف عموم الشيعة من المدنيين وكذلك أماكن العبادة والتجمعات؛ معللاً ذلك بمعاملتهم بالمثل، وأنه لا يردعهم عن استهداف نساء وأطفال السنة إلا ذلك.
من هنا ظهرت فكرة استهداف المخالف المذهبي المنتمي للدائرة الإسلامية الواسعة، والتساهل في استهداف أماكن العبادة والمدنيين والأطفال والنساء، والتي تطورت فيما بعد لفكرة السبي والاسترقاق، يساعد على ذلك تقبل التراث الفقهي الوهابي للفكرة، يؤكد على ذلك ما نقله محمد جلال كشك وعلق عليه في كتابه "السعوديون والحل الإسلامي " يقول محمد أسد ([12]) "التعصب الديني الشديد الذي تميز به الإخوان-أي حركة إخوان من أطاع الله الوهابية بالسعودية-، كان يماثله التشدد الديني عند السلفيين القدامى، ويفسر هذا اعتبار من هو ليس بأخ أو كل من هو ليس بسلفي، كافر يحل قتله وأخذ أمواله"، ويعلل محمد جلال كشك ذلك بأنه إن لم يفعل؛ فبأي حق يستحل دمهم ومالهم، ويجندون لقتالهم، وكيف يستشهد الأخ، إلا في قتال الكفرة والمشركين، هل لو علموهم أن غير الاخوان مسلمون وهم يعلمون القاتل والمقتول في النار!! أكان يقوم جيش الاخوان أو تتحرر وتقوم مملكة ابن سعود!!"([13]).
وقد اشتد نكير المقدسي على الزرقاوي في هذا الأمر حيث يقول في رسالته له " ولذلك فحذار أيضاً من تشتيت دائرة الصراع والخروج بها عن المحتل وأذنابه الموالين له، وحذار من توسيع تلك الدائرة أيضا فيما لا طائل من ورائه وتضييع جهد المجاهدين بذلك، أو الانجرار وراء استهداف عموم الشيعة وحرف المعركة عن المحتل وأذنابه، وصرفها إلى مساجد الشيعة، ونحوهم مهما كان تاريخهم وعداوتهم لأهل السنة وأذاهم لهم، فلا يجوز أن يجعلوا جميعاً في كفة واحدة؛ عوامهم مع خواصهم المحاربين، وعلى كل حال فإن إعلان الحرب على هذه الطوائف المحسوبة على الإسلام والمسلمين في ظل احتلال صليبي مجرم لا يفرق بين سني وشيعي ليس من السياسة الشرعية في شيء"([14]).
لم يقم التنظيم باستهداف التنظيمات الشيعة المسلحة استهدافاً مجرداً بسبب استهدافهم المستمر للسُنة في العراق، وإنما تبني فكرة "قتال الشيعة على الكفر"، وهو أخطر ما في الأمر، حيث تبنى التنظيم الآراء والاختيارات الفقهية التي تكفر عوامّ الشيعة، خلافاً للاختيار الفقهي للمقدسي والتيار السلفي الجهادي بوجه عام، ومن هذا المنطلق استحل قتل غير المحاربين منهم أو المدنيين، وقتل النساء والأطفال تبعاً لا قصداً، وتطور الأمر فيما بعد للسبي والاسترقاق، واستحلال أعراضهم وأموالهم.
هذا التطور الخطير في الفكر السلفي الجهادي ينقل قتاله مع المخالف العقدي من نطاق "قتال أهل البغي" بأحكامه في الفقه الإسلامي، والتي تقضي بقتاله حتى يندفع شره، مع بقاء حرمة العرض والمال بين المسلمين، فلا يجوز الاجهاز على الجريح إلى نطاق "قتال الكفار" بأحكامه المختلفة تماماً.
وقد تنبأ المقدسي مبكراً لخطورة هذا التطور، وعواقبه وصرح بذلك في رسالته للزرقاوي المعنونة "الزرقاوي مناصرة ومناصحة" حيث يقول عن هذا الجيل الذي بدأ يتكون على يد الزرقاوي في العراق "هؤلاء إن لم يضبطوا بضوابط الشرع، ويربّوا على تعظيم حرمات المسلمين ودمائهم، ويقيّدوا بقيود العلم والفقه في السياسة الشرعية، لمراعاة أعظم المصالح ومدافعة أعظم المفاسد واختيار أنفع وأصلح الأعمال ومراعاة واقع الأمة وإمكانات أبنائها وطبيعة المرحلة ، أقول ، إن لم يراعى ذلك كله فيهم، فسيثبون إلى القتال دون ضوابط وسيخرجون على الأمة لا يميزون بين برها وفاجرها ولا يوازنون بين مصالحها ومفاسدها. وتجارب بعض الجماعات المتطرفة المغالية ما زالت ماثلةً للعيان، فحذار من اجترارها"([15])، وقد كان ما حذر منه.
2.مجالس الصحوات:
"جاءت الحاجة لتشكيل مجالس الإسناد أو الصحوات بعد إدراك الإدارة الأميركية أن قواتها العسكرية غير قادرة على التصدي لهجمات المقاومة في العراق، خاصة بعد أن فشلت في تحقيق النجاحات المرجوة بعد تدمير مدينة الفلوجة في نوفمبر2004.
فمن النصائح الخطيرة التي تم اعتمادها أن تكون هناك حملة تشويه واسعة وكبيرة للفصائل المسلحة، وأن يتم استخدام جميع الطرق، بما في ذلك عمليات اغتيال غامضة تستهدف الوجهاء والشيوخ والعلماء ورجال الدين، على أن ترمى الاتهامات على المجاميع المسلحة، وتم توظيف مجاميع خاصة لهذا الغرض دُربت على عمليات الاختطاف والقتل وتشويه الجثث" ([16]).
تسليح هذه التنظيمات كان أمريكياً، حيث أنفق البنتاغون على هذا العمل أكثر من 70 مليون دولار، ما بين تسليح أعضاء تلك المجالس وتمويلها، إذ إن راتب الفرد الواحد من أفرد الصحوات نحو 300 دولار شهرياً، وقد برر الجيش الأمريكي دفع الأموال لتمويل مجالس الصحوات إلى وحدة الهدف المشترك الذي يجمعه وهذه المجالس في العراق.
وما يهمنا في هذا الجانب هو وجود الحزب الإسلامي العراقي([17])، كداعم أساسي لمجالس الصحوات، حيث أكد الأمين العام للحزب ونائب رئيس جمهورية العراق طارق الهاشمي في حوار معه لقناة العربية إن الدفاع عن الصحوات هو جزء من مشروع الحزب الإسلامي العراقي، وكان الحزب الإسلامي العراقي يدعو ويحث الحكومة العراقية على دمج تلك الصحوات في المؤسسات العسكرية في العراق([18]).
عمل الحزب الإسلامي العراقي في أجواء ما بعد الاحتلال، حيث وصفت الموسوعة الرسمية للإخوان المسلمين الحزب فقالت: "بعد احتلال العراق في 9/ 4 /2003 وتغيّر النظام الحاكم وجد الحزب الإسلامي المصلحة في إعلان التنظيم داخل العراق بالرغم من وجود الاحتلال، وكانت المبررات أنه لا بدّ من الظهور من جديد وملء الفراغ السياسي والمشاركة مع بقية الأحزاب في القرارات المصيرية ولا سيما أن العراق قد انتقل من الطغيان إلى الاحتلال، وقد تمرر قوانين وتتغير أوضاع ولا يكون للصوت الإسلامي الأصيل ذي التجربة الطويلة موقف حيوي في كل ذلك "([19]).
اختارت جماعة الإخوان المسلمين بالعراق العمل السلمي في ظل الاحتلال الأمريكي، أو كما صرح رئيس الحزب الإسلامي " محسن عبد الحميد" بعد الإفراج عنه في مؤتمر صحفي بأنه "سيناضل سياسياً لإخراج المحتل"، وشاركت في مجالس الصحوات كداعم أساسي بما لها من ثقل ديني وحركي في المجتمع والعشائر العراقية، ويمكننا هنا أن نرصد حالة الصدام.
من وجهة نظر تنظيم القاعدة بالعراق، ومن بعدها دولة العراق الإسلامية، ثم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش)، فالصحوات عبارة عن جماعات سُنية، ذات تمويل أمريكي صليبي، أنشأت للقيام بحرب وكالة عن المحتل ضد المقاومة المسلحة والمتمثلة بشكل أساسي في تنظيم القاعدة، وقد مثلت جماعة الإخوان المسلمين بحزبها السياسي مكون أساسي داخلها، لقاء بعض التفاهمات السياسية بينها وبين المحتل الأمريكي، بحسب التنظيم، وهنا تكمن المشكلة.
فنتيجة لما سبق، لم يدخر تنظيم القاعدة في العراق وسعاً، بحسب إصداراته، في معاداة "الحزب الإسلامي" ومن وراءه "هيئة علماء المسلمين"، واعتبارهم أداة في يد المحتل الأمريكي، وتكون في العقل الداعشي تصوراً لما سمي "بالصحوات" مفاده أنها جماعات سنية، أو حتى "حركات إسلامية" سُنية، تتلقى الدعم المادي أو المعنوي من المحتل أو العدو، وتعمل ضد مشروع المقاومة المسلحة للتنظيم.
تطور الأمر سريعاً بتبني التنظيم تكفير "الحزب الإسلامي" وبعض أفراد من "هيئة علماء المسلمين"، من باب موالاة الصليبيين، واعانتهم على المجاهدين، وفيما بعد ساعد هذا المنطق التنظيم في تكفير كل من خالفه، وبخاصة الحركات الإسلامية، كجماعة الاخوان المسلمين، أو المجموعات السلفية المقاتلة في سوريا، كحركة أحرار الشام، أو جيش الإسلام، أو حركة حماس في فلسطين، أو جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أو حتى الحركات السلفية الجهادية كالقاعدة أو جبهة النصرة.
يمكن أن نرى ذلك جليا في "إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام" حيث وضح كاتبه أن من أسباب قيام التنظيم بإعلان الدولة فقال: " حتى بدأت تطالعنا الأنباء بأخبار عن فدرالية تقام في المنطقة السنية يتزعمها "الحزب الإسلامي"، وتدار بنفس الطريقة المأجورة في تبعيتها للحكومة العميلة وانبطاحها للمشاريع الصليبية في المنطقة، مع مبادرات التخاذل والتقهقر من مجموعات مقاتلة تراهن على التفاوض والمباحثة مع الأمريكيين، أي أن التقسيم أصبح جاهزاً على موائد التآمر والاحتيال، وبات خطراً داهماً يهدد المنطقة السنية لإخضاعها للمشروع الصليبي، ومحاصرة المكاسب الجهادية في المنطقة وتقزيمها، وهذا ما لن يكون بعون الله"([20]).
ولنا أن نتصور بعد هذا العرض كيف سيكون موقع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في تصورات التنظيم، وبخاصة تنظيم ولاية سيناء، وهي المتهمة لديها بالتقارب مع دولة إيران "الرافضية"، وتلقى الدعم المادي منها، وفي نفس الوقت المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين، فلم يكن الإصدار المرئي لولاية سيناء، والذي صرح فيه بتكفير حركة "حماس" والإخوان المسلمين، وقتل أحد كوادره وهو "موسى أبو زماط" لتمريره أسلحه لحركة حماس شيء مستجد على فكر التنظيم، بل هي مسألة متواترة عنهم، لكن لم تعلن بهذه الطريقة نتيجة المصالح المشتركة بين الحركة والتنظيم في السابق، خاصة مسألة النقل عبر الأنفاق.
الأساس الفكري للتنظيم
احتفى التنظيم في بداية نشأته بمؤلفات أبو محمد المقدسي خاصة كتابه (ملة إبراهيم) والذي يدور حول قوله تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده}([21]). مركزًا على مسألة البراءة من الكافرين، مع وجوب إظهار الجماعة المؤمنة للعداوة والبغضاء لهم، وتكفيرهم وتسفيه افعالهم، وأن هذا الفعل هو من ملة إبراهيم عليه السلام التي أمرنا الله باتباعها.
يعتمد المقدسي في كتابه على أقوال عدد من أئمة الدعوة النجدية، كقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في الدرر السنية: (لا يُتصور أن -أحداً- يعرف التوحيد ويعمل به ولا يعادي المشركين ومن لم يعادهم لا يقال له عرف التوحيد وعمل به)([22])، وينقل عن الشيخ حمد بن عتيق قوله (وإظهار الدين: تكفيرهم وعيب دينهم والطعن عليهم والبراءة منهم والتحفظ من مودتهم والركون إليهم واعتزالهم، وليس فعل الصلوات فقط إظهاراً للدين)([23]). وقد ظهر الاهتمام بالكتاب منذ العدد الأول لمجلة دابق الناطقة باسم التنظيم.
والمتتبع لكتب المقدسي يرى بوضوح أنه ناقل أمين لأفكار وفتاوى أئمة الدعوة الوهابية النجديين، وكذلك يكثر نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية داخل الإطار المعرفي الوهابي، إن جاز التعبير.
كذلك تأثر التنظيم بكتاب "إدارة التوحش" لمؤلفه أبو بكر ناجي، والذي وضع منهجاً حركياً مفاده أن الأمة تمر بثلاث مراحل هي "جهاد النكاية"، أي إحداث عمليات الغرض منها النكاية في عدوها على المدى الطويل، وصولاً إلى مرحلة من التوحش أو الفوضى، وهي المرحلة الثانية والمسماة "التوحش"، وعلى الحركة الجهادية أن تحسن إدارة واستثمار هذه الفوضى أو "مرحلة التوحش"، وصولا إلى المرحلة الثالثة وهي "التمكين" أو قيام الدولة الإسلامية المنشودة.
كذلك ظهرت شخصيات قادت التصورات الفكرية كالشيخ تركي البنعلي أو أبو همام الأثري، صاحب المؤلفات العديدة، والمتقلد لمنصب الشرعي العام للتنظيم، والذي يمثل الجناح المعتدل داخل التنظيم، في مواجهة الجناح الأكثر تشدداً والمتمثل في اتباع الشيخ "أحمد الحازمي" السعودي الجنسية، والذي أثار مسألة "تكفير العاذر" والتي تعني تكفير من يعتمد مبدأ "العذر بالجهل" تجاه من ارتكب كفرا مخرجا من الملة من وجهة نظر التنظيم، وتكفير من لم يكفره، واطلاق التسلسل في التكفير لكل من لم يكفره، وهي سابقة جديدة في الحركة الجهادية، وسعت من مجال التكفير متعدية تكفير الأنظمة السياسية بمؤسساتها وأفرادها إلى تكفير الحركات الإسلامية، وكل من لم يتبع تنظيم داعش على خطه الفكري، واستحلال سبي النساء والذرية وأخذ الأموال، بحجة كفرهم.
تدور مسألة "تكفير العاذر" حول قاعدة (من لم يكفر الكافر فهو كافر مثله)، فالذي يعذر مرتكب الكفر بالجهل، هو في الحقيقة -بحسب الحازمي- لا يكفر الكافر، وبحسب القاعدة فهو كافر مثله، ومن لم يكفر هذا العاذر فهو كافر مثله، وهكذا يطلق التكفير بالتسلسل. حيث قرر الحازمي في شريطه "الكفر بالطاغوت وعلاقة تكفير المشركين به" قوله: "بل لن يثبت لك إسلام ولا توحيد إلا إذا اعتقدت كفر المشركين، وكفر من لم يكفر المشركين، لا بد من ذلك، وهذا التكفير عيني وليس بنوعي([24])، بمعنى أننا لا نحتاج إلى إقامة حجة على من توقف في كفر المشركين، لأن هذه المسائل واضحة ظاهرة بينة كالشمس، فلا نحتاج إلى إقامة حجة"([25]). مثبتاً حكم الكفر على من لم يكفر الكافر، ومن لم يكفر من لم يكفر الكافر، وهكذا في إطار تسلسلي، كفر عين لا كفر نوع، بغير حاجة لإقامة الحجة معتبرا هذه المسائل ظاهرة كالشمس لا تخفى على أحد حتى تحتاج لإقامة الحجة عليها.
:التكييف الفقهي السياسي للدولة لدي تنظيم الدولة الإسلامية
يرى اتباع التنظيم، أن قيام "الدولة الإسلامية" واجب من واجبات الإسلام، وفرض كفائي يأثم الجميع بتركه، يقول التميمي في كتابه (إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام) :"مشروع الدولة الإسلامية بصفته واجب من الواجبات الإسلامية المناطة بأعناق المسلمين، وفرض كفائي متعلق بالذمة حتى يؤدى في الواقع على الوجه المطلوب شرعاً"([26])، وأن الدولة القومية بشكلها الحديث لا شرعية لها، حيث يقول: " أيّ نظام لا يقوم على أساس الإسلام، فلا قيمة له ولا حرمة في الشرع، حتى لو كان يقبع على قِمة هَرَمِه أتقى الخلق وأعلمهم وأعدلهم، وليكن معلوماً أنّ هذا الواقع المُتَمثِّل بتحييد شرع الله تبارك وتعالى واستبداله بشرع غيره، أمرٌ لم تعهده الأمة من قبل، ولم يتصوره الأئمة في العصور السالفة، ولذلك لم يرد في كلامهم"([27]).
وبناءً على عدم شرعية النظم السياسية الحديثة، سيبني التنظيم أحكامه في التعامل معها، حيث يمكننا من خلال التحليل السريع لبعض أفكار أبو عبد الله المهاجر([28]) في كتابه مسائل من فقه الجهاد وضع تصور للعقيدة العسكرية لتنظيم ولاية سيناء.
حيث عرض المؤلف في كتابه لعشرين مسألة يمكن أن نبلور منها توجهات التنظيم وتصوراتهم، فالبلاد بحسب المهاجر هي إما دار (إسلام وإيمان) أو دار (كفر وحرب)، و" مناط الحكم هنا: هو نوع الأحكام الجارية في الدار، فمتى كانت هي احكام الإسلام؛ فالدار دار إسلام وإن كان أغلب سكانها من الكفار، ومتى كانت هي احكام الكفر فالدار دار كفر وحرب، وإن كان أغلب سكانها مسلمين"([29])، فالأنظمة السياسية، بحسب المهاجر، حولت الدول العربية إلى دار كفر وحرب، وإن كان أغلب سكانها من المسلمين، وينبني على ذلك وجوب الهجرة على المسلمين والتحول إلى أرض الإسلام، والتي هي في عرف التنظيم أراضي "تنظيم الدولة الإسلامية"، وحدها دون غيرها، ليتمايز المسلمون عن الكفار، كما يؤصل المهاجر لضرورة خلق حالة صراعية مستمرة "فلا يجوز إخلاء سنة عن جهاد إلا لضرورة بأن يكون بالمسلمين ضعف وفي العدو كثرة"([30])، كما يؤكد على علة القتال والحرب والتي هي (الكفر)، بمعنى أنه طالما وجد الخلاف العقائدي استمرت الحالة الصراعية، كما يؤكد على عدم التفرقة بين مدني وعسكري في الصراع، وأن هذه التسمية حادثة لا وجود لها في أحكام الفقه الإسلامي حسب قول المهاجر.
كما أسس لمشروعية الاغتيالات السياسية، وقطع الرؤوس، وجواز الانغماس في صفوف الأعداء، والعمليات الاستشهادية، وجواز قصد المرأة والطفل والشيخ بالقتل والقتال ما شاركوا في القتال بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أجاز رمي العدو بكل أنواع الأسلحة ابتداءً وإن أدى إلى قتل النساء والأطفال أو الشيوخ من المدنيين، يشمل ذلك الرمي بالمدافع والطائرات والصواريخ، كما أجاز التحريق والإغراق سواء للأفراد أو المنشآت أو المنتجات، فالقتل والقتال بكل وسيلة لتحقيق المقصود.
وأسس المهاجر لمشروعية أعمال التخريب في أراضي وأملاك العدو، وجواز إتلاف كل ما من شأنه أن يتقوى به العدو-بحسب قوله-، حيث يقول: "فيجوز لعباد الله المجاهدين أن يقوموا بإتلاف كل ما من شأنه أن يتقوى به أعداء الله الكفرة من طعام، وشراب، ومتاع، وسلاح، وعتاد، ومال"([31])، ومنع التمثيل بالأجساد إلا لو كان ذلك تعاملاً بالمثل وقصاصاً من الأعداء، كذلك قتل الجاسوس سواء الكافر أو المسلم.
وبالطبع هذه الأحكام ستطبق على كل من أطلق التنظيم الحكم بكفره من الأنظمة السياسية والمخالف العقدي كالشيعة، أو الحركات الإسلامية المخالفة للتنظيم.
الحالة المصرية
تطور الفكر الجهادي في مصر، وتشابك مع الفكر السلفي في اعقاب أحداث 1965م، حيث حدث التهجين بين المنهج السلفي، النظري، لأنصار السنة المحمدية، والذي يحمل داخله معالم المنهج الثوري الوهابي، الذي يتمحور حول إشكالية انتشار الشرك والجاهلية، والحل لهذا الواقع الذي يتمثل في الدعوة إلي العقيدة الصحيحة وقتال المشركين، والمنهج القطبي والذي تمحور بشكل مباشر حول مفهوم الحاكمية أو شرك الحكم، واستبعد في أطروحته التركيز على شرك القبور، وخط منهجاً حركياً للتعامل مع الواقع الجديد المتمثل في ما اعتبره جاهلية النظم السياسية الحاكمة بغير ما أنزل الله.
ظهر هذا المولود الجديد الذي جمع بين المنهج الوهابي السلفي والحركي القطبي بدأً من محمد عبد السلام فرج وكتابه الفريضة الغائبة، وانتهاءًا بعولمة هذا التيار فيما بات يعرف اليوم "بتيار السلفية الجهادية".
تنظيم أنصار بيت المقدس
ينتمي تنظيم "أنصار بيت المقدس" لهذا النوع من التنظيمات السلفية الجهادية، والذي تطورت قدراته حتى بات يمثل أقوى التنظيمات المسلحة في سيناء وأكثرها احترافية، سواء من حيث نوعية العمليات أو التوثيق الإعلامي، حيث شهدت الأعوام 2011-2014 صعود التنظيم، والذي برز اسمه سنة 2012 في اعقاب ثورة 25 يناير وارتبط بعمليات تفجير خط الغاز الطبيعي المصدر إلى إسرائيل ([32]).
ثم الأعوام 2014-2015 والتي شهدت ارتباط تنظيم "الأنصار" بتنظيم "داعش" الأم، وولادة ما بات يعرف بـ "ولاية سيناء" ودخول تنظيم الدولة على خط المواجهة ([33])، حيث أعلن التنظيم ولائه لتنظيم "الدولة الإسلامية" بزعامة أبوبكر البغدادي في نوفمبر / تشرين الثاني 2014([34])، مما غير من أيديولوجية التنظيم إلى منحى أخر أكثر راديكالية تأثراً بتوجهات تنظيم الدولة.
تنظيم ولاية سيناء
تتبع ولاية سيناء المنهج الفكري العام لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي سبق عرضه، كأحد أفرع التنظيم الأم، ولا يمكن للباحث رصد أي خصوصيات فكرية أو حركية "لولاية سيناء" بالمخالفة للتنظيم الأم، إلا رسالة تحت اسم (سر الأحجية المصرية)([35]) ، لكاتبه أبو مودود الهرماسي، والذي تأثر فيه بشدة بأطروحة "إدارة التوحش" لأبي بكر ناجي([36])، حيث قسم الهرماسي المجتمع المصري -بحسب زعمه- إلى: "مسلمين عوام" جهال "كالأنعام بل هم أضل يتبعون كل ناعق" ، وتيار إسلامي حزبي ضل طريقه بالدخول في الردة والديمقراطية، و"علمانيون" هم حقيقة من يحكمون مصر لصالح أطماعهم، وأسيادهم في الخارج ويمثلون قمة الهرم الخفية وجلهم ينتمون لوكالات المخابرات الداخلية والخارجية"، و"نصارى" يمثلون 7% اظهروا عدائهم للإسلام وشاركوا في قتل المسلمين، و"صوفية" يمثلون 10% ممولين من جهات خفية ومخترقين من الروافض، ثم "عسكر وشرطة وقضاء" هم السلطة التنفيذية الفعلية في مصر، واعدادهم تتجاوز 8 مليون، ويتمتعون بميزات خاصة عن باقي الشعب المصري ([37])- على حسب قوله-.
ينتقل الهرماسي بعد ذلك لزعمه بأن "وجود الفوضى والضعف الاقتصادي الرهيب والصراع الداخلي على السلطة" هي الطريق لتحقيق النصر لتنظيم الدولة على النظام المصري، ولتحقيق هذا يقترح الهرماسي على التنظيم عدة طرق منها إثارة الفوضى بين الجيش والشرطة والنصارى والبلطجية، وتأليبهم ضد بعضهم البعض، وإنهاك النظام باستهداف المفاصل الرئيسية للاقتصاد مثل "مباني البورصة والبنوك والكهرباء والغاز وبنزينات الوقود التي تخص الجيش والشرطة ابتداءً واستهداف مصافي التكرير وبواخر الإمدادات الخليجية، ونسف مقرات شركات الحراسة"، كذلك اقترح على التنظيم العمل على محاولة طرد كل الاستثمارات الأجنبية والعربية من مصر باستهداف الشركات والمؤسسات وحرق المصانع والشركات متعددة الجنسيات وخطف الأجانب العاملين، كذلك حرض الهرماسي على اغتيال من سماهم "أئمة الكفر" من القضاة والضباط والإعلاميين، وفضحهم على حد تعبيره، واشعال المناطق القبلية بأعمال القتل العنصري.
كذلك رأى الهرماسي أن الأهم هو استهداف النصارى جميعهم بلا استثناء، وكذلك حرض على استهداف الجامعات الأجنبية وقتل المعلمين فيها الذين أطلق عليهم لفظة "جواسيسها من المعلمين فيها الذين يدعون الإسلام وهم حقيقتهم من يهود الدونما أو مرتدين يتاجرون بتفسيق بنات وشباب الأمة. وكذلك وجه التنظيم لتسميم مواسير المياه المتوجهة إلى معسكرات الأمن المركزي والجيش.
وفيما سبق رسم كاتب (سر الأحجية المصرية) المنعوت بالهرماسي للتنظيم طريقة العمل، والواضح فيها نية تنظيم داعش للانتشار في الداخل المصري، وعدم الاكتفاء بالعمل في شبه جزيرة سيناء، والذي بدأ بحوادث التفجيرات التي تبناها التنظيم في دلتا النيل والصعيد، والذي يتضح من العرض السابق سهولة حدوثه بمجرد انتشار فكرة التنظيم وتبنيها في الداخل المصري، والتي قد يقوى من فرصة حدوثها نمو تنظيم "ولاية سيناء" في شبه جزيرة سيناء، كداعم محتمل لهذا النشاط الإرهابي، وأيضا يفسر تبني تنظيم الدولة للعديد من العمليات التي قد ينفي بعض المحللين صلة التنظيم بها، حيث تحل الرابطة الفكرية بديلا عن الرابطة التنظيمية والتي قد تأتي لاحقاً.
المبحث الثاني: الموقع الجغرافي للتنظيم وهيكليته
أولاً: الموقع الجغرافي للتنظيم (الحدود الجغرافية لولاية سيناء):
لما كان طريق الخطر الخارجي البري إلى مصر هو الشام أساساً، وكانت سيناء تحتل النقطة الحرجة بين ضلعي الشام ومصر الذين يكونان وحدة استراتيجية واحدة، فقد أصبحت سيناء طريق الحرب بالدرجة الأولى، إنها معبر أرضي وجسر استراتيجي موطأ، عبرت عليه الجيوش منذ فجر التاريخ عشرات وربما مئات المرات جيئة وذهاباً، فلسيناء أطول سجل عسكري معروف في التاريخ تقريبا، ومن هنا فإن سيناء أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق([38]).
يتركز وجود التنظيم في المنطقة الشمالية الشرقية لسيناء([39])، والتي تمثل الجزء الشمالي من خط الدفاع الأول لمصر([40])، حيث يتركز التنظيم في مناطق رفح وبير العبد والشيخ زويد والعريش، فبعبور منطقة "الريسة" شرق العريش، ينتهي الوجود التنظيمي الإخواني، إذ تختلف التركيبة السكانية الحضرية وتبدأ الطبيعة البدوية، ولذلك بدأت السلفية بدرجاتها المختلفة في ملئ الفراغ الفكري في المنطقة الحدودية بأسرها، مع ميل متزايد إلى الأفكار الأكثر تشدداً كلما اتجهنا شرقاً ، حيث لا يلبث نفوذ انصار "حزب النور" ودعوة أهل السنة والجماعة تخفت في مقابل النفوذ الفكري للجهاديين والتكفيريين، مع إدراك أن الخطوط الفاصلة بين التيارات السلفية ليست استاتيكية جامدة، بل نشطة ومتغيرة ومتأثرة بالتطورات، لاسيما التي مرت بها مصر منذ 30 حزيران/ يونيو 2013([41]).
وبالنظر إلى طبيعة المنطقة الشمالية نجدها تضم المساحات الساحلية في شمال سيناء، ومنطقة الكثبان التي تمتد إلى جنوبها حتى تعترضها الكتل الجبلية في "يلج ومغارة والحلال"، وهي منطقة تتمتع بمطر لا بأس به، وخاصة المناطق المحيطة "برفح" والتي هي أكثر جهات سيناء مطراً، وتحتفظ الكثبان بكثير من الماء الذي يصيبها في فصل الأمطار، وهي أغنى نسبياً في نباتها، إذ يتوفر المرعى والعشب في معظم جهاتها، كما نصادف ما يشبه الواحات في المناطق المنخفضة بين الكثبان، وهي مراكز غنية بالنخيل، وتنتج أحسن ما تشتهر به سيناء من أنواع البلح([42]).
وفرت الطبيعة هذه للتنظيمات المسلحة بيئة جيدة للاختباء والإقامة والتحرك بما فيها من الجبال والدروب الصحراوية والواحات، فمع بداية العمليات العسكرية قبل عامين، كان المناصرون والمؤيدون للتنظيمات المسلحة، لا يبيتون في منازلهم، ويتنقلون بين عدد من الأقارب أو الجبال والدروب في الصحراء، في مناطق لا يمكن لعناصر الجيش الوصول إليها، حيث تتواجد أماكن لتجمّع المسلحين غير معروفة في مناطق صحراوية وبين الجبال، وتلك المناطق كفيلة بإخفاء سيارات الدفع الرباعي التي يعتمد عليها عناصر التنظيم في عملياتهم. حيث يوضح الخبير العسكري اللواء طلعت مسلم أن الأزمة هي في اختباء العناصر المسلحة في مناطق صحراوية وعرة خلال العمليات العسكرية، وهو ما يستدعي تعاملاً مختلفاً ([43]).
ثانياً: هيكل التنظيم وموارده البشرية:
يتخذ هيكل التنظيم الشكل الهيراركي المعتاد، حيث يتكون من أمير المجموعات، ثم أمراء المناطق والمجموعات، ومسئولي العمل الميداني، وقد نقلت "بوابة الحركات الإسلامية" عن اعترافات بعض أعضاء التنظيم في التحقيقات، من أن هيكل جماعة "ولاية سيناء" يقع على رأسه "الوالي" الذي هو قائد التنظيم، ويليه مسؤول نقل التكليفات، ومسؤول الأمن، والمسؤول العسكري، والمسؤول الميداني، والمسؤول الإعلامي، ومسؤول تصنيع العبوات المتفجرة، ومسؤول الاستشهاديين، ومسؤول المهاجرين، والمسؤول الشرعي، وأوضح متهمون أن الجماعة قسمت سيناء إلى مناطق، لكل منها مسؤول، وكل منطقة مقسمة إلى مجموعات ويتولى كل مجموعة منها مسؤول، مزودة بسيارة نقل مموهة المعالم ومسلحة([44]).
وعلى صعيد الموارد البشرية للتنظيم فلا يمكن تحديدها على وجه الدقة، ويشير الخبير الأمني العميد محمود قطري، إن أزمة القوات في سيناء هي عدم وجود معلومات دقيقة حول أعداد المسلحين وأماكن تواجدهم وتمركزهم([45])، إلا أنه يمكننا رصد عدة جهات:
1.افراد ينتمون إلى قبائل سيناء:
نتيجة لإهمال الدولة لشبه جزيرة سيناء على مدى عقود وانخفاض نسبة التعليم والخدمات والتي شكلت بيئة لنمو الاحتجاجات ضد سياسات النظام المصري، ثم سياسات التضييق الأمني والاعتقال العشوائي، خاصة بعد تفجيرات طابا سنة 2004م، مما عمق الإحساس لدى الشعب السيناوي بالمظلومية تجاه النظام، حيث يصف الشيخ إبراهيم المنيعي -رئيس اتحاد قبائل سيناء- لشبكة الجزيرة، ما يحدث في سيناء بأنه حرب إبادة للشعب السيناوي من شماله إلى جنوبه، وأنه عار في جبين الحكومة المصرية، مضيفاً أن الجيش قام بتدمير 50 بيت، و30 سيارة وعدد كبير من الإبل والمواشي ([46])، كما وجه رسالة لرئيس الجمهورية مطالباً بتوقيف استعمال القوة، وتجريب السياسة والمصالحة مع البدو، فالوضع الحالي ينذر بحرب شرسة بين القبائل، فبحسب قوله يجب على النظام اعتبار السيناويين مواطنين من الدرجة الأولى، والدخول معهم في مصالحة حقيقية وخاصة القبائل، ووجود تنمية حقيقية في سيناء، والإفراج عن المعتقلين الذين لم يثبت ضدهم شيء، والذين بلغت أعدادهم بين 7000 إلى 10000 معتقل مر عليهم سنوات من دون محاكمة([47])، والتعويض عن الأضرار التي حدثت في الحرب([48])، كما يؤكد الناشط السياسي العرايشي أشرف الحنفي على الظلم الشديد والاعتقالات العشوائية، والاحكام الغيابية، في حين أن نسبة البطالة 35-40%، وكذلك أكد "سالم لافي"، لشبكة الجزيرة، على تلفيق التهم والاعتقال العشوائي، ويشكو "عود اللومي" -احد المتعاونين السابقين مع جهاز المخابرات الحربية- من اعتقال أولاده، والاحكام الجائرة ضدهم، مما يؤكد إحساس نسبة لا يستهان بها من السيناويين بالمظلومية، مما جعل الشيخ إبراهيم المنيعي يحذر من ظهور المليشيات والفصائل، ويؤكد على أن حفظ الأمن مسؤولية الحكومة المصرية.
ويفيد بعض المحليين، لشبكة الجزيرة، أن الشباب ينضم لجماعة "الأنصار" نتيجة للقتل والاعتقال في الكتيبة 101 والتفتيش المهين في الكمائن([49]).
أما عن نسب توزيع المسلحين بين القبائل، فإنه لا يوجد إحصاء دقيق به، نظراً للطبيعة السرية للتنظيم، إلا أنه وبحسب التايمز الإسرائيلية، فإن قبيلة السواركة تشكل المصدر الرئيسي للقوى البشرية لتنظيم "ولاية سيناء"، إلى جانب الرميلات والبريكات([50])، ولكن مما يقلل من أهمية هذا القول اعلان قبيلة السواركة مؤخراً استعدادها للدخول في الحرب ضد التنظيم([51]).
2. العائدون من غزة:
بدأ نشاط الجماعات المسلحة المتمردة على سلطة الدولة في سيناء لأول مرة عام 2004؛ حيث نفَّذ تنظيم "التوحيد والجهاد" ثلاث عمليات في ثلاث سنوات متتالية، حتى قُتل مؤسس التنظيم خالد مساعد في مواجهات مع قوات الشرطة بالقرب من مدينة الشيخ زويد في أغسطس/آب 2005، برفقة اثنين من قادة التنظيم، فتشظَّى من بقي من أفراده خارج المعتقلات، ولجأ بعضهم إلى قطاع غزة عبر الأنفاق.
وفي غزة انضموا إلى أقرانهم من السلفية الجهادية، ثم بدأت عودة الهاربين من غزة في خريف عام 2009 بالتزامن مع انتعاشة الأنفاق غير المسبوقة، فعادوا مخضرمين ومحمَّلين بخبرات قتالية وأمنية متقدمة اكتسبوها أثناء حرب غزة (2008-2009)، ومن هنا بدأ تكوين النواة الأولى لتنظيم "مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس" ذي الأصل الغزَّاوي، بالتوازي مع نشأة الخلايا الأولى لجماعة "أنصار بيت المقدس" ذات الأغلبية السيناوية من بقايا تنظيم "التوحيد والجهاد" بدأ "أنصار بيت المقدس" أولى عملياتهم في صيف 2010 باستهداف خط أنابيب الغاز الطبيعي المصدر إلى الأردن وإسرائيل([52]).
ومع وحدة الفكر بين الافراد المنتمين للسلفية الجهادية، قطعاً سيتم الخلط بين الجماعتين، يؤكد هذا الرأي ما ذكرته "بوابة الحركات الإسلامية" في تحليلها، أن هناك خلط تام بين تنظيم "الأنصار" و"الأكناف"،حيث تقول: إن " التنظيم مر بثلاث مراحل، الأولى بدأت في قطاع غزة، عندما أسسه "هشام السعدني"، والذي انتقل إلى الأردن ليعود إلى سيناء في 2008، وارتبط بالجماعات الجهادية الموجودة بها، وأقنعها بالانضمام تحت لوائه، ثم سافر إلى غزة، حيث أسس فيها جماعة أنصار بيت المقدس، وكانت عناصرها من الأردن ومصر وفلسطين، ومع عودة السعدني بدأت المرحلة الثانية في حياة التنظيم، حيث أنشأ السعدني مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس، كما استطاع جمع عدة جماعات تكفيرية صغيرة مشتتة في أرجاء سيناء هنا وهناك، وهي المرحلة الثانية لتنظيم أنصار بيت المقدس، وظل قائماً حتى فبراير 2013، ثم حدث التحول الثالث في مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس، وتحول إلى تنظيم أنصار بيت المقدس"([53]).
كما يشير تقرير معهد جولد ستون "إلى أنَّ عددًا متزايدًا من أعضاء كتائب 'عزِّالدين القسَّام' قد فرُّوا من قطاع غزة بهدف الانضمام إلى تنظيم 'داعش' في سيناء وسوريا والعراق - وهو تطوُّر لا يزال يُقلق القيادة السياسية في حركة 'حماس'. في حين ينضمُّ غير القادرين على الفرار من قطاع غزة إلى الجماعات الجهادية الأخرى التي تعمل داخل القطاع"([54]).
كما "زعمت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية، إن عدداً محدوداً من شباب قطاع غزة يتسللون من خلال الأنفاق الحدودية المتبقية التي تربط بين القطاع وسيناء، من أجل الانضمام لصفوف تنظيم "ولاية سيناء" الذي أعلن بيعته لتنظيم "داعش"، وذلك بحسب مصادر داخل القطاع للصحيفة.
وقالت مصادر للصحيفة إن بعض الفلسطينيين الذين ينتقلون لسيناء للانضمام لـ "ولاية سيناء" حاربوا إسرائيل سابقاً، وادعت المصادر أنهم أعضاء في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أو في أي جماعة سلفية جهادية في القطاع، موضحةً أن هؤلاء الشباب يدخلون سيناء بأعداد صغيرة، ولكنهم يصبحون تدريجياً عدداً كبيراً وسط المنضمين للتنظيم، غير أن مصادر الصحيفة لم تعط عدداً محدداً للذين عبروا الحدود.
وتابعت الصحيفة قائلة إن اثنين من أبرز الأسماء الذين عبروا الحدود هم محمود زعارة، ومحمد شاهين، اللذان لعبا دورا هاما في الاشتباكات التي وقعت مع القوات الإسرائيلية، وهما ضمن الذين يتولون مهام تدريب عناصر "ولاية سيناء" في سيناء"([55])، كما ادعت تايمز أوف إسرائيل عن مصادر فلسطينية في فبراير 2017 "أن مقاتلين في وحدة الكوماندو البحرية التابعة لحركة حماس انشقوا عن الحركة المسيطرة على قطاع غزة قبل نحو عام للانضمام إلى ولاية سيناء – فرع تنظيم (داعش) في شبه جزيرة سيناء([56]).
3.افراد من دول عربية أو المحافظات المصرية الأخرى:
نقلت جريدة المصري اليوم عن أحد المصادر الأمنية : " رصد عشرات من التكفيريين من مختلف المحافظات يصلون إلى سيناء([57])، كذلك أفاد مصدر أمني لجريدة الأهرام المسائي بأنهم يزيدون علي1600 شخص ومن دول عربية مجاورة، ومن مختلف محافظات مصر، وتم تحديدهم بالأسماء ولكن يصعب الافصاح عنهم، واضاف أن هذه المجموعات تنتمي الي نمط ديني تكفيري، وقد بدأت عملها منذ سنوات ويتزعمهم شخص فلسطيني الجنسية من جيش يطلق عليه جيش جلجلة وتم تدريبهم بمناطق مختلفة بسيناء([58]).
كما قال اللواء خالد مطاوع -الخبير الأمني والاستراتيجي- "إن كثيراً من العناصر التي هربت من السجون المصرية خلال ثورة 25 يناير2011 اتجهت إلى سيناء؛ لإحياء ما يسمي الجهاد، وإقامة إمارة اسلامية في شمال سيناء، بالإضافة الي عناصر اجنبية قادمة من قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية، او التابعة لتنظيم القاعدة، بروافده التي أتت من اليمن وسوريا ومالي، بالإضافة إلى عناصر اخري كانت متمركزة في أوروبا وجاءت إلى مصر خلال حكم الإخوان علي أساس أن الساحة أصبحت آمنة ومفتوحة لتكوين بؤرة جهادية في منطقة سيناء"([59]).
كما يدعم هذا ما يؤكده الباحث إسماعيل الاسكندراني من أن هناك دعم من داعش الأم لولاية سيناء على المستوى اللوجيستي والمادي والبشري([60])، وكذلك ما كشفه اتحاد «قبائل سيناء»، من أنه أوقف 10 من مسلحي «ولاية سيناء» بينهم أجنبي([61]).
4.ضباط وعاملين سابقين في الجيش المصري:
يشير الاسكندراني إلى أن التقارير الصحفية تناقلت بعد عملية دمياط البحرية عن انخراط ضباط جيش، سابقين وعاملين، في صفوف مَنْ أصبحوا "ولاية سيناء" التابعة لداعش. وهو تطور خطير لم يصدر عن السلطات أي نفي له، وتؤكده تحليلات الخبراء الذين يرون في أدائهم جمعاً بين خبرات القوات النظامية جنباً إلى جنب مع تكتيكات حروب العصابات والميليشيات ([62]).
ويفيد الاسكندراني أن قائد عمليات داعش في وادي النيل هو ضابط الصاعقة المفصول: هشام عشماوي، الذي يفيد بأنه سافر إلى سوريا وليبيا وعاد إلى مصر، وصار القائد الميداني لتنظيم "أنصار بيت المقدس"([63])، ويؤكد الباحث أحمد مولانا أنه "في مارس ٢٠١٤ تولى "هشام عشماوي" مسؤولية خلايا جماعة أنصار بيت المقدس بالوادي (أي خارج سيناء) عقب مقتل المسؤول السابق "محمد الطوخي" في القاهرة على يد قوات الأمن، وإثر ذلك تحول عشماوي بخلايا الجماعة التابعة له من العمل الأمني بالمدن إلى العمل العسكري تجنبا لتساقط المزيد من عناصر الجماعة في قبضة قوات الأمن بالمدن"([64]).
المبحث الثالث: الموارد الاقتصادية للتنظيم
يوضح اللواء عبد الرافع درويش – الخبير العسكري واللواء السابق بالجيش المصري - أن تنظيم "أنصار بيت المقدس" له تسليح وتدريب على أعلى مستوى، وتتدفق عليه الأموال بكثرة، وليس خلايا مسلحة صغيرة، وإنما أشبه بالجيش النظامي، ويؤكد إسماعيل الاسكندراني أنه تنظيم احترافي كبير، يجمع بين تكتيكات القوات الخاصة وحروب العصابات ([65]).
فمن جهة التسليح والدعم والتمويل المادي للتنظيم، فلا يمكن تحديدها على وجه الدقة، نظراً لطبيعته، ولكن يمكن للباحث محاولة تتبع بعض الجهات المفترضة، مثل:
1. الدعم من التنظيم الأم:
يرى الاسكندراني أن هناك دعم من التنظيم الأم "داعش" لولاية سيناء على المستوى اللوجيستي والمادي والبشري، ويؤكد "ذاك جولد" -الباحث في شؤون الجماعات الجهادية- على وجود علاقات بين "ولاية سيناء" والجماعات المسلحة في سوريا والعراق، لكن على الغالب على مستوى التدريب([66]).
وقد كانت جريدة المصري اليوم قد نقلت عن الشيخ حسن خلف الذى يُلقب بـ«شيخ مجاهدى سيناء»: "إلى أن وصول عناصر أجنبية تولت تدريب التنظيم المسلح بعد ثورة يناير فى مناطق نائية بوسط سيناء، جنوبى قرى الشريط الحدودي، وأكد فى الوقت نفسه أن الأسلحة المتطورة التى وصلت عناصر التنظيم المسلح جاءت من الصحراء الغربية لمصر، بعد تهريبها من ليبيا فى أعقاب انهيار قوات العقيد معمر القذافى منتصف عام 2011.
كما أكد للجريدة أحد المحليين أن "دفعات متعاقبة من الأسلحة المتطورة والصواريخ التى ظهرت فى أيدى عناصر تنظيم ولاية سيناء لاحقًا، بدأت فى الوصول إلى المنطقة الحدودية نهايات عام 2011 قادمة من ليبيا، عبر جماعات إسلامية ليبية انتقل بعض عناصرها- من جنسيات مختلفة- إلى سيناء، ثم إلى ما وصفه بـ«معسكرات التدريب» فى منطقة وسط سيناء.
فيما صرح "العقيد أحمد المسمارى، المتحدث الرسمى للجيش الليبى، الذى قال فى مقابلة مُسجلة إن تهريب الأسلحة من ليبيا بدأ فى أوقات مبكرة جداً من الثورة الليبية، على يد من وصفهم بـ«المنظمات الإرهابية»، مشيراً إلى تعاونهم مع عناصر إرهابية من داخل وخارج ليبيا للاستيلاء على مخزون أسلحة قوات القذافى.
واتهم متحدث الجيش الليبي تنظيمات إرهابية دولية واستخبارات دول أجنبية، كانت تعرف أماكن تخزين الأسلحة قبل انفلات الأوضاع، بالمسؤولية عن نهب وتهريب ترسانة الجيش الليبى، خاصة الأسلحة التى تشكل فارقاً فى الميدان - على حد قوله - مثل صواريخ الكورنيت وسام 7، مؤكداً أنها خرجت من ليبيا منذ بدايات الصراع المسلح وانتقلت عبر الحدود".
كما "وأضاف قيادى سابق باللجنة الأمنية العليا أن العناصر المُدّربة التى كانت قادرة على تصنيف هذه الأسلحة الحديثة واستخدامها كانت إما مجموعات إسلامية متشددة تلقت تدريبات عسكرية، حددهم بعناصر جماعة «أنصار الشريعة»، أو عسكريين سابقين انضموا للثوار، مثل اللواء عبدالفتاح يونس، الذى تولى تدريب كتائب الثورة وأشرف على تشكيل وقيادة اللجنة الأمنية العليا التى كان مصدرنا أحد قياداتها"([67]).
وتنظيم "أنصار الشريعة" الليبي هو نواه "داعش" الليبية، حيث أفادت جريدة العربي أن تقارير إخبارية ومواقع جهادية تابعة لتنظيم "أنصار الشريعة" في ليبيا، رصدت بيعة رئيس التنظيم أبو عبدالله الليبي، لزعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي على الخلافة، فيما قالت قناة ليبيا، إن أبو عبد الله الليبي، الذي وصفته بـ "مفتي" أنصار الشريعة في ليبيا أعلن في تسجيل صوتي له نُشر عبر المواقع الجهادية بيعة الجماعة لداعش. وذكرت القناة أن أبو عبدالله الليبي هو المسؤول الشرعي للتنظيم وقاضي ما يسمى "المحكمة الإسلامية" لأنصار الشريعة([68]). ما يؤكد دعم التنظيم الأم "داعش" لفرعه السيناوي عن طريق فروع التنظيم المحيطة كما في فرع داعش الليبي.
2.الدعم من الجماعات الجهادية بقطاع غزة:
ترجح تحليل بوابة الحركات الإسلامية أن "السر وراء بقاء التنظيم شوكة في الظهر المصري حتى الآن رغم الحصار الأمني في سيناء، هو القدرة التنظيمية الكبيرة وسرية العمل، فضلاً عن تدفق الأسلحة والتمويل القادم إليهم من قطاع غزة، كما أنهم مدربون بشكل عالي الكفاءة وهو ما ساعدهم على البقاء لفترة أطول، وجميعها عناصر تجعل قوة هذه الجماعة مؤثرة في الوضع الأمني.
وأضحى لجماعة أنصار بيت المقدس قوة تأثيرية أتت من قدرتها التنظيمية والتدريبات المكثفة التي تتوفر لها في غزة، كما أصبح من الصعب اختراق بنيتها، في ظل وجود دعم دائم وإمداد لوجستي، وتسليحي وبشري، قادمًا إليها عبر أنفاق غزة" ([69])، ولكن يرى خالد أبو طعمة "إنَّ حركة "حماس" سمحت للإرهابيين المطلوبين من السلطات المصرية بتلقي العلاج في مستشفى في قطاع غزة مقابل أسلحة قدَّمها تنظيم "داعش" في سيناء إلى "حماس"([70]).
3.التجارة عبر الأنفاق:
يفيد الاسكندراني بأن المحليين من أبناء سيناء يؤكدون أن مجموعات الجهاديين صغيرة الأعداد، وأن نسبةً لا يستهان بها منهم هم من المرتزقة الذين يتحركون تبعاً لحركة الأموال من دون أي اكتراث بخطاب أيديولوجي أو ممارسات التدين، بل إن عدداً من قادتهم معروفون بتورطهم في الاتجار بالبشر وتعذيب ضحاياهم من الأفارقة بخلاف ضلوعهم في أعمال التهريب وتكوين ثروات من ورائه([71])، مما يرجح أن التجارة عبر الأنفاقستمثل جزءاً عاماً من موارد التنظيم، وخاصة مع سيطرة التنظيمات الجهادية عليها من الجانب السيناوي. ويمكن أن يفسر ذلك ادعاء "السلطات المصرية والفلسطينية، بشأن التعاون القائم بين حركة "حماس" والجماعات الموالية لتنظيم "داعش" في سيناء"([72])، وذلك من خلال النقل عبر الأنفاق، ثم قدرة التنظيم على إغلاق الأنفاق الحدودية أمام نقل أية بضائع للحركة في قطاع غزة المحاصر، بعد تقارب "حركة حماس" مع النظام المصري في مطلع ديسمبر الماضي([73])، حيث أفادت مصادر محلية في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، لفلسطين نت : أن تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش، أجبر التجار في مدينة رفح المصرية على وقف تهريب البضائع إلى قطاع غزة([74]).
ويؤكد الباحث عيران زوهار "أن عمليات تهريب الأسلحة من سيناء إلى قطاع غزة قد نشطت نتيجة لارباحها العالية، مع عدم وجود مصادر بديلة للدخل، إلى جانب التقارب الفكري بين الجماعات الراديكالية في سيناء وقطاع غزة.
وكذلك يرى زوهار أنه زيادة الطلب على الصواريخ في قطاع غزة، قام المهربون المصريون في سيناء بإنشاء بنية تحتية لإنتاج هذه الأسلحة، ونتيجة سهولة عمليات تدفق الأسلحة من السودان إلى مصر وغزة، نشطت الجماعات الجهادية المتطرفة التابعة لتنظيم القاعدة والجهاد العالمي في مصر، وأصبحت مصدرًا لإزعاج السلطات المصرية([75]).
- المبحث الرابع: أنماط التفاعلات الخارجية للولاية
يمكن رصد العديد من أنماط التفاعل بين تنظيم "ولاية سيناء" وغيره من الدول والتنظيمات، أذكر منها:
1.النظام المصري:
العلاقة بين التنظيم والنظام المصري بقيادة الرئيس مرسي أو السيسي، هي علاقة سلبية عدائية باختلاف درجاتها، قائمة على الصراع الدائم، فيما يبدو كموقف عام للتنظيم، وذلك بطبيعة الحال حيث يمثل التنظيم جماعة مسلحة خارجة على النظام في الأساس، ولا يلغي هذا احتمالية وجود مصالح مشتركة في بعض الأوقات، أو بعض التفاعلات التعاونية بين التنظيم والدولة المصرية، مثل خنق حركة النقل عبر الانفاق بين سيناء والقطاع، أو إظهار حركة حماس بمظهر الخيانة للقضية الفلسطينية، في الوقت الذي يعد فيه النظام المصري لإتمام ما بات يعرف "بصفقة القرن"، أو إظهار انضمام بعض الأعضاء السابقين في جماعة الإخوان المسلمين لصفوفه، بل وارسالهم للقيام بعمليات مسلحة بالدلتا مثل حالة الشاب "عمر الديب"، مما يشرعن للنظام استهداف أعضاء الجماعة، والمضي قدما في التنكيل بهم، بحجة تعاون أفراد الجماعة مع التنظيم.
قام النظام المصري بتنفيذ عدد من العمليات العسكرية ضد التنظيم مثل العملية نسر1 في أغسطس 2011، ونسر 2 في اغسطس 2012، وعملية حق الشهيد في سبتمبر 2015، وأخيراً العملية (سيناء 2018) والتي لم تنتهي بعد حين كتابة هذا البحث.
2.دولة إسرائيل:
كما هو معلوم فقد نشأ تنظيم "أنصار بيت المقدس" موجها سلاحه نحو إسرائيل، وذلك قبل توجيهه إلى القاهرة أعقاب الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي، وعلى ذلك سيكون التفاعل بين التنظيم والدولة الإسرائيلية علاقة عدائية في الأساس.
فقد بدأ التنظيم عملياته بعد ثورة 25 يناير 2011، بتفجير خط الغاز الموصل لإسرائيل، حتى وصل عدد تفجيراته إلى 30 مرة ناجحة ([76])، ثم تبعها إعلان "أنصار بيت المقدس"، في إصدارات مرئية، عن عدد من العمليات التي استهدفت المصالح الإسرائيلية، مثل «غزوة التأديب لمن تطاول على النبي الحبيب»، و«سبيل الرحمن وسبيل الشيطان»، فضلا عن إطلاق صاروخين جراد على مدينة أم الرشراش "إيلات"، وفي 2 فبراير 2014 أعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس" مسؤوليتها عن إطلاق صاروخ على مدينة إيلات، جنوب إسرائيل، كذلك فقد تبنت جماعة "ولاية سيناء" إطلاق صواريخ من سيناء صوب مدينة إيلات في إسرائيل في مطلع فبراير 2017 ([77]).
وكتب أفخياي أدرعي، الناطق باسم الجيش الاسرائيلي، على حسابه الرسمي على موقع تويتر أن ثلاثة صواريخ أطلقت باتجاه مدينة إيلات من الأراضي المصرية دون وقوع إصابات أو أضرار، وأضاف أن منظومة القبة الحديدية قامت باعتراض الصواريخ بنجاح، وذكر بيان منسوب لولاية سيناء على تويتر أن صواريخ غراد استهدفت "تجمعات اليهود الغاصبين في مدينة أم الرشراش" في إشارة إلى إيلات، وقال بيان الجماعة المتشددة "وليعلم اليهود والصليبيون بأن الحرب بالوكالة لن تغني عنهم شيئاً ([78]).
كذلك كشف مسؤول أمني إسرائيلي سابق، في وقت سابق من العام 2016، النقاب عن أن طائرات إسرائيلية بدون طيار تشن هجمات ضد أهداف لتنظيم "ولاية سيناء" بناء على تفاهم مسبق مع الجيش المصري، ونقل موقع صحيفة "معاريف" عن المسؤول الأمني الإسرائيلي قوله إن القيادة المصرية "أبدت ارتياحها للنتائج التي أسفرت عنها الغارات التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية بدون طيار".
وأشار المسؤول الإسرائيلي السابق إلى أن الهجمات الإسرائيلية تواصلت على مدى السنوات الثلاث الماضية وجاءت بعد إدراك الجانبين المصري والإسرائيلي "ضرورة التنسيق والتعاون في شن حرب لا هوادة فيها على تنظيم ولاية سيناء بسبب تهديداته الجدية على كل من مصر وإسرائيل"([79]).
3.الجمهورية الإيرانية:
وكانت مجلة "إسرائيل ديفينس"، ذكرت في تقرير لها في أغسطس 2016، أن "أسلحة إيرانية الصنع ظهرت بحوزة مقاتلي تنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم "داعش" الإرهابي، خلال تدربهم على القنص في أحد المعسكرات بمحافظة سيناء، وأن إيران تزود مقاتلي التنظيم الإرهابي بأسلحة متعددة خاصة سلاح القنص من طراز "AM-50".
وقد صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الايرانية، إن تلك المزاعم حول بيع بلاده أسلحة "لداعش" في صحراء سيناء "مثيرة للسخرية وكاذبة"([80])، ونفي مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر، ما يتردد في الأوساط المصرية حول تزويد طهران للإرهابيين في سيناء بالسلاح ([81]).
4.حركة المقاومة الاسلامية "حماس":
يرى إهود يعاري أن "التعاون المستمر مع تنظيم «الدولة الإسلامية» في سيناء موضع جدل إلى حد كبير على أعلى المستويات في حركة «حماس»، لأن العديد من القادة قلقون من أن ذلك سيؤدي إلى إلحاق الضرر بعلاقة الحركة بحكومة الرئيس السيسي المتوترة أصلاً. لذا، يبدو أن "مجلس شورى" الحركة و "المكتب السياسي" التابع لها قد امتنعا عن اتخاذ قرار بشأن التعاون مع تنظيم «الدولة الإسلامية» في سيناء. وبدلاً من ذلك، يُقال إن هذا التعاون يتم تحت إدارة عدد قليل من القادة رفيعي المستوى في «كتائب عز الدين القسام» كمبادرة شبه مستقلة"([82]).
وتُعد العلاقات الاقتصادية العامل الرئيسي في العلاقة بين حركة حماس وولاية سيناء، فالتنظيم يسيطر على منطقة حيوية بالنسبة لحركة "حماس" التي تمسك بزمام الحكم في قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007.
وبحسب بينيديتا برتي -الباحثة بمعهد كارنيجي- " تقيم كتائب القسام، منذ وقت طويل، علاقات اقتصادية ذات منفعة متبادلة مع شادي المنيعي، أحد قياديي تنظيم ولاية سيناء، ومقاتلين مصريين آخرين في شبه جزيرة سيناء. كانت هذه العلاقة منطقية عندما كان المنيعي يعمل في التهريب، وعندما ساعد على تأسيس جماعة أنصار بيت المقدس الجهادية التي تتخذ من سيناء مقراً لها والتي انبثقت عن النزعة القتالية المتشدّدة في غزة. واستمرت الروابط والاتصالات الاقتصادية، ذات المنفعة المتبادلة أيضاً، عندما انضم تنظيم المنيعي إلى صفوف داعش في تشرين الثاني/نوفمبر 2014"([83]).
ولا يخفى الخلاف والعداء بين حركة حماس وتنظيمات السلفية الجهادية في غزة، والتي بدأت بأحداث مسجد ابن تيمية في غزة 2010، فبحسب يعاري فإنه "بالنسبة إلى "حماس"، يهدف هذا التعاون إلى تخفيف الضغط الذي تسببه التدابير العسكرية المصرية المتشددة لعزل غزة عن سيناء. وعلى الرغم من الخلاف الأيديولوجي العميق تنظر «حماس» إلى تنظيم «داعش» في سيناء كشريك لها في منع القاهرة من إحكام قبضتها على شبه الجزيرة.
ومن جهته، لم يقدم تنظيم «داعش» في سيناء التأييد الشعبي لهذه الجماعات، بما في ذلك "سرية الشيخ عمر حديد"، التي تطلق بين الحين والآخر الصواريخ ضد إسرائيل. وبينما ندد زعماء تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق بحركة «حماس» علناً، امتنع زعماء التنظيم في سيناء عن ترديد هذه التصريحات"([84]).
ولكن منذ ديسمبر 2016 تشهد العلاقات بين النظام المصري وحركة "حماس" تقاربا ملحوظا، يؤسس بحسب خبراء فلسطينيين، لفتح "صفحة جديدة" من العلاقات الثنائية، تفرضها لغة "المصالح المشتركة".
فبحسب جريدة القدس العربي، هؤلاء الخبراء، اعتبروا أن مصر معنية بتحقيق فوائد اقتصادية، عبر تصدير بضائع إلى غزة، وسياسية بالحفاظ على وضعها كراع رئيس للملف الفلسطيني، وأمنية عبر ضبط الحدود، مقابل سعي "حماس″ إلى تحسين الوضع المعيشي في القطاع المحاصر، لاسيما في ظل تراجع مواردها المالية، إثر إغلاق وتدمير السلطات المصرية للأنفاق الحدودية.
وقد صرح المتحدث باسم "حماس″، حازم قاسم، بأن عضو المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق وصل القاهرة وعقد لقاء إيجابيا مع مسؤولين مصريين، وأفاد بأن "تلك الزيارة جاءت ضمن لقاءات مستمرة مع الجانب المصري، تحرص عليها حماس وتسعى إلى تطويرها"
وإضافة إلى اللقاءات الثنائية، شهد معبر رفح البري، الواصل بين غزة ومصر، تحسنا في فترات عمله في الربع الأخير من العام الماضي، حيث فتحته السلطات المصرية مرات عدة، على فترات متقاربة، بعد أن كانت تغلقه بشكل شبه كامل منذ يوليو/ تموز 2013([85]).
وقد وصف اليكس فيشمان المحرر العسكري في صحيفة يديعوت احرنوت العبرية، التقارب ما بين نظام الرئيس السيسي وحركة حماس في قطاع غزة والتفاهمات التي تم التوصل إليها بين الجانبين، بـ "التطور الدراماتيكي"، وذلك في ظل المحاولات المصرية لتعزيز العلاقات والتقارب ما بين حماس والقيادي المفصول عن حركة فتح محمد دحلان ([86]).
رد التنظيم على هذا التقارب بإغلاق الأنفاق، كما أفادت مصادر محلية في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، لفلسطين نت، أن تنظيم "ولاية سيناء"، أجبر التجار في مدينة رفح المصرية على وقف تهريب البضائع إلى قطاع غزة، وأن الأنفاق توقفت نهائيًا عن العمل في الأيام الثلاثة الأخيرة، وإن عناصر التنظيم قاموا بتهديد سائقي الشاحنات لمنعهم من مواصلة نقل البضائع إلى مناطق الأنفاق([87]).
ورجحت الصحفية الفلسطينية ميرفت عوف أن التنظيم قرر معاقبة حماس؛ لعدة أسباب ناجمة إلى حد كبير عن هذا التقارب، كضبط الحدود، واعتقال عناصر التنظيم، ومنع علاجهم في مستشفيات القطاع، إضافة إلى تشدد حماس في منع ميل بعض عناصرها لفكر التنظيم أو التعاطف معه، و هو ما استُخدم من قبل «ولاية سيناء» كورقة ضغط لتخريب التقارب مع النظام المصري([88])، وتفاقمت الأزمة بين التنظيمين بشكل كبير في نهاية ديسمبر 2016، في أعقاب شن حملة اعتقالات واسعة من قبل أمن حركة حماس في القطاع، ضد عناصر جهادية سفلية، موالية لحركة داعش أو تعبر عن تأييدها لقيم التنظيم. وقامت حماس وقف تقارير إخبارية عربية باعتقال 350 عنصرا([89]).
وقد كانت قيادة التنظيم الأم في وقت مبكر من عام 2013 نعتت حماس "بالمرتدة عن الدين"، وطالبت "ولاية سيناء" بتوضيح أسباب التعاون بينها وبين حماس، فقد كشفت مصادر -لجريدة المصدر- عن أن قيادة تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، طالبت في رسالة رسمية من قيادة "ولاية سيناء"، التابعة لها، توضيحات كاملة حول ما يتم تداوله حول علاقة مسئولين بالولاية مع حركة حماس، وتهريب الأسلحة والصواريخ إليها في الوقت الذي تحارب فيه الحركة عناصر جهادية تناصر داعش في غزة. فالرسالة اعتبرت أن ما يفعله قادة التنظيم في ولاية سيناء يجانب الشريعة الإسلامية الصحيحة بالتعامل مع حركة حماس كجهة "مرتدة عن الدين"([90]).
وكذلك " نفى الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، أشرف القدرة، في مارس من العام 2017، تصريحات منسق شئون الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية "يواف مردخاي، حول معالجة جرحى تنظيم "ولاية سيناء" داخل مستشفيات القطاع، بعد نقلهم عبر الأنفاق. وقال القدرة في تصريحات نشرها عبر صفحته على موقع "فيسبوك" إن تصريحات مردخاي توتيرية وعارية عن الصحة تمامًا، مؤكدًا أن المستشفيات الفلسطينية الحكومية تستقبل المرضى والجرحى المقيمين في قطاع غزة فقط"([91]).
وانتهت العلاقات بين التنظيم وحركة حماس للقطيعة التامة، حيث اصدر التنظيم في يناير 2018 اصدار بعنوان "ملة إبراهيم" أكد فيه التنظيم على تكفيرهم لحركة حماس وقادتها التاريخيين، واتهمتهم بالعمالة والخيانة للقضية الفلسطينية والإسلامية، وقامت في سابقة هي الأولى من نوعها بإعدام أحد كوادرها لتعاونه في نقل الأسلحة للحركة.
ولكن بوجه عام اتسمت التفاعلات بين "حماس" و "ولاية سيناء" بالبراجماتية، المبنية على المصالح الاقتصادية المشتركة، حيث يؤكد زاك جولد- الباحث في مركز مشروع الأمن الأمريكي- أن " المحنة الاقتصادية التي تعاني منها حركة حماس تدفعها إلى الحفاظ على الروابط مع المجموعات الجهادية في سيناء، حتى فيما تسعى إلى القضاء على الخلايا الجهادية في غزة"([92])، ومما يقوي هذا أن العلاقات نحت منحي سلبي مع تلويح النظام المصري بالبديل لحركة حماس، وكذلك " فإنه ليست لدى حماس مصلحة في السماح لمعسكر مستلهَم من تنظيم داعش العمل في غزة، والدليل على ذلك حملتها للقضاء على الخلايا التي أعلنت ولاءها للدولة الإسلامية في ربيع 2015"([93]).
المراجع
([1]) صفحة أنصار بيت المقدس، الجزيرة نت، https://goo.gl/3rS6AZ، 14/2/2018.
([2]) الإسكندراني، إسماعيل، إلى أين ينتهي الصراع المسلح في سيناء؟، مركز الجزيرة للدراسات، http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/02/20152311726421951.html
([3]) برتي، بينيديتا، وجولد، زاك، حماس والعلاقة الصعبة مع الدولة الإسلامية في غزة وسيناء، معهد كارنيجي للسلام، 12/1/2016، http://carnegieendowment.org/sada/62449
([4]) عاشور، عمر، تنظيم ولاية سيناء: الصعود العسكري والآثار السياسية، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، 2015.
([5]) يعاري، إهود، «حماس» وتنظيم «الدولة الإسلامية»: تزايد التعاون في سيناء، معهد واشنطن، 15/9/2015، http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/hamas-and-the-islamic-state-growing-cooperation-in-the-sinai
([6]) حجازي، أكرم، دراسات في السلفية الجهادية، مدارات للأبحاث والنشر، القاهرة، ط1، 2013، ص 33.
([7]) مصطفي بن عبد القادر بن مصطفي، سوري الأصل، المنظر السياسي الأبرز لتنظيم القاعدة. للمزيد انظر صفحة أبو مصعب السوري على موقع منبر التوحيد والجهاد tawhed.ws
([8]) السوري، أبو مصعب، دعوة المقاومة الإسلامية العالمية، كتاب الكتروني http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_808.html ، ص 926، الدخول للموقع في 19/5/2018.
([9]) «فيلق بدر» الإرهابي تاريخ أسود وجرائم غير مسبوقة، بغداد بوست، 3/1/2016، https://goo.gl/uTRDWj، الدخول للموقع في 5/2/2018.
([10]) صالح، عبد العزيز، عودة الصفويين، مكتبة الإمام البخاري، القاهرة، ط1، 2007م، ص 20-21.
([11]) الزرقاوي في بيان جديد: نقتل الشيعة لأنهم بدئوا بتصفية السنة، موقع العربية، 10/7/2005، https://goo.gl/BDfRCL، الدخول للموقع في 6/2/2018.
([12]) مفكر إسلامي من أصل يهودي، عاصر الملك عبد العزيز وصار من مستشاريه.
([13]) كشك، محمد جلال، السعوديون والحل الإسلامي، شركة مودي جرافيك، لندن، ط3، 1982، ص559.
([14]) المقدسي، أبو محمد، الزرقاوي مناصرة ومناصحة، موقع منبر التوحيد والجهاد، http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_7930.html، الدخول للموقع في 13/2/2018.
([15]) المقدسي، أبو محمد، الزرقاوي مناصرة ومناصحة، موقع منبر التوحيد والجهاد، http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_7930.html، الدخول للموقع في 13/2/2018.
([16]) صحوات العراق وسرعة الأفول، موقع الجزيرة نت، https://goo.gl/tc1gC9، الدخول للموقع في 10/1/2018.
([17]) وهو حزب يمثل جماعة الاخوان المسلمين في العراق، للمزيد: انظر ويكيبيديا الاخوان المسلمين، https://goo.gl/Z3cMoX.
([18]) مجالس الصحوات في العراق، موقع رسالة الإسلام، 11/4/2009، http://main.islammessage.com/newspage.aspx?id=1801، الدخول للموقع في 8/2/2018.
([19]) ويكيبيديا الاخوان المسلمين، https://goo.gl/Z3cMoX.
([20]) التميمي، عثمان بن عبد الرحمن، إعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام، مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي، كتاب الكتروني منشور على موقع منبر التوحيد والجهاد، http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_22214.html، ص 84.
([21]) سورة الممتحنة، الآية 4.
([22]) المقدسي، أبو محمد، ملة إبراهيم، ص15، كتاب الكتروني موقع منبر التوحيد والجهاد، http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_20383.html، الدخول للموقع في 11/2/2018.
([24]) هذا يعني أنه يجب عليك تكفير الفرد على التعيين، وليس تكفير نوع الفعل مع بقاء حكم الإسلام للفرد الواقع ضمن نطاق الفعل.
([25]) التونسي، أبو عبد الرحمن، تدرجات الحازمي في الغلو في التكفير وأسباب انحرافه، موقع منبر التوحيد والجهاد، http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_14510.html، الدخول للموقع في 11/2/2018.
([26]) التميمي، مرجع سابق، ص10.
([28]) اسمه عبدالرحمن العلي، مصري الجنسية، والذي تلقى العلوم الشرعية في باكستان، ووصل إلى الدراسات العليا، وشارك في القتال الأفغاني الأول. لكن الأهم من هذا وذاك، أنّه أصبح بمثابة "المرجعية الفقهية" لأبي مصعب الزرقاوي، مؤسس تنظيم "الدولة الإسلامية"، والأب الروحي له. المصدر: محمد أبو رمان، https://www.facebook.com/permalink.php?id=191306217549331&story_fbid=871345186212094
([29]) المهاجر، أبو عبد الله، مسائل من فقه الجهاد، ص18، كتاب منشور على موقع أرشيف https://archive.org/details/ozaaloza_gmail_20131108، الدخول في 1/5/2018.
([32]) الإسكندراني، إسماعيل، الحرب في سيناء: مكافحة إرهاب أم تحولات استراتيجية في التعاون والعداء؟، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، 2014م، ص 16.
([33]) عاشور، عمر، تنظيم ولاية سيناء: الصعود العسكري والآثار السياسية، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، 2015، ص4.
([34]) BBCعربي ، http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/07/150701_sainai_province_group
([35]) سر الأحجية المصرية، يقع الكتاب ضمن سلسلة كشف الأسرار، العدد 4 ، والتي يصدره الجبهة الإعلامية لنصرة الدولة الإسلامية، مؤسسة البتار الإعلامية، متوفر على شبكة الإنترنت justpaste.it/igsy في تاريخ 5-6-2017.
([36]) يعتقد أنه محمد خليل الحكايمة، القيادي في الجماعة الإسلامية المصرية، الذي أعلن التحاقه بتنظيم القاعدة عام 2006م. http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_2569.html.
([37]) انظر: سر الأحجية المصرية، مرجع سابق.
([38]) حمدان، جمال، سيناء في الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 1993م،ص 8.
([39]) عاشور،عمر، تنظيم "ولاية سيناء": الصعود العسكري والآثار السياسية، http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/07/201572974623635503.html، والاسكندراني، إسماعيل، خريطة السلاح في سيناء، https://goo.gl/oyMVGm، الدخول في 14/2/2018.
([40]) هناك ثلاثة خطوط دفاعية أساسية محددة بوضوح كامل، تتعاقب من الشرق إلى الغرب، أي من حدود مصر الشرقية حتى قناة السويس، الأول يمتد قرب الحدود ويكاد يوازيها، والثاني خط المضايق من السويس إلى البردويل، والثالث خط القناة نفسها، ويعد كل خط بمثابة "خط حياة لمصر". انظر: موقع مقاتل في الصحراء على شبكة الانترنت، http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Gography11/akaleem/sinaa/sec20.doc_cvt.htm
([41]) راجع: الإسكندراني، إسماعيل، الحرب في سيناء: مكافحة إرهاب أم تحولات استراتيجية في التعاون والعداء؟، مرجع سابق.
([42]) عمار، عباس، سيناء المدخل الشرقي لمصر، المركز العربي للأبحاث والنشر، الدوحة، ط2، 2014م، ص155.
([43]) مخابئ تنظيم "ولاية سيناء"، جريدة العربي الجديد، 28/12/2015، https://goo.gl/EAvDE9، الدخول في 14/2/2018.
([44]) متهمون في قضية «داعش» يكشفون هيكل «ولاية سيناء»، بوابة الحركات الإسلامية، http://www.islamist-movements.com/38082، الدخول في 1/5/2018.
([45]) مخابئ تنظيم "ولاية سيناء"، مرجع سابق.
([46]) تسجيل للشيخ إبراهيم المنيعي على قناة الجزيرة، منشور على يوتيوب تحت عنوان: مقـارنه بين الجيش المصري و ولاية سيناء، https://www.youtube.com/watch?v=JDf1hy8TGEY&t=3s
([47]) تليفزيون وطن، رئيس اتحاد قبائل سيناء إبراهيم المنيعي يدعوا الجيش إلى حل سياسي وإيقاف الانتهاكات بحق الأهالي، 27/4/2017، https://www.youtube.com/watch?v=BaakYclr_Rg&spfreload=10
([48]) رسالة من إبراهيم المنيعي -رئيس قبائل سيناء- بشأن الأوضاع الأمنية في سيناء، 25/4/2017، https://www.youtube.com/watch?v=koRzJemuEy0&spfreload=10
([49]) سيناء من يزرع الشوك، قناة الجزيرة، 2/7/2015، https://www.youtube.com/watch?v=hi6esvr06cQ
([50]) حرب تنظيم 'داعش' ذات الشقين في شبه جزيرة سيناء، the times of Israel، 7/7/2017، https://goo.gl/5LBG2z، الدخول في 13/2/2018.
([51]) الراجحي، إسلام، السواركة ثاني قبيلة تعلن استعدادها الحرب على «ولاية سيناء» بشروط، الخليج الجديد، 6/7/2017، http://thenewkhalij.org/node/68153، الدخول في 19/5/2018.
([52]) الإسكندراني، إسماعيل، إلى أين ينتهي الصراع المسلح في سيناء؟، مركز الجزيرة للدراسات، http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2015/02/20152311726421951.html
([53]) أنصار بيت المقدس، صراع الاحتواء بين "القاعدة" و"داعش"، بوابة الحركات الإسلامية، http://www.islamist-movements.com/2484
([54]) أبو طعمة، خالد، تنظيم "داعش" يصِل إلى غزة، Gatestone Institute، ٢٨/7/2016، https://goo.gl/5jBTxq، الدخول في 14/2/2018.
([55]) ممدوح، عبد الرحمن، صحيفة إسرائيلية: غزاويون ينضمون لـ"ولاية سيناء" عبر الأنفاق، دوت مصر، 27/2/2016، https://goo.gl/7fvNTz، الدخول في 13/2/2018.
([56]) يسخاروف، آفي، مقاتلون في وحدة النخبة لحركة حماس ينشقون عن الحركة وينضمون إلى داعش، تايمز أوف إسرائيل، 8/2/2017، https://goo.gl/egj62T، الدخول في 13/2/2018.
([57]) خالد، أسامة، البلك، صلاح، خريطة جماعات التكفير في سيناء، جريدة المصري اليوم، 8/2/2012، http://www.almasryalyoum.com/news/details/150267 ، الدخول في 13/2/2018.
([58]) سليم، احمد، الجيش يقصف مغارات الإرهاب في جبل الحلال، جريدة الأهرام المسائي، 25/9/2014، http://massai.ahram.org.eg/Archive/Inner.aspx?ContentID=60611 ، الدخول في 13/2/2018.
([59]) منصور، سماح، عمليات التطهير لا تتوقف نسر2 يحلق في سماء سيناء، جريدة الأهرام، 23/7/2013، https://goo.gl/w9i6Dn، 13/2/2018.
([60]) سيناء من يزرع الشوك، قناة الجزيرة، 2/7/2015، https://www.youtube.com/watch?v=hi6esvr06cQ
([61]) الراجحي، إسلام، «السواركة».. ثاني قبيلة تعلن استعدادها الحرب على «ولاية سيناء» بشروط، الخليج الجديد، 6/7/2017، http://thenewkhalij.org/node/68153
([62]) الإسكندراني، إسماعيل، مستقبل الجماعات الجهادية في سيناء في 2015، https://goo.gl/TBKTBb، في 13/2/2018.
([63]) سيناء من يزرع الشوك، قناة الجزيرة، 2/7/2015، https://www.youtube.com/watch?v=hi6esvr06cQ
([64]) مولانا، أحمد، أسطورة ضابط الصاعقة هشام عشماوي، مدونات الجزيرة، 24/10/2017، https://goo.gl/hdCgmp، في 13/2/2018.
([65]) سيناء من يزرع الشوك، مرجع سابق.
([67]) ممدوح، وائل، تركي، سيد، «المصري اليوم» تكشف بالصور والوثائق والإحداثيات: صاروخ «الكورنيت» من ترسانة القذافي إلى سيناء، 1/2/2017، جريدة المصري اليوم، http://www.almasryalyoum.com/news/details/1082841
([68]) أنصار الشريعة الليبي يبايع 'خليفة' تنظيم داعش، جريدة العربي اللندنية، 30/3/2015، http://www.alarab.co.uk/?id=48724
([69]) أنصار بيت المقدس صراع الاحتواء بين "القاعدة" و"داعش"، بوابة الحركات الإسلامية، http://www.islamist-movements.com/2484
([70]) خالد أبو طعمة، مرجع سابق.
([71]) إسماعيل الاسكندراني، مستقبل الجماعات الجهادية في سيناء في 2015، مرجع سابق.
([72]) خالد أبو طعمة، مرجع سابق.
([73]) ميرفت عوف، تنظيم «ولاية سيناء» يعاقب حماس ويفاقم حصارها، ساسة بوست، 24/12/2016، https://www.sasapost.com/state-of-sinai-hamas/
([74]) تنظيم "ولاية سيناء" يغلق أنفاق رفح، موقع فلسطين نت، 11/12/2016، https://goo.gl/W39oRy، في 14/2/2018.
([75]) Eran Zohar, "The arming of non-state actors in the Gaza strip and Sinai peninsula", Australian journal of international affairs, Vol.69, No.4, August 2015, PP 438-461, https://goo.gl/ubdxtS, accessed at 12/2/2018.
([76]) متولي، محمد، تفجير خطوط الغاز: 30 محاولة ناجحة والفاعل "ملثم"، جريدة الوطن، 31/5/2015، http://www.elwatannews.com/news/details/741059.
([77]) التهامي، عمرو، أهم عمليات أنصار بيت المقدس، المصري اليوم، 16/2/2014، http://www.almasryalyoum.com/news/details/394955.
([78]) جماعة "ولاية سيناء" تتبنى إطلاق صواريخ صوب مدينة إيلات الإسرائيلية، BBC Arabic، 9/2/2017، http://www.bbc.com/arabic/middleeast-38918071
([79]) النعامي، صالح، إسرائيل: السيسي سمح لنا بشن هجمات ضد "ولاية سيناء"، 11/7/2016، https://goo.gl/Bacpkm، 15/2/2018.
([80]) حميد، صالح، هل باعت إيران أسلحة لـ "داعش" في سيناء؟، 11/8/2016، العربية نت، https://goo.gl/MBwJiX، 15/2/2018.
([81]) إيران تطمئن القاهرة وتنفي تزويد التنظيمات الإرهابية في «سيناء» بالسلاح، الخليج الجديد، 13/4/2017، http://thenewkhalij.org/ar/node/64873
([82]) يعاري، إهود، «حماس» وتنظيم «الدولة الإسلامية»: تزايد التعاون في سيناء، معهد واشنطن، 15/9/2015، http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/hamas-and-the-islamic-state-growing-cooperation-in-the-sinai
([83]) برتي، بينيديتا، وجولد، زاك، حماس والعلاقة الصعبة مع الدولة الإسلامية في غزة وسيناء، معهد كارنيجي للسلام، 12/1/2016، http://carnegieendowment.org/sada/62449
([84]) يعاري، إهود، مرجع سابق.
([85]) تقارب بين "حماس″ ومصر تفرضه "المصالح المشتركة"، القدس العربي، 4/1/2017، http://www.alquds.co.uk/?p=654508
([86]) منيعم، رحاب، إسرائيل تتابع تقارب النظام المصري وحماس ومفاوضات عودة دحلان، جريدة الفجر، 4/7/2017، http://www.elfagr.org/2657726
([87]) تنظيم "ولاية سيناء" يغلق أنفاق رفح، فلسطين نت، 11/12/2016، https://goo.gl/RQyVLi، 15/2/2018.
([88]) عوف، ميرفت، تنظيم «ولاية سيناء» يعاقب حماس ويفاقم حصارها، 24/12/2016، نون بوست، https://www.sasapost.com/state-of-sinai-hamas/
([89]) توتر شديد بين حماس وولاية سيناء، جريدة المصدر، 27/11/2016، https://goo.gl/Rd1m4h، 15/2/2018.
([90]) واكد، على، داعش تطلب من قيادة ولاية سيناء توضيحات حول علاقتها مع حماس، 13/3/2016، https://goo.gl/tnUY4y، 14/2/2018.
([91]) القدرة ينفي علاج عناصر "ولاية سيناء" في غزة، الوكالة الوطنية للإعلام، 31/3/2017، https://goo.gl/RkRPHs، 15/2/2018.